عانت ياسمين علي (اسم مستعار)، في بداية العقد الرابع من عمرها، من قصور في الغدة الدرقية، اكتشفَت هذه المشكلة بالمصادفة عندما داهمتها كحة شديدة، على ضوئها ذهبت للمستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة.
تقول ياسمين لـ"خيوط": "الفحص بيّنَ أن عندي هبوطًا شديدًا في الغدة الدرقية، وقد وصف لي الطبيب العلاج، مع الاستمرار به حتى أصل إلى عمر الأربعين؛ وذلك عندما كان عمري 20 عامًا، خوفًا من أن يزداد الهبوط ويؤثر على وظائف الأعضاء الأخرى كالقلب، إن لم أواظب على العلاج".
تؤدي الغدة الدرقية، بحسب أطباء، دورًا حاسمًا في جسم الإنسان، وأي خلل في وظائفها قد يؤدي إلى اختلال العديد من الوظائف؛ وذلك بالنظر إلى كونها عبارة عن غدة صغيرة على شكل فراشة، تقع في الجزء الأمامي من الرقبة وتحت الحنجرة.
كما يوضح أطباء أنها تؤدي دورًا حيويًّا في تنظيم العديد من العمليات في الجسم، من خلال إنتاج هرمونات مهمة، مثل: الثيروكسين (T4)، وثلاثي يود الثيرونين (T3).
الاختصاصي في الوبائيات الحقلية والأمراض الباطنية، الدكتور أشرف صالح جنة، وهو رئيس فريق الاستجابة السريعة ومنسق الترصد الوبائي، يشرح لـ"خيوط"، وظيفة الغدة الدرقية، فهي تعمل على إنتاج الهرمونات، حيث تقوم بإفراز هرمونات T3 وT4، التي تتحكم في عملية الأيض والطاقة في الجسم.
تعد الأمراض والاضطرابات شائعة نسبيًّا، وتؤثر على العديد من الأشخاص، إذ يشير أطباء إلى أن هناك أنواعًا من اضطرابات الغدة الدرقية؛ أبرزها قصور نشاط الغدة الدرقية، التي تؤدي دورًا حيويًّا في تنظيم إفراز الهرمونات، وإذا حدث خلل في الغدة الدرقية وبدأت في قصور وظيفي، فإن هرمونات الغدة الدرقية تتأثر، مما يؤدي إلى عدم حدوث التبويض، وتأخر الحمل لدى المرأة.
بالإضافة إلى ذلك، التحكم في درجة حرارة الجسم، حيث تساعد الهرمونات في تنظيم درجة حرارة الجسم، فضلًا عن كونها تؤثر على النمو والتطور، حيث تؤدي دورًا في نمو الأطفال وتطورهم العقلي والجسدي، وفي تنظيم مستوى الكالسيوم من خلال المادة التي تفرزها (الكالسيتونين)، التي تساهم في تنظيم مستوى الكالسيوم في الدم.
وفي الوقت الذي يعاني فيه كثير من اليمنيين من هذا المرض، الذي يسبب قلقًا يؤرق النساء بالنظر لعلاقة الغدة الدرقية بتنظيم الهرمونات، يشرح الدكتور كمال ناصر سالم، استشاري أمراض الغدد الصماء والسكر في محافظة عدن، لـ"خيوط"، أن الغدة الدرقية عبارة عن غدّة صغيرة على شكل فراشة، تقع في الجزء الأمامي من الرقبة، وتحت الحنجرة، وهي عنصر أساسي في تنظيم العديد من الوظائف الحيوية داخل الجسم، وقد تبدو صغيرة الحجم، لكنها تقوم بدورٍ حاسم في إنتاج الهرمونات التي تؤثر على وظائف حيوية، مثل (الأيض) والطاقة والنمو، وأي خلل في وظائف هذه الغدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية كبيرة.
إفراز الهرمونات والخلل أثناء الحمل
في السياق، توضح الدكتورة عواطف الشغدري، اختصاصية النساء والولادة في صنعاء، لـ"خيوط"، أن الغدة الدرقية تؤدي دورًا حيويًّا في تنظيم إفراز الهرمونات بعد "التبويض"، وإذا حدث خلل في الغدة الدرقية وبدأت في قصور وظيفي، فإن هرمونات الغدة الدرقية تتأثر، ممّا يؤدّي إلى عدم حدوث التبويض وتأخر الحمل لدى المرأة.
في حال حدوث الحمل مع وجود قصور في الغدة الدرقية، يمكن أن تواجه المرأة مضاعفات خطيرة أثناء الحمل، مثل تسمم الحمل أو حتى الإجهاض؛ ذلك لأن الغدة الدرقية مسؤولة عن إفراز الهرمونات التي تؤثر على "التبويض" واستمرارية الحمل، إضافة إلى أن نقص هذه الهرمونات، بحسب الشغدري، يؤدي إلى تقليل إفراز الهرمونات التي يُطلقها الدماغ لدعم "التبويض"، ممّا يتسبّب في تأخر الحمل.
لعلاج هذه الحالة، يستخدم الأطباء الأدوية التي تساعد في تنظيم عمل الغدة الدرقية، مما يحسن التبويض ويزيد من فرص الحمل. لكن إذا حملت المرأة وهي تعاني من قصور في الغدة، فإن هذا قد يؤدي إلى مشاكل أثناء فترة الحمل، مما يستدعي متابعة دقيقة وعلاجًا منتظمًا.
تضيف الشغدري أن أعراض مشاكل الغدة الدرقية متعددة، وأحدها يمكن أن يؤثر على القلب، نتيجة لقصور نشاط الغدة الدرقية. في حالة وجود خلل في الغدة قبل أو أثناء الحمل، قد يؤدي ذلك إلى مشكلات صحية خطيرة لدى الجنين، مثل اضطرابات في خلايا الدماغ ونقص هرمونات الغدة الدرقية، مما قد يسبب ضمورًا في خلايا الدماغ لدى الطفل.
كما أن نقص هرمونات الغدة الدرقية لدى الأم -وفقًا لحديث الدكتورة عواطف الشغدري، يمكن أن يمنع الجنين من تكوين هذه الهرمونات أثناء تطوره داخل الرحم، مما يؤثر على نموه المستقبلي. مؤكدةً أهمية علاج الغدة الدرقية، سواء في حالات فرط النشاط أو القصور، باستخدام أدوية آمنة أثناء الحمل. هذه الأدوية تساعد في تحسين مستويات الهرمونات وتعزيز (الأيض)، مما يسهم في تحسين التبويض وتكوين الأجنة بشكل سليم.
أمراض واضطرابات مؤثرة
تعد الأمراض والاضطرابات شائعة نسبيًّا، وتؤثر على العديد من الأشخاص؛ إذ يشير أطباء إلى أن هناك أنواعًا من اضطرابات الغدة الدرقية، أبرزها قصور نشاط الغدة الدرقية (Hypothyroidism)، ويحدث عندما تفرز الغدة الدرقية كمية غير كافية من الهرمونات، تؤدي إلى تباطؤ العمليات الحيوية.
وتشمل الأعراض: التعب، وزيادة الوزن، والبرودة، وجفاف الجلد، والاكتئاب. ومن الاضطرابات أيضًا، فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)، وتحدث عندما تفرز الغدة الدرقية كمية زائدة من الهرمونات، مما يؤدي إلى تسريع العمليات الحيوية في الجسم، وقد يسبّب أعراضًا مثل: فقدان الوزن، تسارع نبضات القلب، التعرق الزائد، القلق.
أما عن التهاب الغدة الدرقية (Thyroiditis) فتوضح الدكتورة خلود الصباري، طبيبة مقيمة- جراحة عامة بمستشفى الجمهوري بصنعاء، لـ"خيوط"، أنه يمكن أن يكون نتيجة لعدوى أو التهاب مزمن، مما يؤدي إلى تدمير أنسجة الغدة الدرقية، وأن تغير مستويات الهرمونات قد يحدث نتيجة لنقص اليود، مضيفةً أن عقيدات الغدة الدرقية (Thyroid nodules) عبارة تكتلات تتكون داخل الغدة الدرقية، قد تكون حميدة، وتحتاج إلى فحص للتأكد من عدم وجود خلايا سرطانية.
تشير الصباري كذلك إلى أنّ اليود هو العنصر الأساسي لصحة الغدة الدرقية؛ لأنّها تحتاجه لإنتاج الهرمونات، ونقصه قد يؤدي إلى تضخم الغدة ومشاكل صحية أخرى.
الفحوصات والتشخيص للغدة
غالبًا ما يتم تشخيص أمراض الغدة الدرقية عبر تحليل مستويات هرمونات TSH (الهرمون المحفز للغدة الدرقية)، حيث يؤكد أشرف أن التشخيص كذلك يشمل تحاليل الدم، ومنها: قياس مستويات هرمونات T3 وT4، والتصوير بالموجات فوق الصوتية لفحص حجم الغدة وأي كتل أو تضخم، والخزعة في بعض الحالات، للحصول على عينة من الأنسجة. وتضيف الصباري أن اختبار اليود يأتي لفحص حجم الغدة ونشاطها.
من المهم اتباع نظام تغذية سليمة، حيث لا بد من تناول الأغذية الغنية باليود، مثل: السمك، ومنتجات الألبان، والملح المدعم باليود، ولا بد من التحقق الدوري من خلال إجراء فحوصات دورية للغدة الدرقية، خاصة إذا كان لديك تاريخ عائلي لمشاكل الغدة، وكذا ضرورة تجنب التوتر، وممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل: اليوغا أو التأمل، والبقاء نشيطًا، وممارسة الرياضة بانتظام، فهي تساعد على تحسين (الأيض) والصحة العامة.
في حين ترى الصباري أن تشخيص وعلاج أمراض الغدة الدرقية يتم عادةً بواسطة اختبارات دم وفحوصات طبية لازمة، ويتطلب استشارة أطباء مختصين في الغدد الصماء، وتحديد العلاج يتوقف على نوع الاضطراب وشدته؛ لذا يتطلب الأمر متابعة دورية مع الطبيب لضبط العلاج والتأكد من فعاليته.
يختلف العلاج بحسب نوع المرض الذي يعاني منه الشخص المريض، ويبيّن أشرف بعض علاجات الغدة الدرقية؛ ففي حالة قصور الغدة الدرقية عادة ما يتطلب العلاج تناول أقراص هرمون الغدة الدرقية (ليفوثيروكسين)، ولفرط نشاط الغدة يشمل العلاج الأدوية المثبطة للغدة أو العلاج الإشعاعي، أما عن التدخل الجراحي فهو لبعض الحالات، لعلاج الأورام أو التضخم الكبير.
توصيات الطبيب ونصائح الوقاية
ينبه الدكتور أشرف على أهمية التغذية السليمة، حيث لا بد من تناول الأغذية الغنية باليود، مثل: السمك، ومنتجات الألبان، والملح المدعم باليود، ولا بد من التحقق الدوري؛ وذلك من خلال إجراء فحوصات دورية للغدة الدرقية، خاصة إذا كان لديك تاريخ عائلي لمشاكل الغدة.
كما يؤكد ضرورة تجنب التوتر وممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل: اليوغا أو التأمل، والبقاء نشيطًا، وممارسة الرياضة بانتظام، حيث تساعد على تحسين (الأيض) والصحة العامة.
والأهم اتباع توصيات الطبيب للحفاظ على مستويات الهرمونات في النطاق الطبيعي، في حين تشدد الصباري على عدم التوقف عن تناول الأدوية أو تغيير الجرعات بدون استشارة الطبيب، وهو الأمر الذي يقتضي زيارة الطبيب بانتظام، لمتابعة مستويات الهرمونات، وتقييم فعالية العلاج، والانتباه لأيّ تغييرات في الأعراض أو ظهور أعراض جديدة.
بالإضافة إلى تجنب العلاجات الذاتية، كاستخدام المكملات الغذائية أو الأدوية العشبية دون استشارة الطبيب، حيث يمكن أن تتداخل مع علاجات الغدة الدرقية.