كلمات: محمد بن عبدالله شرف الدين
غناء: الفنان محمد حمود الحارثي
ألحان: محمد حمود الحارثي
يــا مــغـيـر الغَـزالة وَالغَـزال، أغنية شديدة العذوبة، وتشير إلى المدرسة الكوكبانية الشعرية والغنائية معًا، التي صارت أحد أهم معالم الموشح اليمني (الغناء الصنعاني) وشعر الحمينية التاريخي.
تقول كلمات الأغنية:
يــا مــغـيـر الغَـزالة وَالغَـزال
هــاكَ روحــي وجُــد لي بـالوِصـال
مـا تَـرى دمـع عـَيـنـي كَـيـف سال
مِــن صُــدودك وَحــالي كَــيـف حـال
كَـيـفَ تـعـذّب شَـجـي مـشـتاق إِلَيك
حـيـنَ درَيـت أَنَّ روحـه فـي يَـديك
أَنـتَ تَـرضـى أَمـوت يـاسـين عليك
آه وَاللَّه مـــا فِـــعـــلك حَـــلال
أَنــتَ عــيــنـي وَعـيـنـي تـعـشـقـك
وَيه ما أَحلاك وَما أَعذَب منطقك
وَالنَّبِي وَالنَّبِي ما أَسخَى أفرقك
وَأَنـتَ كـالبَـدر مـن ذا لِه يَـنـال
مُهـجـتـي مـن جـفـاك دامـي جَـريح
وَأَنـتَ تَـضـحَـك وَتَـلعَـب يـا مَـليح
مِـن صَـحـيـح يـا حَـبيبي مِن صَحيح
ذا حَــسَــن مــنــك أَو هَــذا دَلال
زر مــحــبّــك إِذا نــام الغَـيـور
تَــتــصـدق تَـصـوم تـوفـي النـذور
وَالنَّـبــي مــا يــضـرّك لَو تَـزور
حـيـن مـن حـيـن ليـلة مـن لَيـال
حـــالَ لَمّـــا تــجــليــت النَّــظــر
قُـــلتُ هَـــذا مــلك أَم ذا قــمــر
حــــاشَ لِلَّه مــــا هَــــذا بَـــشـــر
غــايَــة الحــسـن هَـذا وَالجـمـال
الَّذي قَــد قَــضــى لي عــشــقــتــك
قــادِر أَنَّه يــســهّــل وفــقـتـك
إِصــبــعــي نــاشـبـة فـي حـلقـتـك
جــيــت شــاجــرهـا ذا شـي مـحـال
لَيــتَ مــن شــم عــرفــك شــمَّتـَيـن
كــل شــمّة مَــعــاهــا بــوســتـيـن
لَيــتَـنـي حـيـن تـغـمِـض كـل عـيـن
أَعــتَــنِــق غــصـن قـدك يـا هِـلال
لَيـــتَ مَـــن كَــلَّمــك حــتَّى كــلام
أَو رَســولك يــجــيـنـي بـالسَّلام
كَــيـف تـرقـد وَعـيـنـي لا تَـنـام
ذا يَـجـوز لَك تَعال قل لي تَعال
لَيــت مــن مــص ريــقَه مــبــسـمـك
أو يـبـات فـي فَـمـي لَيـلة فـمـك
نَــتــعــانَـق سـمَـك يـاكـل سمك
بِــيَــمــيــنــي أَضــمَّك وَالشـمـال
بِـــتُّ أَلعَـــب بِــأَفــكــاري دُسُــوت
حـيـنَ تَـقـول ما (تزرني) لَو أَموت
وَأَقــول حــيــن وَالأشـيـا بـخـوت
لَو مَــعـي بَـخـت كـان لي اتـصـال
قــطّ مـا يـتـركَ اللَّه لي نَـصـيـب
مِــن وِصــالك وظــنـّـي لا يَــخـيـب
ذا عَــلى اللَّه سـبـحـانـه قَـريـب
لا بــحــولي وَلا بالاحتيال
قصائد ابن شرف الدين الحمينية التي غنّاها الفنان الحارثي بها الكثير من الدفء، في فضاء الاستماع الشعبي في اليمن، ولعلّ الدليل في أغنيته (عليك سموني وسمسموني) التي لم تزل طرية يانعة حتى اليوم، بعد نصف قرن من رواجها بصوت الحارثي، قبل أن تتعاقب في صوته العديد من القصائد مغنّاة، ومنها قصيدة (يا مغير الغزالة والغزال).
عن الشاعر
هو محمد بن عبدالله ابن الإمام شرف الدين يحيى الكوكباني، أحد أبرز شعراء الحمينية في اليمن.
يقول عنه محمد عبده غانم، في كتابه "شعر الغناء الصنعاني":
"من الشعراء الذين أُولعوا بنظم الشعر الحميني، ويبدو أنّه ضرب في ذلك مثلًا لغيره من كبار الزيود ورفع من قيمة الشعر الحميني الذي كان يُنظر إليه شزرًا في الأوساط الأدبية المتمسكة بالشعر الفصيح.
ومع أنّ الشعر الحميني الذي أسهم به ابن شرف الدين في الغناء الصنعاني، بالغُ الأهمية من حيث الكمية، إلّا أنّ أهمية هذا الشعر الحقيقية تأتي في الأول من ناحية الجودة التي يحلق بها الشاعر فوق معظم شعراء الحمينية في الغناء الصنعاني، إن لم نقل فوقهم كلهم، وهو أول شاعر يسهم بقصيدة حمينية في الغناء الصنعاني يستعمل فيها القصة والحوار في وصفٍ دقيق لإحدى اللقاءات الغرامية"(1).
أمّا الدكتور عبدالعزيز المقالح، فقد وصفه في كتاب "شعر العامية في اليمن":
"شاعر الحب ومغنّي الجمال، من أسرة أرستقراطية مالكة، خاض أفرادها حربًا طاحنة في سبيل الاحتفاظ بالإمامة، وبالرغم من نشأة الشاعر الأرستقراطية ومن أنّه وجد نفسه في مجتمع منغمس في الحروب، وفي أسرة انخرط أفرادها في الصراع ضدّ منافسيهم من الأئمة وغيرهم، فإنّه احتفظ لنفسه بموقف مخالف، فكان نديم الهوى والجمال، ورفيق الشعر والطرب. لم تضطرّه الحاجة إلى التكسب بالشعر"(2).
عن الفنان
وُلد محمد حمود بن يحيى الحارثي في مدينة (كوكبان) عام 1933، وتُوفِّي في صنعاء في 2007، وهو واحد من أعمد الفن اليمني الكبار وخصوصًا في غناء الموشح اليمني (الغناء الصنعاني).
بدأ الغناء وهو في العاشرة من عمره فكان يغني لزملائه في الكتاب وفي كل لحظة يخلو فيها مع نفسه، وعندما انتقل إلى المدرسة العلمية كان قد عرف عنه جمال الصوت وحسن الأداء مما رشحه من قبل معلميه للقيام بتجويد القرآن الكريم، وبعد تخرجه اضطرّ للعمل في فلاحة وزراعة الأرض التي ارتبط بها.
في عام 1957، تقريبًا كانت له أول زيارة لمدينة صنعاء، وفيها بدأت موهبته في الغناء والعزف تتفتّق، ممّا شجّعه على الغناء عند بعض الزملاء والمقربين في المناظر (مجالس مضغ القات)، وعرفه على الفنانين.
عقب قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، سجّل لإذاعة صنعاء عددًا من الأناشيد الثورية، مثل: (سحقنا الطغاة)، و(الجمهورية فيها الحرية)، و(يا سبتمبر يا مرج التاريخ الأخضر)، كما سجّل أولى أغانيه العاطفية، وهي أغنية (حُمَيِّمة)، في عام1970. وقد ذاعت شهرة الفنان الحارثي بعد أن أنشد (هذه أرضي وهذا وطني)، ثم توالت بعد ذلك إصداراته الغنائية.
وسجّل الحارثي بعد ذلك عددًا كبيرًا من أشرطة الكاست، ومن أشهر أغانيه: (ردَّ السلام)، و(يا فرحتي للرعية)، و(ما أجمل الصبح)، و(الشوق أعياني)، و(عليك سمّوني وسمسموني)، و(جلَّ من نفّس الصباح)، و(خِلِّي جفاني بلا سبب).
غنّى لكثيرٍ من شعراء اليمن المعاصرين، أمثال: عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول)، مطهر الإرياني، محمد الذهباني، أحمد العماري، وعثمان أبو ماهر.
يقول عنه الراحل د. أبوبكر السقاف:
"أعترف أنّ غناءَه بدا لي غير جذّاب، ربما لأنّي تعودت الاستماع إلى الأغاني الشمالية بأصوات فنّانين جنوبيين ولسنوات طويلة، منهم: المسلمي، والجراش، والقعطبي، والعنتري، وفضل اللحجي، وعمر غابة، والماس.
كان اللقاء الأول مصادفةً في مقيلٍ في "الدار الحجر" في الوادي (صيف 1978)، على شرف مشاركين من الجزيرة والخليج، جاؤوا للمشاركة في ندوة عن البحث ومراكزه فيها. فإذا بي أسمع أداءً هادئًا ينساب كأنه استمرار لإيقاع راقص يتردّد صداه فينا"(3).
رابط الاستماع للأغنية: https://youtube.com/shorts/h7WUSIglKC4
https://youtube.com/shorts/h7WUSIglKC4
_____________
(1) شعر الغناء الصنعاني، د. محمد عبده غانم، المكتبة اليمنية للنشر والتوزيع- صنعاء، الطبعة الرابعة 1985، ص 181.
(2) شعر العامية في اليمن، د. عبدالعزيز المقالح، دار العودة- بيروت، 1986، ص369.
(3) دفاعًا عن الحرية والإنسان، د. أبوبكر السقاف، منتدى الجاوي الثقافي، الطبعة الأولى 2011، ص487.