يواجه أمجد علي، طالب سنة أولى في قسم الجرافيكس، في كلية الآداب بمحافظة تعز، تحديات بالغة في التعليم الجامعي بالنظر إلى معاناته من ضمور العضلات الوراثي "دوشين"، الذي تسبّب له بإعاقة دائمة، لكنه مصرّ كغيره من ذوي الإعاقة، على مواصلة التعليم الجامعي.
نتيجة الحرب، تعرضت المؤسسات التعليمية الخاصة بالطلاب ذوي الإعاقة للتدمير، ونظرًا لعدم الاهتمام الكافي، تواجه هذه الفئة معاناة بالغة في مواصلة التعليم؛ ولذلك يلجأ بعض الطلاب إلى التسجيل في الجامعات الحكومية، ويواجهون تحديات كثيرة.
يعدد أمجد وطلاب آخرون من ذوي الإعاقة، أهم الصعوبات والتحديات التي يواجهونها في هذا الجانب، أهمها: ضيق الممرات، وعدم وجود أماكن مناسبة لهم، إضافة إلى أنّ هناك نقصًا في عدد مترجمي لغة الإشارة في جميع الأقسام، وهذا يؤثر على الصم المحتاجين لمترجمي لغة الإشارة.
يتابع أمجد الحديثَ عن المشكلة الثانية، التي هي عدم وجود محاضرات خاصة لهم في المناهج الرسمية، التي تهتم بذوي الإعاقة وتمنحهم الخبرة التي تكون فعّالة في حياتهم المهنية وتجهزهم للانضمام في سوق العمل الخاصة.
هذا الطالب وآخرون مصممون على النجاح في الدراسة وتحقيق الأحلام، إذ يؤكّد أمجد أنه لن يستسلم أبدًا في سعيه المستمر لتحقيق أهدافه؛ بأن يكون مصمم جرافيك، له بصمة في هذا المجال، حيث يسعى بكل ما أوتي من جهد ومساعدة من عائلته، لفهم المنهج الدراسي وتحقيق حلمه، حيث يصف نفسه بأنه شخص شغوف في التعلم والبحث والاطلاع، هذا الأمر يجعله يبرز ويتفوق أكثر وأكثر.
يصل عدد الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة في جامعة تعز، إلى نحو 103 طلاب وطالبات، موزعون على مختلف كليات الجامعة، إضافة إلى 13 طالب دراسات عليا.
في السياق، يؤكد الخبير الهندسي نادر القدسي، في تصريح لـ"خيوط"، على أهمية تصميم ممرات واسعة في مثل هذه المنشآت التعليمية بصورة كافية لاستيعاب الكراسي المتحركة؛ وذلك بعرض 1.5 متر على الأقل، مع الحرص على أن تكون الأرضيات مستوية وسلِسة لتسهيل عبور طلاب ذوي الإعاقة.
توفير بيئة مناسبة لذوي الإعاقة البصرية، وذلك من خلال ضمان إضاءة كافية لجميع الأماكن، مع وجود تحكم في الإضاءة لمنع الوهج، وتوفير أنظمة تحكم في الإضاءة بحيث تكون مناسبة لاحتياجاتهم.
كما يشدّد القدسي على ضرورة توفير سلالم مائلة مع "درابزين" (حواجز في الشرفات والمباني) على كلا الجانبين، مع مراعاة ميل المنحدر بما لا يزيد على 5%، إضافة إلى توفير مصاعد مناسبة للكراسي المتحركة لضمان سهولة التنقل بين طوابق المبنى، وأن تكون جميع الأبواب بعرض 90 سنتيمتر على الأقل، وسهلة الفتح والإغلاق لضمان سهولة عبور الطلاب ذوي الإعاقة، مع مراعاة احتياجاتهم الخاصة.
شغف الاستمرار في التعليم
ليس أمجد الوحيد الذي يواجه صعوبات عديدة أثناء الدراسة الجامعية، فهناك طلاب آخرون أيضًا، منهم إبراهيم علي، وهو طالب في السنة الرابعة في قسم الإعلام، حيث يواجه صعوبات جسدية بنسبة 70% من الشلل الرباعي، في حين يواجه العديد من التحديات، تتمثّل في بُعد المسافة إلى الجامعة، ووعورة الطريق وصعوبة التعامل معها، ونقص الجانب العملي الذي لا يتم الحصول عليه في القسم الذي يدرس فيه بكلية الآداب، بجامعة تعز.
يعبر إبراهيم لـ"خيوط"، عن تطلعه للحصول على بعض احتياجاته، مثل كاميرا متطورة، حتى يتمكن من الاستمرار في شغفه بالتصوير والمونتاج، كما عبر إبراهيم عن فخره بتحقيقه هذه المرحلة واقتراب تخرجه من قسم الإعلام، وأعرب عن امتنانه لزملائه وأساتذته بالتعاون معه خلال فترة الدراسة. وأكّد أنه سيستمر في تطوير قدراته ومهاراته في مجال الإعلام، وفقًا لما صرح به.
في السياق، تؤكّد سماء المخلافي، الأستاذة في كلية الآداب بجامعة تعز، لـ"خيوط"، عدم وجود برامج تدريبية وورش عمل مخصصة لتطوير الطلاب ذوي الإعاقة، وعبرت سماء عن شعورها بالنقص إذا لم تقم الجامعة باتخاذ مثل هذه الخطوات.
تتحدث سماء عن الطلاب، وتشير إلى أنهم يواجهون تحديات، لكنها تجد أنّ لديهم شغفًا في الدراسة، وأنهم ينخرطون في الأنشطة، ويساعدون زملاءهم في الحركة داخل الجامعة، وتعتبر هذه المساعدة منهم طوعية، وفقًا لكلامها.
وبالرغم من التحديات التي يتعرضون لها، فإنّ الطلاب ذوي الإعاقة يثبتون يومًا بعد يوم، قدرتهم على تحقيق النجاح الأكاديمي والمهني. إنهم يُلهِمون الآخرين ويساهمون في زيادة الوعي بأهمية توفير فرص تعليم متساوية في التعليم العالي للجميع.
وفق حديث سماء المخلافي، فإنّ الأهمية تقتضي تحسين برامج التدريب وورش العمل المخصصة للطلاب ذوي الإعاقة، بالمقابل توضح المخلافي أنّ عدم وجود هذه البرامج يؤدي إلى شعور الطلاب بالنقص، في حين توضح أيضًا أن الطلاب ذوي الإعاقة يُبدون اجتهادًا وشغفًا في دراستهم، وهم أيضًا نشطون في الأنشطة الجامعية، كما يشاركون بنشاط خاص ضمن برامج وأنشطة الجامعة، وهذه المشاركة تأتي من تطوعهم، وتساعد الطلاب في التفاعل مع زملائهم في الجامعة.
متطلبات البيئة التعليمية والاجتماعية المناسبة
بالرغم من التحديات التي يواجهونها، فإنهم يمتلكون إصرارًا وقدرة فائقة على تحقيق النجاح الأكاديمي والمهني، ما يجعلهم مصدر إلهام لغيرهم، ويعززون الوعي بأهمية توفير فرص التعليم العالي المتساوي للجميع.
تقول الخبيرة النفسية المتخصصة في مركز خطوة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، رنا محمد، لـ"خيوط"، إن هناك تأثيرات نفسية تُصيِب ذوي الاحتياجات الخاصة خلال مرحلة حياتهم، وتُشعرهم بالإحباط والاستياء في الجامعة، فعلى سبيل المثال، قد يجدون صعوبة في المشاركة الكاملة في النشاطات الأكاديمية أو الاجتماعية بنفس القدر الذي يتمتع به الطلاب الآخرون.
تضيف أنه قد يكون لديهم صعوبة في المشاركة الكاملة في الأنشطة الاجتماعية، مما يجعلهم يفضلون الابتعاد أحيانًا عن الجميع، وتجنب الاشتراك في الأنشطة التي تحدث بمحيطهم، كل ذلك يمكن أن يتسبب في شعورهم بالعزلة أو الغربة. كما تشير إلى أنّ الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة قد يواجهون صعوبة في التكيُّف مع بيئة الجامعة، مثل الصعوبات في الوصول إلى المباني، الأمر الذي يضاعف الضغط والتوتر على صحتهم النفسية، ويزيد من مشاعر القلق والاكتئاب، وقد يشعرون بعدم الثقة في قدراتهم الأكاديمية، ويشكّكون في قدرتهم على تحقيق النجاح في الدراسة.
تقتضي الأهمية توفيرَ الدعم اللازم والمساعدة التقنية والتكيفات الملائمة للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة في الجامعة، إذ قد يسهم ذلك، وفق هذه المختصة في علم النفس، في تحسين صحتهم النفسية بشكل كبير.
إضافة إلى توفير بيئة مناسبة لذوي الإعاقة البصرية -بحسب حديث المهندس القدسي- وذلك من خلال ضمان إضاءة كافية لجميع الأماكن، مع وجود تحكم في الإضاءة لمنع الوهج، وتوفير أنظمة تحكم في الإضاءة بحيث تكون مناسبة لاحتياجاتهم، مشيرًا إلى أهمية مراعاة مختلف أنواع الإعاقة عند تصميم المنشآت التعليمية، مع توفير مرافق مناسبة لذوي الإعاقة في جميع أنحاء المنشأة، كما يجب أن تكون جميع المعلومات والعلامات في متناول جميع الطلاب، وأن يكون الموظفون على دراية باحتياجات الطلاب ذوي الإعاقة.
وتلك معايير واشتراطات، تؤكد بالمجمل، أهمية توفير بيئة تعليمية شاملة للجميع، تضمن سهولة الوصول لجميع الطلاب، بغض النظر عن إعاقتهم، لتحقيق المساواة في التعليم.