التصحر هو تدهور وانخفاض القدرة الإنتاجية للأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، والمعروفة مجتمعةً باسم الأراضي الجافة، وينتج عن العديد من العوامل، بما في ذلك الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية. ازداد نطاق التصحر وشدته في بعض مناطق الأراضي الجافة على مدى العقود العديدة الماضية، حيث تغطي الأراضي الجافة حاليًّا حوالي 46.2% من مساحة اليابسة، والتي تعدّ موطنًا لـ3 مليارات شخص.
عمليات التصحر متعددة الأسباب والنتائج ومعقدة؛ لذا من الصعب أن يتم تحديدها كميًّا وتقييمها برقم معين. من خلال انخفاض إنتاجية الغطاء النباتي بين ثمانينيات القرن العشرين وأواخر القرن العشرين، فقد امتدت آثار التصحر إلى حوالي 9.2% من الأراضي الجافة، ممّا أثّر على حوالي 500 مليون شخص في عام 2015، أغلبهم يعيشون في جنوب وشرق آسيا، ومنطقة الصحراء الكبرى، بما في ذلك شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
تعد المنطقة العربية واحدة من أكثر مناطق العالم هشاشة في نظامها البيئي، حيث يصنف حوالي 90 في المئة من مساحاتها ضمن المساحات الجافة وشديدة الجفاف، وحوالي 43 في المئة منها على الأقل صحارى، وأنّ حوالي 72% من مساحات الدول العربية تحصل على معدل أمطار سنوي أقل من 100 مليمتر، كما أنّ التصحر قضية عالمية لها آثار خطيرة على التنوع البيولوجي والسلامة الإيكولوجية والقضاء على الفقر والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة.
وتعدّ الأراضي الجافة هشة بالفعل، وعندما تتدهور فإنّ التأثير على الناس والماشية والبيئة يمكن أن يكون مدمّرًا. وقد يُشرّد نحو 50 مليون شخص خلال السنوات العشر القادمة نتيجة للتصحر.
مسألة التصحر ليست جديدة، فقد لعبت دورًا هامًّا في تاريخ البشرية، وأسهمت في انهيار العديد من الإمبراطوريات الكبيرة وتشريد السكان المحليين. ولكن اليوم، تقدر وتيرة تدهور الأراضي الصالحة للزراعة بمعدل يتراوح بين 30 و35 ضعف المعدل التاريخي.
شكل رقم 1: المساحات التي تتعرض للتصحر في الدول العربية- 2012 (ألف كيلو متر مربع) (المصدر: Statistica)
جغرافيا اليمن
تقع اليمن في الركن الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية، وتبلغ مساحتها نحو 555 ألف كيلومتر مربع، وتطل على البحر الأحمر من الغرب وعلى خليج عدن والبحر العربي من الجنوب. يوجد في اليمن خمسة أنظمة برية رئيسية: 1) السهل الساحلي الحار والرطب، 2) مرتفعات اليمن المعتدلة، 3) الهضاب اليمنية العالية ومرتفعات حضرموت - المهرة، 4) الصحراء الداخلية، و5) الجزر. هذه التضاريس للجبال الوعرة والمرتفعات والصحاري والسهول الساحلية، إلى جانب الظروف الجوية القاحلة، تجعل العديد من المناطق عرضة للتصحر والفيضانات. العديد من المناطق البيئية هشة ومحصورة في مناطق صغيرة، حيث تتكيف المجتمعات والنباتات والحيوانات بشكل كبير للعيش داخلها.
اليمن دولة زراعية حيث كان القطـاع الزراعي موردًا هامًّا في بيئة الاقتصاد اليمني، ولكن الأداء الاقتصادي تراجع للقطاع الزراعي من 75% في الفترة (1970-1976) إلى 20% في عام 1990، وحاليًّا يساهم بحوالي 17% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعتمد حوالي 76% من السكان في معيشتهم على الزراعة والرعي، ويمثل 58% مـن إجمالـي القوى العاملة.
وتستهلك الزراعة 90% من المياه، ممّا أدّى إلى استنزاف المياه الجوفـية فـي أغلب الأحواض المائية؛ وبالتالي ظهور مؤشرات التصحر، كما تصنّف اليمن ضمن البلدان الفقيرة، حيث تشير التقارير إلى تفاقم نطاق الفقر في السنوات الأخيرة، والذي يدفع الكثير إلى ممارسة أنشطة اقتصادية مضرّة بالبيئة والموارد الطبيعية، ويخلق عقبة في وجه التنمية المستدامة.
يعاني اليمن من تغيرات مناخية وسوء استغلال الموارد المائية والزراعية، مما يساهم في تفاقم مشكلة التصحر، بينما تتسبّب الرياح الجافة والارتفاعات الجبلية في تجفيف التربة وتآكلها، ممّا يؤدّي إلى فقدان التربة الزراعية الخصبة وتدهور البيئة الطبيعية.
هذا، وتعتبر اليمن من المناطق الجافة وشبه الجافة ذات الموارد الطبيعية المحدودة، ويعاني من جفاف مناخه وتضاريسه الجبلية والسهلية والصحراوية المتنوعة والوعرة والتي تعاني من محدودية المياه فيها، وكلّ ذلك يؤدّي إلى نشوء بيئة قاسية ومتقلبة. في وقت يشكّل فيه القطاع الزراعي موردًا هامًّا في بنية الاقتصاد اليمني، إذ يعتمد نحو ثلاثة أرباع السكان في معيشتهم على الزراعة والرعي، وتستهلك الزراعة نحو 90% من المياه، ممّا أدّى إلى استنزاف المياه الجوفية، ما أدّى بدوره إلى بروز مؤشرات مشكلة التصحر الذي يعاني منه القطاع الزراعي المورد الأساس لحياة الناس في اليمن.
البيانات الرسمية تشير إلى أنّ مساحة الأراضي المتصحرة في اليمن، تبلغ نحو 405 آلاف كيلومتر مربع، أيّ ما نسبته 71.6% من إجمالي المساحة أراضٍ متصحرة، بينما تصل المساحة المهددة بالتصحر إلى 15.9% من إجمالي مساحة البلاد.
بالنسبة للأمطار فهي عالية في المناطق الجبلية الغربية (أكثر من ألف مليمتر في السنة)، ولكنها منخفضة فيما عداها. ليس في اليمن أنهار دائمة، والمياه السطحية عبارة عن سيول موسمية تتجمع في الوديان. وتُقدر موارد السيول بحوالي 2700 مليون متر مكعب في السنة؛ وبالتالي فإنّ المياه الجوفية تعتبر مصدرًا مهمًّا يتم استغلاله عن طريق الأحواض الجوفية المائية، حيث توجد عدد من الأحواض، بعضها قريب (30-40 مترًا)، وبعضها عميق، وتُقدر الأراضي المرويّة بحوالي 300 ألف هكتار تعتمد معظمها على مياه الآبار.
شكل رقم 2: المناطق الزراعية البيئية والأراضي الزراعية في اليمن (المصدر: Breisinger et al. 2011)
شكل رقم 3: الخرائط الطبيعية والسكانية لليمن، للفترة (1980-2020)- المصدر: ecobs
التصحر في اليمن
التصحر في اليمن هو مشكلة بيئية خطيرة، فاليمن تعاني من تغيرات مناخية وسوء استغلال الموارد المائية والزراعية، مما يساهم في تفاقم مشكلة التصحر، بينما تتسبّب الرياح الجافة والارتفاعات الجبلية في تجفيف التربة وتآكلها، ما يؤدّي إلى فقدان التربة الزراعية الخصبة وتدهور البيئة الطبيعية. ويتمثّل ذلك في (تدهور الأراضي الزراعية والمراعي وتدمير النمو الشجري)، وتزيد عليها ظواهر الانجراف البالغ الذي يرجع إلى التضاريس الجبلية، إضافة إلى تدهور الموارد الطبيعية المختلفة من مياه ونبات، إضافة إلى التعرية الهوائية والمائية وتملّح التربة وزحف الرمال والتوسع العمراني.
دراسة حكومية تمت بمشاركة منظمات من الأمم المتحدة، ناقشت تأثير التغيرات المناخية على البلاد خلال العقود القليلة المقبلة، أشارت إلى أنّ زيادة نسبة الأراضي المتصحرة إلى 86% من إجمالي مساحة الدولة، وأعادت أسباب ذلك إلى التغيرات المناخية وسوء استخدام المياه الجوفية، وتدهور الموارد الطبيعية والتوسع العمراني.
للتصحر آثار خطيرة على التنوع البيولوجي والسلامة الإيكولوجية والقضاء على الفقر والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة. تظهر الآثار السلبية لظاهرة التصحر في اليمن، في نقصان الغطاء النباتي وخصوبة التربة وتدهور إنتاجية الأرض وقلة الغلة والمحاصيل الزراعية، واستنزاف المياه السطحية والجوفية وتدهور الحياة الفطرية.
يـأخذ التصـحر فـي الجمهوريـة اليمنية أشكالًا متعددة، تتمثّل في تدهور الموارد الطبيعية المختلفة من أراضٍ ومياه ونبات وحيوان فطري، وتظهر الآثار السلبية على الغطاء النباتي وإنتاجية الأرض والمـياه السـطحية والجوفـية والحـياة الفطرية. وتشير التقديرات إجمالًا إلى أنّ 97% من الأراضي في الجمهورية اليمنية تعاني من التصحر بدرجات متفاوتة ذات أشكال متعددة، مثل التعرية الهوائـية والمائـية وتملـح التربة وزحف الرمال والتوسع العمراني، وتلعب العوامل الطبيعية مثل المناخ والطبوغرافيا والجيولوجية دورًا هامًّا في تطور عمليات التصحر.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ أكثر الأسباب شيوعًا والمؤدية إلى التصحر هي المشاكل الناتجة عن النمو السكاني، وازدياد الطلب على الغذاء والأعلاف وحطب الوقود وخشب البناء، ممّا يؤدّي إلى تدهور الموارد الطبيعية المختلفة، نتـيجة سوء استخدام الموارد الأرضية والحراجية والرعوية، ويضاف إلى ذلك الممارسات الزراعية غير المناسبة. (التقرير الوطني لمكافحة التصحر في اليمن – 2002).
كما تعاني اليمن من مجموعة من المشاكل البيئية التي تؤثر سلبًا على البيئة والموارد الطبيعية، منها:
شكل رقم 4: العوامل المرتبطة بالتغيرات المناخية والمسببة للتصحر والجفاف
من الخريطة أدناه، نجد أنّ اليمن تقع ضمن نطاق الأراضي الجافة وشديدة الجفاف، حسب خريطة التوزيع الجغرافي للأراضي الجافة.
شكل رقم 5: التوزيع الجغرافي للأراضي الجافة، محدد على أساس مؤشر الجفاف: رطب > 0.65، 0.50 < شبه رطب ≤ 0.65، 0.20 < شبه جاف ≤ 0.50، 0.05 < جاف ≤ 0.20، شديد الجفاف < 0.05. المصدر: (Abatzoglou et al. 2018).
آثار التصحر في اليمن
للتصحر آثار خطيرة على التنوع البيولوجي والسلامة الإيكولوجية والقضاء على الفقر والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة. تظهر الآثار السلبية لظاهرة التصحر في اليمن في نقصان الغطاء النباتي وخصوبة التربة، وتدهور إنتاجية الأرض وقلة الغلة والمحاصيل الزراعية، واستنزاف المياه السطحية والجوفية وتدهور الحياة الفطرية والإنتاج الحيواني... إلخ، وينعكس ذلك أيضًا سلبًا على تدهور معيشة السكان وعائقًا أمام خطط التنمية الريفية المستدامة والمتكاملة. ويمكن القول إنّ هنالك عدة عوامل وأسباب أدّت إلى بروز مشكلة التصحر؛ أبرزها العوامل الطبيعية، منها أسباب مناخية، كندرة الأمطار الموسمية، وتعاقب سنوات الجفاف، ومنها الأسباب الطبوغرافية والمتمثلة بطبيعة الأرض والصخور التي كونتها.
سوء استغلال
للتصحر وتغير المناخ آثار مشتركة على التنمية الاجتماعية – الاقتصادية في الأراضي الجاف،، حيث يعتبر أسلوب التعامل السيئ مع الموارد الطبيعية وسوء استغلالها، من العوامل المؤثرة والمسببة لبروز مشكلة التصحر، ويتمثل ذلك في العمليات الزراعية الخاطئة، وكذا في سوء استغلال المياه الجوفية.
إضافة إلى ما تقدم من عوامل وأسباب التصحر في اليمن، فإنه لا بد من الإشارة إلى المشاكل الناتجة عن النمو السكاني، وازدياد الطلب على الأعلاف وحطب الوقود وخشب البناء، أيضًا من العوامل والأسباب المؤدية لمشكلة التصحر في اليمن.
في المؤشرات الدولية، تحتل اليمن المرتبة الـ168 من بين 182 دولة، من حيث القدرة على التكيف العالمي والاستعداد للتغيرات المناخية، في حين تتوقع تقارير دولية تفاقم الانكماش في الاقتصاد اليمني بسبب تغير المناخ. هذا بالإضافة إلى أنّ اليمن يحتل المرتبة الـ20 بين الدول التي تعاني من إجهاد مائي مرتفع، وأنّ ذلك يزيد من احتمالية الوقوع في فقر مائي بسبب أنظمة الري التقليدية، وزراعة نبتة القات التي تستهلك الكثير من المياه، بالإضافة إلى التغيرات المناخية والانبعاثات المرتفعة لغازات الاحتباس الحراري، والتي تقلل من فرص هطول الأمطار، ووجود معدلات الهطول غير المتكافئة من الأمطار والفيضانات.
تأثيرات المناخ
تعدّ التغيرات المناخية أحد العوامل الأساسية التي تؤدّي إلى حدوث ظاهرة التصحر. وهناك ارتباط وثيق الصلة بين التصحر والتغيرات المناخية، حيث إنّها تؤدّي إلى حدوث تصحر في حين أنّ زيادة التصحر تؤدّي بالضرورة إلى زيادة في التغيرات المناخية.
في الوضع الراهن، هنالك ما يشير إلى اتجاه نوعية الأرض إلى التدهور، وتتمثل مؤشرات تدهور الأراضي في ظواهر تزايد مساحة الأراضي المصابة بالتملح وارتفاع مستوى الماء الأرضي، وغيرها من ظواهر التصحر، وكلّها تؤدّي إما إلى خروج الأرض الزراعية من عملية الإنتاج الزراعي كلية أو إلى تناقص إنتاجية الأرض.
شكل رقم 6: بالإضافة إلى العامل البشري، هذه العوامل الرئيسية المرتبطة بالتغييرات المناخية والتصحر.
جانب آخر يعزز ويفاقم المشكلة هو الصراع. وهنا، نؤكّد أنّ تغير المناخ والتصحر قد يعزز الصراعات المحلية ويزيد عددها، هناك أبحاث ودراسات تشير إلى أن التغيرات المناخية وندرة المطر، تزيد من العنف بين الأشخاص بنسبة 4٪، والصراع بين المجموعات بنسبة 14٪ (Hsiang et al. 2013). دراسة أخرى أثبتت أنه خلال الفترة (1990-2011) زاد احتمال حدوث أعمال شغب في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بنسبة 8.3%.
هناك خطورة قادمة في أنّ تغير المناخ سيزيد من ضعف سكان الأراضي الجافة أمام التصحر، وأن مجموعة الضغوط الناجمة عن تغير المناخ والتصحر ستقلل من فرص الحد من الفقر، وتعزيز الأمن الغذائي، وتمكين المرأة، والحد من انتشار الأمراض، وتحسين فرص الحصول على المياه والمرافق الصحية.
فيما يخص اليمن فإنّ الحرب الحالية والظروف المعيشية في اليمن، تسبّبت في تفاقم أزمة المياه في اليمن التي تعاني منذ فترة طويلة من مستوى حادّ في ندرة المياه، حيث أشارت دراسة نشرتها الجارديان في 2015، أن 50% من الشعب اليمني (13 مليونًا) يعانون يوميًّا من نقص المياه النظيفة للشرب أو الزراعة، وأوضحت الأبحاث التي أجرتها جامعة صنعاء أنّ حوالي 70-80% من النزاعات في اليمن تدور حول المياه، وعادة ما يعاني الفقراء والضعفاء في هذه الصراعات، ممّا يجعلهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
هذا الرقم قد زاد، لا سيما ونحن في السنة التاسعة للحرب في اليمن، وهنالك أضرار كبيرة لحقت بالبنية التحتية، بالإضافة إلى آثار تغيّر المناخ والمخاطر الطبيعية، وتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية، واضطراب الواردات، خاصةً الوقود، جميع هذه العوامل ساهمت في انعدام الأمن المائي في اليمن، والذي تسبّب بدوره، بشكل أو بآخر، في زيادة الصراع المحلي على مصادر المياه والأراضي الزراعية.
شكل رقم 7: التغير في الكتلة الأحيائية الكلية total Biomass change بين فترة ما قبل الصراع وفترة النزاع ceobs) )
في رؤية شاملة للأهداف الأممية، ومن خلال تقييم آثار التصحر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة (UN 2015). نجد أنّ اليمن متأخرة بشكل لافت في تحقيق الأهداف الأممية. ومع ذلك، فإنّ للتصحر وتغير المناخ أثر كبير في جميع الأهداف، وفي الأخص على العوامل الاجتماعية والاقتصادية والمؤسسية والسياسية الأخرى، وعلى رأسها الهدف الأول: إنهاء الفقر، والهدف الثاني الخاص بإنهاء الجوع، بالإضافة إلى تأثيرات متفاوتة في الأهداف الأخرى (Pradhan et al. 2017).
بَيدَ أنّ هناك خطورة قادمة في أن تغير المناخ سيزيد من ضعف سكان الأراضي الجافة أمام التصحر، وأنّ مجموعة الضغوط الناجمة عن تغير المناخ والتصحر، ستقلل من فرص الحدّ من الفقر، وتعزيز الأمن الغذائي، وتمكين المرأة، والحد من انتشار الأمراض، وتحسين فرص الحصول على المياه والمرافق الصحية.
وهنا عند مراجعة تأثير التصحر الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من الهدف (15) من أهداف التنمية المستدامة (الغاية 15.3)، وتغير المناخ في إطار الهدف (13) من أهداف التنمية المستدامة، نجد أنّ التداخلات بين التصحر وتغير المناخ تؤثر بشدة على تحقيق غايتي الهدفين الـ13 (العمل المناخي)، والـ15 (الحياة على الأرض)، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى إجراءات سياسية فعالة بشأن حياد تدهور الأراضي والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه (IPCC).
شكل رقم 8: تقييم أداء اليمن في تحقيق مؤشرات التنمية المستدامة (المصدر: NDC-SDG Connection)
شكل رقم 9: الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتصحر وتغير المناخ مع إطار أهداف التنمية المستدامة. المصدر: (IPCC)
https://www.ipcc.ch/site/assets/uploads/sites/4/2019/11/Figure-3.9.jpg
التغلب على مشكلة التصحر
هنالك جهود من قبل الحكومة في اليمن لمواجهة هذه المشاكل، من خلال بعض الخطط والبرامج التي تهدف إلى تنفيذ مشاريع للتصدي للتصحر، بما في ذلك زراعة الأشجار وتحسين التقنيات الزراعية المستدامة وإدارة الموارد المائية.
حيث تم وضع خطة وطنية لمكافحة التصحر في 2002، ونفّذت اليمن عددًا من المشاريع ذات العلاقة المباشرة بقضايا التصحر في مناطق مختلفة من البلاد، هدفت إلى مقاومة انجراف التربة وتثبيت الكثبان الرملية وحصر وتصنيف الأراضي الصالحة للزراعة والحفاظ عليها، ومشاريع أخرى تهدف إلى تنمية الغابات وزيادة المساحات الخضراء.
من أهم البرامج التي تهدف إلى مكافحة التصحر في اليمن، كان لها علاقة مباشرة ببرامج التخفيف من حدة الفقر، الذي يهدف إلى تنمية المجتمعات المحلية وخلق توازن فيها، بالإضافة إلى استراتيجية المياه منذ عام 1998، والتي هدفت إلى معالجة اختلالات في معادلة السكان وموارد المياه.
كما يتعاون اليمن مع المنظمات الدولية والمؤسسات الإقليمية للتصدي لهذه المشكلة وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال إدارة التصحر، من خلال عده نشاطات. كل هذه الجهود كانت محط شكر وتقدير من أبناء البلاد، ولكنها تلاشت، وخصوصًا بعد دخول اليمن في صراع لأكثر من تسع سنوات.
في الختام
أدّى التصحر بشكل مباشر إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية والدخل الزراعي، وأسهم في فقدان التنوع البيولوجي في بعض مناطق الأراضي الجافة. وفي العديد من مناطق الأراضي الجافة، وانتشار النباتات والحشائش غير المرغوبة في الرعي (invasive plants)، إلى خسائر في خدمات النظم الإيكولوجية، في حين أنّ التصحر يسبب الإفراط في استخراج المياه الجوفية، وبالتالي يؤدّي إلى استنفاد المياه الجوفية.
هذا بالإضافة إلى أنّ الإدارة غير المستدامة للأراضي، ولا سيما عندما تقترن بالجفاف، تساهم في زيادة نشاط العواصف الترابية، ممّا سبب تبعات صحية على من يعيش في مناطق الأراضي الجافة وخارجها. كما تتسبب العواصف الرملية العالية الكثافة وتحركات الكثبان الرملية، في تعطيل وإلحاق أضرار بالبنى التحتية في قطاع النقل، وكذا في محطات توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
من خلال التجربة، تبيّن أنّ الدعم والمساعدة المقدمة من الدول والمنظمات الدولية المعنية بمكافحـة التصحر، قد مكّنت الجهات المعنية في اليمن، خاصة الإدارة العامة للغابات ومكافحة التصـحر، من تنفيذ بعض إجراءات الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر، ولا شـك أنّ استمرارية تنفيذ فعاليات الاتفاقية بشكل أوسع وأفضل يحتاج إلى تضافر الجهود لتنفيذ حلولٍ شاملة وجهودٍ مشتركة بين الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية للحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد.
التصحر يعد من أهم المشاكل البيئية الهامّة التي تعاني منها اليمن، ولهذا قامت اليمن بتنفيذ عددٍ من الأنشطة المتعلقة بتطبيق اتفاقية الأمـم المـتحدة لمكافحة التصحر، خاصة تنفيذ بعض المشاريع الهادفة إلى مكافحة التصـحر وحماية البيئة بهدف صيانة الموارد الطبيعية وترشيد استثمارها، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، ويجب العمل على إعادة تفعيل المشاريع المتعثرة، ووضع سياسات واستراتيجيات للإدارة المستدامة للأراضي ومكافحة التصحر على مستوى البلد مع مجموعة من التدابير المؤسساتية والمالية التي تهدف إلى تقليل هذا الضرر الكبير.