في يناير/ كانون الثاني 2011، تحولت الناقلة "نفط اليمن 11" IMO 7908914، التي بنيت في العام 1979، إلى "شامبيون 1"، لكن السفينة التي تعود ملكيتها منذ العام 2007، إلى إحدى شركات رجل الأعمال أحمد صالح العيسي، والتي كانت قبل ذلك ملكًا لبنك سبأ الإسلامي التابع لرجال الأعمال حميد الأحمر، منذ العام 2004، وفقًا لقاعدة تتبع السفن vesselfinder خرجت عن الجاهزية فعليًّا في حادثة جنوح على شواطئ بحر المكلا في يوليو/ تموز 2013، ومنذ ذلك الحين تحوّلت الناقلة إلى تهديد حي يتربص بالبيئة البحرية والساحلية لمدينة المكلا، في ظل صمت مريب لعدد من المؤسسات والجهات الحكومية بما فيها السلطة المحلية بمحافظة حضرموت.
خلاف حول حجم الحمولة
وَفقًا لتصميم (شامبيون 1)، حسب ما توفّره قواعد بيانات السفن، فقد صممت لتحمل 3843 طنًّا من المشتقات النفطية، لكن التصريحات المختلفة التي أطلقتها هيئة الشؤون البحرية في المكلا وحماية البيئة ذهبت لتقدير حمولة الناقلة بين 4000 إلى 4770 طنًّا متريًّا من المازوت من مصافي عدن، وقالت إنّ 1400 طن متري من هذه الكمية انسكبت حينها في البحر مخلِّفة تلوثًا بلغ مداه 20 كيلو مترًا.
بهذا الخصوص يؤكد القبطان رياض سعيد باجعمان، مدير عام التفتيش وتسجيل السفن في الهيئة العامة للشؤون البحرية، لـ"خيوط"، أنّ المعلومات المرفقة ليست بالضرورة صحيحة، وأنّ هذه المعلومات تضليلية لإخفاء الطاقة الاستيعابية للسفن النفطية من أجل تقليل تكلفة الدخول والخروج إلى الموانئ.
عبدالقادر الخراز: "للمازوت تأثير كبير على التنوع الحيوي في البحار والسواحل وغابات المنجروف، ويتسبب في نفوق كبير للأسماك والطيور، كما يشكّل طبقة عازلة لأشعة الشمس؛ وبالتالي يقلل التمثيل الضوئي للكائنات في البحار"
مصدر في مصافي عدن -تحفّظ عن ذكر اسمه- يقول من جانبه، لـ"خيوط"، إنه لا يمكن تحميل أي ناقلة بزيادة عن طاقتها الاستيعابية المحددة، لافتًا إلى أنه لا يتذكر حاليًّا كم كانت تحمل (شامبيون 1) من مادة المازوت بعد مرور كل هذا الوقت. وتؤكد قاعدة بيانات موانئ البحر العربي أنّ الناقلة التي غادرت ميناء عدن 20 يونيو/ حزيران 2013، كانت تحمل كمية 3843 طنًّا من المازوت.
مهددة بالانشطار
وفقًا لمعلومات مؤكّدة، حصلت عليها "خيوط"، فإنّ (شامبيون 1) بعد سنوات من جنوحها وتآكلها، باتت عرضة للانشطار إلى نصفين جراء ضربات أمواج البحر، وربما يكون ذلك قريبًا بفعل قرب موسم هيجان البحر. وكانت أعمال تفكيك قد بدأت على جسد الناقلة المتهالكة، ما ينذر بانسكاب المازوت المتبقي في خزاناتها إلى مياه البحر وتلويث البيئة البحرية والساحلية، وتظهر صور الأقمار الصناعية شدّ جسد الناقلة إلى الرصيف في محاولة لمنع انشطارها.
ويقول القبطان رياض سعيد باجعمان، مدير عام التفتيش وتسجيل السفن في الهيئة العامة للشؤون البحرية، إنّ غرقها سيؤثر على السلامة البحرية وعلى البيئة البحرية، فمن ناحية السلامة البحرية فسوف تسبب إعاقة لحركة السفن.
كما يوضح باجمعان أنّ عملية الانتشال في ظل التهالك القائم سوف يسبب انشطارًا وانسكابًا للمتبقي من المازوت، وأيضًا غسيل الخزانات الذي يحمل بقايا المشتقات النفطية المختلفة؛ مازوت ونفط وديزل، التي ستنسكب في البحر وتسبّب كوارث بيئية كبيرة.
صورة واحدة
ثمّة صورة واحدة لناقلة المازوت (شامبيون 1) تقدمها أداة تعقب السفن vesseltracker. الصورة التُقطت في سبتمبر/ أيلول 2009، في الحُديدة وكانت تسمى حينها نفط اليمن 11، وتظهر الصورة أيضًا كم أنّ بدن الناقلة صَدِئ.
مخاطر
يقول الصحفي العلمي رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية في اليمن، بسام القاضي، الذي يتابع حيثيات ملف (شامبيون 1) عن قرب، لـ"خيوط"، إنّ الناقلة التي جنحت على سواحل المكلا يوليو/ تموز 2013، تحمل بداخلها (4770 طنًّا متريًّا من المازوت)، ونقل عن مصادر -تحفَّظ عن ذكرها- أنّ كمية المازوت التي تم سحبها من الناقلة منذ جنوحها لا يتجاوز 20%، وأنّ المازوت المتسرب خلال 10 سنوات لا يزيد على 1500 طنّ؛ وهو ما يعني أنّ الناقلة تحوي مئات الأطنان من المازوت، الأمر الذي ينذر بانسكاب تلك الكمية في مياه بحر المكلا خلال الأسابيع القادمة، في ظلّ استمرار أجزاء كبيرة من الناقلة بالغرق، والفشل المستمر منذ 10 سنوات في تلافي الكارثة، التي تهدّد البيئة المحيطة ببحر وشواطئ المكلا والمناطق القريبة منها، وقد يمتد إلى مسافات بعيدة ممّا يزيد من حجم الكارثة، ويتسبب في أضرار مباشرة وغير مباشرة للصحة البشرية في حضرموت.
بدوره، يرى أستاذ الأثر البيئي في كلية علوم البحار بجامعة الحُديدة عبدالقادر الخراز، في حديث لـ"خيوط"، أنّ للمازوت تأثيرًا كبيرًا على التنوّع الحيوي في البحار والسواحل وغابات المنجروف، ويتسبب في نفوقٍ كبير للأسماك والطيور، كما يشكّل طبقة عازلة لأشعة الشمس؛ وبالتالي يقلل التمثيل الضوئي للكائنات في البحار.
ويلفت الخراز إلى تأثيرات المازوت كذلك بسبب تركيبته الهيدروكربونية، حيث إنه قليل اللزوجة وسريع التبخر؛ وبالتالي تنبعث منه انبعاثات سامّة تنطلق بالهواء، وبسرعة واتجاه الرياح تنتقل إلى مناطق السكان، وتسبِّب الكثير من الأمراض التنفسية والسرطانات، فضلًا عن تأثيره الإضافي على التغيير المناخي وانتشار الأكاسيد السامّة.