رئيس جمهورية، سياسي، مناضل، وأبرز رموز الجبهة القومية. قاد حركة تحرير جنوب اليمن حتى نيل الاستقلال، وأصبح أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد الاستقلال.
ولد قحطان الشعبي في قرية شعب- منطقة الصبّيحة بمحافظة لحج. تلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدينة عدن، ثم سافر للدراسة في السودان، وتخرج مهندسًا زراعيًّا من جامعة الخرطوم سنة 1369هـ/ 1950م، ثم عاد إلى مدينة عدن، وعمل مديرًا للزراعة في عدد من المناطق، منها: أبين، لحج، وحضرموت.
بدأ قحطان الشعبي نشاطه السياسي عام 1369هـ/ 1950م؛ إذ كان من المؤسسين لـ"رابطة أبناء الجنوب"، وكان عمادها الشباب الذين أنهوا دراستهم في مصر والسودان، وعين فيها مسؤولًا عن العلاقات الخارجية، غير أنه ترك الرابطة عقب إعلانها المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي، وهو ما اعتبره خروجًا عن الإجماع الوطني، وبسبب ذلك تعرض للكثير من المضايقات من قبل السلطات البريطانية؛ فرحل إلى شمال اليمن، ومنه إلى مدينة القاهرة لاجئًا سياسيًّا، والتحق هناك بحركة القوميين العرب عام 1377هـ/ 1958م، وظل هناك حتى قامت الثورة، وأطيح بالنظام الملكي في الشمال سنة 1962؛ فترك القاهرة متوجهًا إلى مدينة صنعاء، حيث عُيِّن مستشارًا للرئيس عبدالله السلال لشؤون الجنوب، فعمل على التواصل مع كثير من أبناء الجنوب الذين جاؤوا إلى الشمال مساندين الثورة الجمهورية، وتم الإعلان سنة 1963، عن تشكيل الجبهة القومية لتحرير الجنوب، وانتخب أمينًا عامًّا لقيادتها، واتخذت الجبهة من مدينة تعز مقرًّا رئيسيًّا لها، وبدأت بشن هجمات مسلحة على التواجد البريطاني؛ فحررت المناطق الجنوبية واحدة تلو الأخرى، وبعد تحرير مدينة زنجبار في محافظة أبين، عقد الشعبي مؤتمرًا صحفيًّا باسم الجبهة القومية دعا فيه السلطات البريطانية إلى الاعتراف بالجبهة القومية، والتفاوض معها، وحين قبلت السلطات البريطانية بذلك، رأس قحطان وفد الجبهة القومية في هذه المفاوضات، ووقع مع السير شاكلتون، وثيقة الاستقلال؛ فأجليت القوات البريطانية عن جنوب اليمن، ثم شكلت حكومة الاستقلال، وأصبح قحطان الشعبي أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ورئيسًا للوزراء؛ فعمل على توحيد أكثر من 20 سلطنة وإمارة في كيان واحد.
واجه الرئيس قحطان الشعبي مشاكل جمة وخزينة خالية، وعقب انتخابه أمينًا عامًّا للجبهة القومية في مؤتمرها الرابع، انقسمت الجبهة القومية إلى فريقين: فريق يتبناه تيار عرف بالتيار الإصلاحي، ويرى أن إصلاح الجيش ينبغي أن يتم تدريجيًّا، وفريق آخر يتزعمه التيار اليساري، ويرى أن مليشيات الجبهة وعناصر الفدائيين ينبغي أن يحلّوا بشكل جذري محل الجيش القديم. غير أن الجيش، مراعاة لمصالحه، قام بانقلاب اعتقل فيه العديد من القادة اليساريين؛ فعمل اليساريون على تحريك المظاهرات الشعبية والمليشيات؛ مما اضطر الجيش إلى إطلاق سراح المعتقلين، فزادت الخلافات داخل الجبهة القومية، ورغم الاتفاق الذي أبرمه قادة الجبهة بمختلف اتجاهاتهم، والقاضي باستمرار حركة التحرر، إلا أن الوضع ظل يسير نحو الأسوأ؛ ما جعل قحطان الشعبي يقدم استقالته، فاستأثر اليساريون بالسلطة، وجرى إحلال مجلس رئاسة محل الرئيس قحطان، ووضع الأخير تحت الإقامة الجبرية في منزله بمدينة عدن، حتى توفي في العام 1402هـ/ 1982م.
وفي تعقيب على هذه الأحداث، يقول نجيب قحطان الشعبي، نجل الرئيس الأول للجمهورية في جنوب اليمن بعد الاستقلال، إن قوى اليسار لم تقدم على تحريك مظاهرات للضغط من أجل الإفراج عن القادة اليساريين الذين اعتقلهم الجيش في 20 مارس/ أذار [1968]. وأضاف في رسالة بعث بها إلى "خيوط" أن الرئيس قحطان الشعبي "عارض بشدة" اعتقال الجيش لقادة اليسار ووجه الجيش بالإفراج عنهم، وأطلق سراحهم في نفس اليوم.
وكتب نجيب قحطان الشعبي في رسالته:
"لم يوضع الرئيس قحطان بعد استقالته في إقامة جبرية بمنزل مع أسرته حتى وفاته، وإنما حُبس انفراديًا بغرفة بمنطقة الرئاسة، وحرم من كل شيء عدا جهاز راديو ترانزستور وملعقة لتناول الطعام، الذي كان عبارة عن فضلات طعام الجنود المكلفين بحراسته، وظل محبوسًا دون محاكمة أو تهمة طوال عهد سالم ربيع، ثم عبدالفتاح إسماعيل، ثم علي ناصر محمد الذي اغتيل في عهده بحقنة، بعد أكثر من 11 سنة من الحبس الانفرادي." كما يؤكد أن وفاته كانت في العام 1981.
هوامش:
(1) الحكومات اليمنية خلال أربعين عامًا، إعداد ضياء الصلوي، وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، ط2، ص 79.
(2) يقول الأستاذ سعيد الجناحي عن هذا الكتاب: "يعتبر كتاب قحطان من أهم الكتب التي صدرت في بداية الستينيات. لقد عرف بالأوضاع السائدة في اليمن، وموقف النظام الإمامي السلبي والمتخاذل من دعم النضال الوطني لتحرير الجنوب، وفند طبيعة تداخل والتقاء المصالح بين القوى الرجعية والاستعمار على حساب الشعوب، وكشف المخططات البريطانية الرامية إلى تعزيز مواقعها الاستعمارية، والمؤامرات التي تحيكها ضد الأمة العربية، وقدم الكتاب عرضًا للقوى الوطنية، ورؤية لدورها الكفاحي في معركة تحرير الجنوب" [الموسوعة اليمنية: 3/1724].