في أغسطس/ آب 2016، توقّفت مرتبات المعلمين في مناطق سيطرة مسلحي جماعة أنصارالله (الحوثيين) بعد نقل البنك المركزي إلى مدينة عدن، ما أثّر على الآلاف من الذين كانوا يتلقّون رواتبهم شهريًّا من جهاز الدولة.
المدرِّس عمر عبدالعزيز يعمل مُعلِّمًا لمادة الرياضيات في إحدى مدارس محافظة صعدة، وما أن سمع القرار حتى ظلّ يفكّر كيف بإمكانه إعالة أسرته التي تتكوّن من ستة أفراد، بالإضافة إلى والده الذي يعيش معه في نفس المنزل، إذ إنّ أمه تُوفّيَت قبل خمس سنوات بالسرطان.
اختار عمر العودةَ إلى مدرسته، ودخل الحصة الأولى ثم حاول حضور الحصة الثانية التي كانت لصف تاسع، لكنه لم يستطع، فقرّر مغادرة المدرسة والتوجّه إلى المنزل، واعتكف هناك لمدة أسبوعٍ كامل، لا يفعل شيئًا.
بعد حوالي أسبوعٍ تقريبًا، تواصَلَ معه المدير، وهدّده بأنّه إذا لم يحضر لتأدية دروسه، فسيتم استبداله، وردّ عليه المدرس بأنه سيفكر في الأمر، ولأنّه المعلم الوحيد لمادة الرياضيات، كثرت الضغوط عليه من أجل العودة للتدريس، ووعده المدير أن يجمع له مبلغًا من المال سيتم جمعه من الطلاب.
استمرّ المدرّس في التدريس حتى نهاية العام 2017، ثم قرّر التوجّه إلى العمل الحرّ؛ أي بيع ملابس مستخدمة عند بوابة مستشفى السلام السعودي، وعندما شرع بمزاولة عمله، طلبت منه البلدية ترخيصًا ودفع إيجار، ولأنّه لم يكن يملك نقودًا اضطرّ لبيع خاتم زوجته الذهبي، وبدأ بالبيع والشراء.
كان يكسب يوميًّا ما يقارب ألفَي ريال من بيع الملابس المستعملة، وهذا المبلغ لم يكن يفي بالتزاماته الأسرية، وبعد عام صدر قرار البلدية بمنع عمل البسطات أمام بوابة المستشفى، ونقل الذين كانوا يعملون هناك إلى سوق السلام الجديد، في الجهة الجنوبية الشرقية للمستشفى.
ولأنّه لا يستطيع دفع إيجار، قرّر المدرس العودة إلى المنزل؛ تارة يعمل في بيع الملابس معلقةً على كتفيه ويلف بها الشوارع، ونادرًا ما كان يحصل على زبون، وتارة أخرى يمتهن أعمالًا أخرى مثل تصليح الغسالات، أو كحمَّال لدى جمعية الهلال الأحمر.
في العام 2017، تخرّج ابنه أسامة من الثانوية العامة بدرجة 96 في المئة، وحصل على منحة إلى الأردن، وهناك درس لأربع سنوات في تخصص هندسة مدنية، ثم عاد في العام 2022، وبدأ العمل في مكتب الأشغال في المحافظة، وبدأ يساعد والده في مصاريف المنزل.
لا يزال المدرس عمر، يأمل أن يأتي اليوم الذي يتم فيه صرف رواتبه، وقد قرّر العودة إلى المدرسة ومواصلة تعليم صغاره الطلاب.
بالتعاون مع مواطنة