يتواصل هطول الأمطار الغزيرة على مختلف المناطق في اليمن، وما ينتج عنها من سيول وفيضانات مخلِّفةً أضرارًا بالغة في الممتلكات العامة والخاصة، وفي القطاع الزراعي والطرقات ومختلف قطاعات البنية التحتية والخدمية.
وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، استمرارَ هطول الأمطار الغزيرة في اليمن طوال الشهر الجاري أغسطس/ آب 2022، وهو ما يهدِّد بالمزيد من الأضرار والنزوح وتفاقم الأوضاع المعيشية المتدهورة بفعل الحرب والصراع الدائر في البلاد منذ العام 2015.
لم تتوقف الأزمات المتفجرة في اليمن منذ العام 2015، عند حدود الحرب والصراع وتبعاتهما الكارثية، بل تواجه البلاد أزمات مركبة تتمثل إلى جانب الحرب المتصاعدة موجة أزمات ناتجة عن التغييرات المناخية التي تعيد تشكيل اليمن، وفيضانات وأعاصير ضربت المحافظات المطِلّة على ساحل البحر العربي خلال السنوات الأربع الماضية، تاركةً آثارًا مدمرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي المنهك أصلًا من حيث تقلص فرص العمل والدخل وتصاعد أسعار المستهلك.
تشكّل الفيضانات في اليمن تهديدًا موسميًّا، إذ تعاني العديد من القطاعات في خطة الاستجابة الإنسانية التي تتصدى للفيضانات من نقص حادّ في التمويل كما تؤكّد الأمم المتحدة.
تواصل هطول الأمطار الغزيرة التي تسبَّبت في حدوث فيضانات واسعة النطاق خلال الفترة الواقعة بين 22 و24 يوليو/ تموز، ممّا ألحق الأضرار في البنية التحتية والممتلكات الخاصة والملاجئ، وأثّر بشكل رئيسي على صنعاء، حيث تضرر (431 مأوى)، وصعدة (322 مأوى)، وعمران (172 مأوى)، ومدينة صنعاء (137)، وحجة (99)
في حين تعتبر التغيرات المناخية من العوامل الأساسية التي أضرّت كثيرًا بالإنتاج المحلي للغذاء وحالة الأمن الغذائي في اليمن، أضرارٌ خلّفتها الزوابع والأعاصير والفيضانات التي ضربت المناطق اليمنية خلال الفترة الممتدّة منذ العام 2010، إضافة إلى الأمطار وسقوطها خارج المواسم الزراعية والجفاف والتصحر، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الوقود اللازم لضخّ مياه الري؛ كلَّ هذا يؤثر بقوة على النشاط الزراعي ومخرجاته وسبل العيش لسكان المناطق الريفية، وبالتالي يساهم في تفاقم أزمة الأمن الغذائي وسوء التغذية.
تبعات كارثية
تشير توقعات منظمة الأغذية والزراعة الأممية "الفاو" في بيان صادر عنها، اطلعت عليه "خيوط"، إلى تأثُّر سكان المناطق المنخفضة في اليمن بدرجة خاصة، بالفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي تهطل على مختلف المناطق اليمنية منذ مطلع يوليو/ تموز الماضي 2022.
حسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، هطلت أمطار غزيرة بين 13 و15 يوليو/ تموز، وهبت رياح شديدة على مأرب وجزء من محافظة الجوف. وفي مأرب كذلك، دمّرت الفيضانات الملاجئ في 54 موقعًا يأوي نازحين في مدينة مأرب ومنطقة صرواح، ممّا أثّر على 10,000 أسرة نازحة على الأقل.
ويتواصل هطول الأمطار الغزيرة التي تسبّبت في حدوث فيضانات واسعة النطاق خلال الفترة الواقعة بين 22 و24 يوليو/ تموز، ممّا ألحق الأضرار في البنية التحتية والممتلكات الخاصة والملاجئ، وأثّر بشكل رئيسي على صنعاء (حيث تضرر 431 مأوى) وصعدة (322 مأوى)، وعمران (172 مأوى)، ومدينة صنعاء (137)، وحجة (99).
وأكّدت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، تضرُّر أكثر من 16 ألف أسرة نازحة، وتدمُّر منازل وجَرف ممتلكات في مناطق متعددة في محافظة مأرب (شمال شرق صنعاء)، جراء الأمطار الغزيرة والسيول الناتجة عنها يوم السبت 6 أغسطس/ آب 2022، في حين كانت وحدة إدارة مخيمات النازحين قد أطلقت منتصف الشهر الماضي يوليو/ تموز نداء استغاثة لإنقاذ الأسر المنكوبة في مخيم الجفينة بمأرب بسبب السيول المتدفقة التي أدّت إلى جرف خيام النازحين ومحاصرة آخرين في مساكنهم.
علاوة على الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي يشهدها اليمن، تشير الأمم المتحدة إلى الارتفاع في عدد حالات الإصابة بفيروس (كـوفيد-19) خلال الأيام الماضية، مع مخاوف من دخول البلاد في موجة ثالثة.
يحتاج أكثر من 20.1 مليون شخص في اليمن، كما تؤكد الأمم المتحدة، إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية، بسبب طائفة من العوامل؛ بما في ذلك: تصعيد الأعمال العدائية، والانهيار الاقتصادي، والنقص الحادّ في التمويل الإنساني، إضافة إلى الفيضانات والسيول والتغيرات المناخية الحادّة التي تشهدها البلاد
وتؤكّد المنظمة الأممية أنه حتى الآن تم إعطاء ما يزيد -قليلًا- على 310,000 لقاح، ممّا يعني أنّ 1% فقط من السكان تلقّوا جرعتهم الأولى. وفي الوقت نفسه، يواجه أكثر من نصف اليمنيين أزمة ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي، الذي تتوقع منظمات أممية أن يكون له تداعيات وخيمة خلال الفترة القادمة.
مواجهة التهديدات
توضح الأمم المتحدة أنه تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن حاليًّا بنسبة 47%– مع تلقي 1.82 مليار دولار من أصل 3.85 مليار دولار مطلوبة، لكن معظم الأموال ستنفد في سبتمبر/ أيلول القادم 2022. وبسبب محدودية التمويل، قد تضطر بعض الوكالات إلى تقليص البرامج، اعتبارًا من سبتمبر/ أيلول 2021 فصاعدًا، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والصحة والمأوى وغيرها من القطاعات. وستكون النتائج كارثية على ملايين الناس، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
ويحتاج أكثر من 20.1 مليون شخص في اليمن، كما تؤكد الأمم المتحدة، إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية بسبب طائفة من العوامل، بما في ذلك تصعيد الأعمال العدائية، والانهيار الاقتصادي، وانخفاض قدرة الحكومة، والنقص الحادّ في التمويل الإنساني، إضافة إلى الفيضانات والسيول والتغيرات المناخية الحادة التي تشهدها البلاد.
تعتبر التهديدات العابرة للحدود من العوامل التي تفاقم الجوع في كثير من الدول، ومنها اليمن. وعلى وجه الخصوص، عملية مراقبة الجراد الصحراوي المهاجر، والذي يتطلب يقظة مستمرة خلال الفترة القادمة.
كما تعتبر التقييدات على وصول المساعدات الإنسانية عاملًا خطيرًا آخر يعيق الجهود المبذولة لكبح الأزمات الغذائية والانهيار التامّ لسبل العيش، ممّا يزيد من مخاطر الجوع وانهيار الأمن الغذائي.
من الدول التي تواجه عراقيل منع وصول المساعدات للمحتاجين إليها: أفغانستان، إثيوبيا، جمهورية أفريقيا الوسطى، مالي، نيجيريا، جنوب السودان، الصومال، سوريا، اليمن.
وكانت الأمم المتحدة قد أفادت نهاية العام 2021، بأنّ الأمطار الغزيرة والفيضانات أثّرت على ما لا يقل عن 28,000 شخص، بحسب التقديرات الأولية، وألحقت أضرارًا بالبنى التحتية والمنازل والملاجئ، في الوقت الذي يهدّد ارتفاع حالات الإصابة بـ(كوفيد-19) بدخول اليمن في موجة ثالثة.
في السياق، رجّح تقرير صادر العام الماضي أن تؤدّي النزاعات والظروف المناخية المتطرفة والصدمات الاقتصادية إلى ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحادّ في 23 نقطة ساخنة للجوع في العالم.
وتوقع التقرير أن تؤدي النزاعات وتداعيات الأزمات الاقتصادية والأوبئة، وأزمة المناخ إلى ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحادّ في 23 نقطة ساخنة للجوع، مع استمرار تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحادّ، من حيث الحجم والشدة.
وجاءت اليمن ضمن الدول الـ23 الساخنة المحددة في التقرير إلى جانب كلٍّ من: أفغانستان، أنغولا، جمهورية أفريقيا الوسطى، منطقة وسط الساحل، تشاد، كولومبيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، السلفادور مع هندوراس، وغواتيمالا، وهايتي وكينيا ولبنان ومدغشقر وموزامبيق وميانمار ونيجيريا وسيراليون مع ليبريا والصومال وجنوب السودان وسوريا واليمن. ويُعدّ التقرير جزءًا من سلسلة من الإنتاجات التحليلية التي تم إصدارها في إطار مبادرة الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية.