إزاء تجربة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بعد خمسين سنة على تأسيسه، يدلي بشهادته هنا، أحد قيادات الاتحاد السابقة، الناقد والكاتب أحمد ناجي النبهاني، نائب الأمين العام، أمين الحقوق والحريات السابق، وهو أحد أبرز الأصوات الحقوقية في تاريخ الاتحاد. يجيب أحمد النبهاني، هنا، عن أسئلة الاستطلاع الثمانية، مرتّبًا شهادته على شكل "محطات"، وبطريقة سردية لا تقبل تفقيرها بالأرقام:
«في المحطة الأولى: محطة التأسيس هذه تصدى لهذه المهمة عظماء بحجم اللحظة التاريخية والإنجاز التاريخي العظيم الذي أبدعوه.
لم يكن البردّوني والجاوي وأحمد قاسم دماج والصريمي وعبدالباري طاهر وإسماعيل الوريث وعبدالودود سيف والربادي وزين السقاف وعبدالرحمن عبدالله، وغيرهم من الجيل المؤسس لاتحاد الأدباء، لم يكونوا شخصيات عادية، ولكنهم شخصيات كبيرة بحجم الحلم الذي أبدعوه. وكذلك فإن الزعامات السياسية المرافقة لتلك اللحظة التاريخية، سواء في شمال الوطن أو جنوبه، كانت هي الأخرى كبيرة وكبيرة جدًّا. ما زالت كلمات القائد الاستثنائي عبدالفتاح إسماعيل مدوية وقوية، وهو يقول في لحظة التأسيس: "ستظل الكلمة مجزأة الحرف، ركيكة المعنى، إذا لم تكن من أجل الشعب"، ولذلك لم تكن أهمية اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين في وحدويته فحسب، بل تكمن أهميته أيضًا في ديمقراطيته وفي كفاحه العنيد من أجل احترام حقوق الإنسان وحرية التفكير والنضال، من أجل واقع يحترم التعددية الفكرية والسياسية. لقد كان قادة اتحاد الأدباء من الجيل المؤسس، قادة بحجم الوطن ولا يمكن تعويضهم إلى أن يشاء الله أمر رشد لهذا البلد، تعبر من خلاله واقعها البائس إلى واقع أكثر إشراقًا وروعة.
أما المحطة الثانية، وهي تقييم دور الاتحاد بعد حرب صيف 1994، وسأكتب شهادتي عن هذه المرحلة باعتباري أحد أعضاء الأمانة العامة في المرحلة بين 1994، وحتى عام 2000، حيث كنت فيها أمين العلاقات الداخلية، وساهمت مع صديقي العزيز عبدالعزيز البغدادي في الدفاع عن الحريات.
أحب أن أشير إلى أن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فتح أبوابه للاعتصامات ضد الحرب قبل حدوثها، وأنا حينها كنت ممثل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في هذه الاعتصامات التي استضاف مبنى اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين معظم فعالياتها.
لقد كان واضحًا أن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ومعه المنظمات الجماهيرية والمحامون والمهندسون، يقفون صفًّا واحدًا ضد الحرب، ولكن حدث التوقيع على "وثيقة العهد والاتفاق"، وتم الخروج عليها، وحدث اقتحام الشمال للجنوب في حرب عسكرية قضت على سلمية الوحدة اليمنية وطوعيتها، وصنعت مداميك الانفصال في النفوس.
ونتيجة لمواقف اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين تلك، فقد تم احتلال مقر مجلة "الحكمة" في عدن، وتم احتلال مقرات الاتحاد في كريتر عدن، وتم تهديد مقر الاتحاد وأرضيته في خور مكسر لمرات متعددة، وقد بذلنا جهودًا مكثفة، يتقدم تلك الجهود: إسماعيل الوريث، الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وأحمد قاسم دماج، والدكتور سلطان الصريمي، وعبدالعزيز البغدادي، وقد تم تكليفي بالنزول إلى عدن لاستعادة مقر الاتحاد في خور مكسر، وتعاون معنا أحمد مثنى مدير أمن عدن [حينها]، وشارك معي في جهود استعادة مقر الاتحاد، المرحوم عبدالرحمن عبدالخالق، رئيس فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.
مرحلة قيادة إسماعيل الوريث لاتحاد الأدباء، منذ العام 1994، وحتى العام 2000، وشاركه في قيادة الاتحاد المناضل الكبير يوسف الشحاري، وأحمد قاسم دماج، وزين السقاف، والدكتور الصريمي، وقد كنت ممثلًا للاتحاد في العلاقات الداخلية ومسؤولًا عن العلاقات مع منظمات المجتمع المدني، حيث أسسنا معها "اللجنة الوطنية لمناصرة القضايا العربية والإسلامية"، التي تولى رئاستها الدكتور صادق شايف نعمان، ومعه الدكتور سعيد عبدالمؤمن، وحاتم أبوحاتم، وعثمان الحميدي، والعديد من ممثلي المجتمع المدني، حيث قامت تلك اللجنة بأدوار عظيمة في المطالبة بفك الحصار عن العراق وتحريك طائرات تحمل مواد إغاثية للعراق، كما تبنت تلك اللجنة العديد من الفعاليات للمطالبة بفك الحصار الجوي عن ليبيا، ووقفت ضد استهداف مصنع الشفاء في السودان، وناصرت القضية الفلسطينية، وخاضت نضالًا دؤوبًا في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية.
في سياق المحطة الثانية في تاريخ الاتحاد بعد العام 1994، وفي أيام يحيى العرشي، وزير الثقافة والسياحة [الأسبق]، حيث عملنا معًا على إيجاد شراكة بين الاتحاد ووزارة الثقافة
وقد كنت ممثلًا لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في اللجنة الوطنية لمناصرة القضايا العربية والإسلامية. كما أن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين خاض معركة قانونية قادها عبدالعزيز البغدادي والدكتور سلطان الصريمي وإسماعيل الوريث وأنا أحمد ناجي أحمد النبهاني، ضد تكفير القائمين على صحيفة "الثقافية"، بسبب نشرها إحدى روايات محمد عبدالولي. كما خضنا معارك قانونية ضد تكفير القائمين على مجلة "الحكمة" بسبب نشرها إحدى القصص لأحمد الجرموزي، وتم التعامل مع تلك القضايا بأداء قانوني متميز جسد دور الاتحاد في الدفاع عن المبدعين اليمنيين وعن أعضائه، بحسب إمكانياته، وقد استمر أداء الاتحاد في الدفاع عن الحريات وفي الدفاع عن حقوق الإنسان.
ومن المهم الإشارة إلى أن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، مؤسسة ديمقراطية تتضمن التعدد الموجود في الواقع الوطني، ولا غرابة أن تشهد مؤتمراته تجاذبًا شديدًا بين مختلف الأطراف، ولكن الاتحاد يحتكم للصندوق والصعود إلى قيادة الاتحاد يكون عبر انتخابات حرة ونزيهة.
وفي سياق المحطة الثانية في تاريخ الاتحاد بعد العام 1994، وفي أيام يحيى العرشي، وزير الثقافة والسياحة [الأسبق]، حيث عملنا معًا على إيجاد شراكة بين الاتحاد ووزارة الثقافة، وكنت ممثل الاتحاد في "العقد العالمي للتنمية الثقافية". وفي مرحلة الدكتور عبدالملك منصور، كوزير للثقافة، أسس "اللجنة العليا للتنسيق بين السياسات الثقافية"، وكنت ممثل الاتحاد في هذه اللجنة بتكليف من الفاضل المرحوم أحمد قاسم دماج، وقد تم انتخابي كمقرر عام، للتنسيق بين السياسات الثقافية. وبالمناسبة، فإن السكرتارية الدائمة للتنسيق بين السياسات الثقافية قد ناقشت في مرحلة عملها، مشاريع ثقافية مهمة، مثل "صنعاء عاصمة للثقافة العربية"، وقد تم تكليف علي المقري ومحمد علي اللوزي، بعمل دراسات بهذا الخصوص، وقمت بالترتيب لندوة حول هذا الموضوع. كما تمت مناقشة مشروع صندوق التنمية الثقافية، وهي دراسة قدّمها سعيد الجناحي بهذا الخصوص، وقمت بالترتيب لندوة حول هذا الموضوع، ولقد تم تأجيل مشروع صنعاء عاصمة للثقافة [العربية]، وتم إحياء المشروع أيام الدكتور عبدالوهاب الروحاني، حيث كنت أنا أحمد ناجي أحمد النبهاني، بالإضافة إلى الإخوة محمد لطف غالب، وهشام علي بن علي، وعلوان الجيلاني، ومحمد علي اللوزي، ضمن المشاركين في إنجاز وثيقة "صنعاء عاصمة للثقافة العربية" أيام الدكتور عبدالوهاب الروحاني.
وعلى صعيد مشروع "صندوق التراث والتنمية الثقافية"، فلقد تمت متابعته في مجلس النواب، ولعب عبدالوهاب الروحاني ومحمد الغربي عمران، دورًا إيجابيًّا في إقرار مشروع قانون "صندوق التراث والتنمية الثقافية"، الذي كان أحد الروافد المهمة لمشروع "صنعاء عاصمة الثقافة العربية" في العام 2004، إبّان تولي خالد الرويشان لوزارة الثقافة، حيث كانت صنعاء مهوى الأفئدة لكل المثقفين العرب، وشهدت نشاطًا ثقافيًّا وفنيًّا لم تشهده اليمن من قبل هذا التاريخ.
أردت أن أوضح هذا الإنجاز الذي تحقق إبّان الأمانة العامة الذي قاد أداءها المرحوم إسماعيل الوريث، والمرحوم أحمد قاسم دماج، والمرحوم زين السقاف، والمرحوم محمد حسين هيثم، والمرحوم يوسف الشحاري، وعباس الديلمي، والدكتور سلطان الصريمي، والقرشي عبدالرحيم سلام، والمرحوم عدنان أبو شادي، وأنا أحمد ناجي أحمد النبهاني، في مرحلة تولي إسماعيل الوريث لقيادة الاتحاد في المرحلة من عام 1994، وحتى عام 2000. أما بالنسبة للمرحلة التي تليها وهي المحطة الثالثة، وهي مرحلة تولي محمد حسين هيثم لموقع الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، فقد تميزت بالآتي: طباعة الكتاب على نحو لم يشهد له تاريخ الاتحاد مثيلًا، التوسع في المهرجانات الثقافية، الدفاع عن الحريات المدنية وخوض المعركة القضائية للدفاع عن الروائي العالمي وجدي الأهدل، الذي تعرض للتكفير بسبب روايته "قوارب جبلية"، وقد انتصر الاتحاد في هذه المواجهة بجهود موفقة من الشهيد جار الله عمر، الذي أقنع جونتر جراس أثناء زيارته لليمن، بإقناع الرئيس علي عبدالله صالح، بكف الخطاب عن وجدي الأهدل وإغلاق ملف "قوارب جبلية". وعندما نقول مرحلة المرحوم محمد حسين هيثم كأمين عام للاتحاد في المرحلة بين عام 2000 وحتى عام 2005، فإننا لا ننسى دور الدكتور سلطان الصريمي وأحمد قاسم دماج وزين السقاف وعبدالعزيز البغدادي، في صناعة هذه الإنجازات.
شاركت هدى أبلان بالإشراف على أنشطة "منتدى الإثنين الثقافي"، وكذلك المرحوم الدكتور عبدالمطلب جبر، وتميز الاتحاد في تلك المرحلة بالإصدار الثقافي، حيث تولى مهمة الإصدار الدكتور عبدالكريم قاسم، بالتعاون المرحوم عبدالمطلب جبر
أما بالنسبة لمرحلة تولي هدى أبلان لمسؤولية قيادة الاتحاد منذ العام 2005، وحتى العام 2010، وقد كنت أنا أحمد ناجي أحمد النبهاني، نائبًا للأمين العام ورئيس لجنة الحريات، فلقد عملت هدى أبلان على توفير أكثر من 100 وظيفة للأدباء وأبناء الأدباء، كما عملت على توفير أراضٍ للأدباء في العديد من محافظات الجمهورية. وقد كانت مساهمتي في الجانب الاجتماعي تتمثل في توفير مرتبات للعديد من أعضاء الاتحاد، من "صندوق التنمية الثقافية"، من خلال الأستاذ الدكتور محمد أبوبكر المفلحي، وزير الثقافة [الأسبق]، كما أنني ساهمت في فكرة المواقع الثقافية الإلكترونية، وملخص هذه الفكرة أن الأديب عبدالرقيب الوصابي كان قد أعد مشروعًا لبناء موقع إلكتروني للدكتور عبدالعزيز المقالح؛ فاقترحت عليه أن يكون المشروع أوسع من ذلك، وأن يكون المشروع إنشاء المواقع الثقافية للأدباء، وبالفعل تم إعداد المشروع وتقدمت به لوزير الثقافة الدكتور محمد أبوبكر المفلحي، وتم تكليف المرحوم عمر محمد عمر بموقع المرحوم عمر الجاوي، وتم جمع تراث الجاوي في حينه. كما تم تكليف إبراهيم الهمداني بموقع عبدالله البردّوني، وتكليف صادق الهبوب بموقع الشاعر محمد عبده غانم، وتكليف محمد عبدالوكيل جازم بموقع الروائي محمد عبدالولي، وتكليف صالح البيضاني بموقع العلّامة محمد علي الشوكاني، وتكليف منير طلال بمهام مدير المواقع الثقافية بوزارة الثقافة.
كما أنني ساهمت في تأسيس "منتدى الإثنين الثقافي" في صنعاء، والذي حفل بالعديد من الأنشطة الثقافية والندوات التوثيقية، لتراث وإبداع وتكريم كوكبة من الأدباء والكتاب اليمنيين، وقد تم نشر تلك النتاجات في ملحق "الثقافية" الصادر في تعز.
وقد شاركت هدى أبلان بالإشراف على أنشطة المنتدى، وكذلك المرحوم الدكتور عبدالمطلب جبر، عضو الأمانة العامة والأمين الثقافي لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، كما أن الاتحاد في تلك المرحلة تميز بالإصدار الثقافي، وقد تولى مهمة الإصدار الدكتور عبدالكريم قاسم، بالتعاون مع الأمين الثقافي للاتحاد، الأستاذ المرحوم عبدالمطلب جبر.
وقد شهد الاتحاد في هذه المرحلة تكريم مؤسسي الاتحاد، وانعقاد المهرجانات الثقافية للمحافظات، والمهرجان الثقافي للاتحاد على مستوى الجمهورية، كما تم تأسيس جائزة الجاوي، وقد تم تفعيلها وقد بلغت الجائزة مليون ريالٍ.
من المهم جدًّا الإشارة بالتقدير والتحية لدور محمد العولقي، الأمين المالي للاتحاد، الذي كان يذلل الصعوبات ويدعم كل المشاريع الطموحة للاتحاد، وبدون تعاونه كنا سنجد صعوبة في تحقيق الكثير من الإنجازات، ولم يتوقف دوره عند حدود المسؤولية الثقافية، بل كان مناضلًا جسورًا في ميدان الدفاع عن الأدباء.
ومن المهم جدًّا الإشارة بالتقدير إلى الدكتور عبدالله البار، رئيس الاتحاد، الذي كان عنصرًا فاعلًا في تذليل الصعوبات أمام أنشطة الاتحاد. والشكر أيضًا لأعضاء الأمانة العامة، مسعود عمشوش، ويحيى عوض، ومحمد الغربي عمران.
ومن المهم جدًّا الإشارة إلى أنني توليت مسؤولية رئاسة لجنة الحقوق والحريات، بجانب عملي كنائب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، في الفترة من 2005، وحتى العام 2010. وقد تميزت تلك المرحلة بتخصيص محامي لكل الأدباء الذين يتعرضون للاعتقال، بل إن المجلس التنفيذي للاتحاد، أقر صرف رواتب الأدباء الذين يتعرضون للاعتقال أثناء فترة اعتقالهم بمقدار ثلاثين ألف ريال، وقد تم صرف مرتب شهر لكلٍّ من عبدالكريم الخيواني، و"القمع" و"العسل"، حيث تم الإفراج عنهم بعد شهر من صدور قرار الاتحاد بصرف مرتب دائم أثناء فترة اعتقالهم، وفي سياق تأكيد الاتحاد على تضامنه مع كل المعتقلين. كما تضامن الاتحاد مع الروائي العالمي وجدي الأهدل أثناء منعه من السفر ووضع اسمه في قوائم الممنوعين من السفر على خلفية روايته "قوارب جبلية"، وقد تم رفع اسمه من قائمة الممنوعين من السفر. أما بالنسبة لمرحلة الاتحاد في الفترة من 2010، وحتى الآن [2021]؛ فهذه المرحلة أترك الحديث عنها للإخوة أعضاء الأمانة العامة المنتخبة للاتحاد، فهم أعلم بما حققوا وأعلم بما ينبغي لهم أن يحققوه».