أعلنت الأمم المتحدة السبت 9 أبريل/ نيسان، عن خطة لإنقاذ خزان صافر بتكلفة 80 مليون دولار، حظيت بدعم جميع الأطراف المعنية في اليمن، تشمل استئجار ناقلة نفط كبيرة جدًّا للاحتفاظ بالنفط والطاقم والصيانة لمدة 18 شهرًا.
خطوة أولى مهمة في طريق معالجة مشكلة الخزان الذي تحول إلى أزمة وورقة في الصراع الدائر الذي تشهده اليمن منذ العام 2015، بالرغم من خطورة وضعيته المتردية وتهديده للبيئة البحرية للسواحل الغربية لليمن في البحر الأحمر.
الخطة كشف عنها المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ديفيد غريسلي، في مؤتمر صحفي عقده بنيويورك والذي أزاح الستار فيه عن خطة الأمم المتحدة للتصدي لتهديد خزان صافر، ووصفها بأنها قابلة للتنفيذ بهدف مواجهة هذا التهديد، وقد حظيت بدعم الأطراف. فقد أشركت الأمم المتحدة -وبشكل حثيث- الحكومة المعترف بها دوليًّا في عدن والتي دعمت المبادرة، كما أن السلطات في صنعاء –والتي تسيطر على المنطقة حيث توجد الناقلة– دعمت المبادرة وقامت بتوقيع مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في 5 مارس/ آذار الماضي.
مملكة هولندا، التي تُعد من أكبر الداعمين لجهود الأمم المتحدة، ستستضيف اجتماعًا للمانحين للخطة التشغيلية، يتوقع عقده في النصف الأول من شهر مايو/ أيار القادم، فيما سيتوجه وفد أممي إلى عواصم دول خليجية للترويج للخطة التي أعدتها الأمم المتحدة لإنقاذ الناقلة صافر.
ولعب السفير الهولندي، بيتر ديرك هوف، إلى اليمن دورًا فاعلًا في التوصل إلى الاتفاق الأخير حول خزان صافر وفي إحداث اختراق حول قضية الخزان المعقدة والشائكة منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن عام 2015. وتوج السفير هوف جهوده بزيارة قام بها إلى صنعاء في 2 مارس/ آذار الماضي، للدفع باتجاه حل عاجل للتهديد الوشيك الناجم عن ناقلة النفط صافر التي تمول هولندا جزءًا من البرنامج الأممي لتفادي تسرب نفطي يثير مخاوف يمنية وإقليمية واسعة.
تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة على متن ناقلة صافر في عام 2015 بسبب الحرب، ونتيجة لذلك تدهورت السلامة الهيكلية لناقلة صافر بشكل كبير، إذ تشير التقييمات إلى أن الناقلة غير قابلة للإصلاح، ومعرّضة للخطر في حال التسريب أو الانفجار.
السفينة التي انتهى عمرها الافتراضي قبل عشر سنوات على الأقل، بحاجة إلى صيانة عاجلة وشاملة لمنع حدوث أي تسرب للنفط، إضافة إلى معالجة مشكلة الغلايات التجارية وتزويدها بمادة المازوت لمنع أي حريق أو انفجار، ومن ثَمّ تنفيذ المراحل الأخرى التي تؤدي في النهاية إلى تفكيك هذه السفينة.
وتستمر منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن عام 2015، التحذيرات من أي تسرب نفطي سيمتد بسرعة أيضًا إلى الدول المجاورة الواقعة على البحر الأحمر، من بينها جيبوتي وإرتيريا والسعودية، إذ سيؤثر أي تسرب على الثروة السمكية في البحر الأحمر بأسره ويوثر مباشرة على ملايين الناس في بلد يعاني بالفعل من أكبر طارئ إنساني في العالم، إلى جانب تأثيرها على حركة أكثر من 20 ألف سفينة تعبر من باب المندب سنويًّا، وهو ما سيُحدِث شللًا في أحد أكثر المسارات التجارية ازدحامًا في العالم.
مسارات الخطة
ما يعرف بخزان صافر، هو عبارة عن محطة التصدير الرئيسة للنفط الخام الخفيف الذي كان يستخرج من بعض القطاعات النفطية الواقعة في المناطق الشرقية من اليمن، مثل (القطاع 18) في منطقة صافر بمحافظة مأرب (شمال شرق اليمن)، و(القطاع 9) في منطقة مالك بمحافظة شبوة (جنوب شرق). غير أنّ ضخّ النفط الخام إلى الخزان العائم، توقف في مارس/ آذار 2015، مع بداية التدخل العسكري للسعودية والإمارات، ودول أخرى في اليمن.
وضعية الخزان تؤكد انتهاء العمر الافتراضي لسفينة صافر النفطية منذ ما قبل الحرب بأكثر من أربعة أعوام، ورغم ذلك استمر استخدامها إلى حين تنفيذ مشروع كانت حكومة باسندوة، المتشكلة على إثر ثورة 11 فبراير/ شباط 2011، وافقت على تنفيذه. ويتضمن المشروع بناء خزانات بديلة لخزان صافر العائم، والذي كان يعتبر خارج الخدمة وفق المعايير المتبعة في تحديد عمره الافتراضي، كما لم يكن يخضع لعمليات صيانة.
تتضمن الخطة التي أعدّتها الأمم المتحدة مسارين رئيسين، الأول، تركيب سفينة بديلة على المدى الطويل للخزان العائم صافر خلال فترة مستهدفة تمتد لـ18 شهرًا. إذا حدث تسرُّب، فإن ذلك من شأنه أن يطلق العنان لكارثة بيئية وإنسانية ضخمة، وفي بلد دمرته بالفعل أكثر من 7 سنوات من الحرب.
الثاني، تنفيذ عملية طارئة لمدة أربعة أشهر من قبل شركة إنقاذ بحري عالمية من أجل القضاء على التهديد المباشر من نقل النفط من على متن ناقلة صافر إلى سفينة مؤقتة آمنة. وستبقى الناقلتان في مكانهما حتى يتم نقل النفط إلى الناقلة البديلة الدائمة، وعندئذ سيتم سحب ناقلة صافر إلى ساحة ويتم بيعها لإعادة تدويرها.
وقال السيد غريسلي للصحفيين: "عمل فريقي بجد مع الآخرين خلال الأشهر الستة الماضية لنزع فتيل ما يُسمى حقًّا بقنبلة زمنية موقوتة قبالة ساحل البحر الأحمر في اليمن." وأعرب عن تفاؤله من نجاح الخطة الجديدة المنسقة من قبل الأمم المتحدة للتصدي للتهديد الوشيك المتمثل في حدوث تسرب نفطي كبير من صافر.
وتابع يقول محذرًا: "إذا حدث تسرب، فإن ذلك من شأنه أن يطلق العنان لكارثة بيئية وإنسانية ضخمة، وفي بلد دمرته بالفعل أكثر من سبع سنوات من الحرب."
خزان صافر والخطر البيئي
تم تشييد خزان صافر في عام 1976 كناقلة عملاقة، وتحويلها بعد عقد من الزمن إلى منشأة تخزين وتفريغ عائمة للنفط. وترسو الناقلة صافر على بُعد حوالي 4.8 (ميلًا بحريًّا) قبالة ساحل محافظة الحُديدة. وتحتوي على ما يُقدّر بنحو 1.14 مليون برميل من الخام الخفيف. وتحذر الأمم المتحدة من أن الناقلة تتحلل بسرعة وتحتوي على أربعة أضعاف كمية النفط المنسكبة من ناقلة "إكسون فالديز".
وقد تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة على متن ناقلة صافر في عام 2015 بسبب الحرب، ونتيجة لذلك تدهورت السلامة الهيكلية لناقلة صافر بشكل كبير، إذ تشير التقييمات إلى أن الناقلة غير قابلة للإصلاح، ومعرّضة للخطر في حال التسريب أو الانفجار.
الشهر الماضي مارس/ آذار، توجه إلى رأس عيسى فريق أممي أكّد من خلال محادثات مع الأشخاص في الميدان أن حالة الناقلة البالغة من العمر 45 عامًا تتردى، والأمر يبعث على القلق.
وحذر غريسلي من الضرر البيئي على الدول الواقعة على سواحل البحر الأحمر، ومن ظهور التأثير الاقتصادي لتعطّل الشحن في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
وأكّد المسؤول الأممي أن حدوث تسرّب كبير قد يؤدي إلى تدمير نشاطات الصيد على ساحل البحر الأحمر اليمني، حيث يعيل نصف مليون من صيادي السمك هناك 1.7 مليون فرد. وتابع بالقول: "سوف يتم القضاء على مِئتي ألف مصدر رزق على الفور، وستتعرض كافة العائلات للسموم التي تهدد الحياة."
كما أن حدوث تسريب كبير للنفط قد يتسبب في إغلاق مينائَي الحُديدة والصَّليف مؤقتًا، وهما من الموانئ الضرورية لجلب الغذاء والوقود والإمدادات المنقذة للحياة إلى بلد يعاني فيه 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في اليمن.
كما أن التأثير البيئي على المياه والشعاب المرجانية وأشجار المانغروف الداعمة للحياة سيكون شديدًا، ومن الممكن أن يؤثر ذلك أيضًا على المملكة العربية السعودية وإريتريا وجيبوتي والصومال.
وإلى جانب ذلك، تُقدّر تكاليف التنظيف فقط بـ20 مليار دولار أميركي، ولا يشمل ذلك تكلفة الأضرار البيئية عبر البحر الأحمر، أو المليارات التي يمكن أن تضيع بسبب تعطّل الشحن عبر مضيق باب المندب، وهو أيضًا ممر إلى قناة السويس.
وقال غريسلي: "إن نجاح الخطة يتوقف على الالتزامات المادية السريعة للمانحين لبدء العمل في بداية شهر يونيو/ حزيران القادم"، وحذر من أن الانتظار بعد ذلك يعني تأخير بَدء المشروع لعدة أشهر، وترك القنبلة الزمنية موقوتة.
وأكّد أن هذا هو السبب في "أنني أذكر العالم بالتهديد الوشيك الذي يمثله خزان صافر، مع تسليط الضوء على الخطة القابلة للتنفيذ التي تنسقها الأمم المتحدة لمعالجتها.