في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري 2022، تفاجأ طلاب جامعة صنعاء، كبرى الجامعات الحكومية اليمنية، برفع رسوم الخدمات إلى أكثر من 300%؛ إذ أصبح على الطلاب الخريجين دفع رسوم شهادة التخرج، مبلغ 20 ألف ريال بدلًا من 5 آلاف ريال؛ ارتفاعٌ طال بقية رسوم الخدمات البسيطة.
لقيَ هذا القرار استياءَ الكثير من الطالبات والطلاب، الذين نظّموا وقفةً احتجاجية، اعتراضًا على هذا القرار، خاصة أنّ هناك بيانًا صادرًا من رئاسة جامعة صنعاء، تداوَلَهُ العديدُ من الناشطين، ينصّ على عدم رفع أيّ رسوم في الجامعة، لكن الواقع يناقض هذا البيان.
موظفو الجامعة يقولون إنّ الزيادة في الرسوم جاءت بناءً على قرار من رئاسة الجامعة، التي أصدرت تعميمًا للكليات برفع الرسوم، وَفقَ قرارٍ اتخذته رئاسة الجامعة دون الرجوع إلى أيّ جهة أخرى. في المقابل، يعتبر رفع رسوم الأنشطة الجامعية وغيرها من الرسوم من قبل رئاسة الجامعة، إجراءً غير قانوني، وفقًا للّائحة التنظيمية لقانون الجامعات اليمنية، والتي لم تذكر فرض الرسوم ضمن مهامها، بل أوكلت مهمة تحديد الرسوم إلى المجلس الأعلى للجامعات، وفقَ الفقرة (ل) من المادة الرابعة من القانون ذاته، من جهة أخرى فإنّ المادة القانونية رقم (23) من قانون تحصيل الأموال العامة لا تفرض أي ضريبة أو رسوم إلا بقانون.
لا يتوقف الأمر هنا فحسب، بل قامت رئاسة جامعة صنعاء بإلغاء قرارات تخفيض الرسوم الجامعية الصادرة من رئاسة الجمهورية سنة 2017، والصادرة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي سنة 2019، والتي تنصّ على إلزام الجامعات الحكومية بتخفيض 30% من رسوم الدراسة لطلاب الموازي والنفقة الخاصة، بالإضافة إلى عدم حرمان أيّ طالب من دخول قاعات الامتحانات لأيّ سببٍ مادي، واعتماد تعاملاتهم بسعر صرف البنك المركزي.
إلغاء تخفيض الرسوم
تقول سلوى أحمد، طالبة في المستوى الثالث بكلية الحاسوب، لـ"خيوط"، أنّها منذ بداية دراستها في جامعة صنعاء، بالنظام الموازي، ورغم أنّها بدأت دراستها في سنة 2019، في ذات الوقت الذي أصدرت فيه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قرارًا، بناءً على قرار سابق من رئاسة الجمهورية، ألزمَ الجامعات الحكومية بتخفيض رسوم الالتحاق والدراسة، وعدم حرمان أيّ طالب من الامتحانات لأسباب مادية.
يؤكِّد أحد الطلاب أنّه لم يتمكن من استخراج شهادته الجامعية حتى الآن، بسبب مطالبة الكلية له بتسديد بقية الرسوم، مشيرًا إلى أنّه كان يسدّد كلَّ ما عليه من رسوم كل عام، لكنه تفاجأ حينما ذهب للمعاملة من أجل إخراج شهادته الجامعية، بمطالبته تسديد مبالغ الزيادة.
إلَّا أنّ كليتها -بحسب تأكيدها- لا تسمح لأيّ طالب بدخول قاعات الامتحانات قبل تسديد كامل الرسوم المقرّرة. دون اعتماد أيّ تخفيض، وتشير في حديث لـ"خيوط"، إلى أنّه يتم حرمان بعض الطلاب من دخول قاعات المحاضرات في بعض الأوقات لهذا السبب.
إلى ما قبل السنة الدراسية 2019، كانت جامعة صنعاء تعتمد تخفيض الرسوم المقررة بنسبة 30%، غير أنّ الأمر اختلف بعد تلك السنة، وأصبح على الطالب دفع الرسوم كاملة دون مراعاة الحالة الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها كثيرٌ من اليمنيين منذ سنوات، حيث تم إلغاء نسبة التخفيض عن جميع الطلاب المستجدين، وَفقَ ما أدلى به طلابٌ من جامعة صنعاء لـ"خيوط".
تعنُّت على الطلاب الخريجين
تسري الزيادة على الطلاب الخريجين منذ سنوات كان يسري فيها قرار التخفيض، أيّ منذ 2015 إلى 2019، حيث تم حجز شهاداتهم الجامعية حتى سداد المبالغ التي كان قد شملها التخفيض.
في الصدد ذاته، يقول ماهر العريقي -خريج شريعة وقانون، نظام موازي، سنة 2019- في حديث لـ"خيوط": "لم أستطع أخذ شهادتي الجامعية حتى الآن، بسبب مطالبة الكلية بتسديد بقية الرسوم"، مشيرًا إلى أنّه كان يسدّد كلَّ ما عليه من رسوم كل عام، لكنه تفاجأ حينما ذهب للمعاملة من أجل إخراج شهادته الجامعية، بمطالبته بتسديد مبالغ الزيادة، كونه درس في سنوات التخفيض، "وهذا ما لا أقدر عليه"، يقول العريقي.
من جانبها، "خيوط" قامت باستطلاع مع بعض خريجي الكليات المختلفة في جامعة صنعاء، ممّن هم بالنظام الموازي والنفقة الخاصة، أفادوا أنّ الجامعة طالبت خريجي سنة 2019، وما قبلها، بتسديد بقية المبالغ التي كانوا قد أُعفوا منها، ولم يستطع كثيرون إخراج شهاداتهم الجامعية لهذا السبب، فيما استطاع البعض من خريجي نفس الأعوام من نظام الموازي فقط إخراجَ شهاداتهم بعد معاملات كثيرة ووساطات عديدة من أشخاص يعملون داخل الجامعة باعتماد التخفيض المقرر، بينما استطاع آخرون إخراجَ تخفيض خاص بهم من رئاسة الجامعة بطريقة تعتمد على علاقاتهم الشخصية هناك، فيما لم يستطع أحدٌ من خريجي الكليات ذاتها ممّن يدرسون بنظام النفقة الخاصة استخراج شهاداتهم حتى الآن.
ظلَّ ياسين القدسي لأشهُر، يتردّد بشكلٍ شبه يوميّ إلى جامعة صنعاء، من أجل استخراج شهادته، غير أنّه لم يستطع لذات السبب، كان القدسي يدرس بنظام النفقة الخاصة منذ سنة 2015، وكان تخفيض الرسوم الجامعية ساريًا إلى حين تخرُّجه سنة 2019، غير أنّه تفاجأ عند المعاملة من أجل استخراج الشهادة الجامعية بفرض مبالغ كبيرة.
ووَفقَ حديث ياسين لـ"خيوط"، فإنّه تفاجأ بمبالغ باهظة يجب عليه سدادها، ويؤكّد القدسي أنّ الجامعة احتسبت عليه سعر صرف 250، حتى في الأعوام التي كان ما يزال فيها سعر الصرف 215 ريالًا، ولم يستطع أن يستخرج أيّ وثائق تُثبت تخرّجه من الجامعة حتى الآن، بحجّة عدم سداده الرسوم الجامعية.
ومنذ سنة 2015، كان قد طُبِّق على طلاب الموازي والنفقة الخاصة قرار تخفيض الرسوم، إلَّا أنَّ الجميع بعد انتهاء دراسته مطالبون بدفع تلك المبالغ التي كانت مخفضة.
ووفقًا لأحد المصادر التي رفضت الكشف عن اسمها، في نيابة شؤون الطلاب بجامعة صنعاء، فإنّ لديهم تعميمًا من رئاسة الجامعة بعدم اعتماد أيّ معاملة إلّا بعد تسديد الرسوم المخفضة سابقًا.
ورغم تحصيل جامعة صنعاء مبالغَ كبيرة من قبل الطلاب، إلَّا أنَّها لم تصرف مرتبات موظفيها، إذ يعيش معظم موظفي جامعة صنعاء حالةً إنسانية صعبة، بسبب عدم صرف مستحقاتهم منذ سنوات.