حذّرت منظمات أممية من العدد المقلق لحالات فيروس شلل الأطفال المتحور في اليمن، حيث تم الإبلاغ عن 273 حالة على مدى السنوات الثلاث الماضية، وسط أزمة إنسانية قائمة، وانخفاض معدلات التحصين.
بحسب بيان صادر عن منظمة اليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية؛ تُظهِر البيانات بأن شلل الأطفال لا يزال يهدد حياة العديد من الأطفال في اليمن، حيث إنه قد يسبب شللًا دائمًا لا علاج له أو يؤدي إلى الوفاة، لكن يمكن الوقاية منه بالتطعيم. يأتي هذا في وقتٍ يواجه فيه أطفال اليمن مشكلات تهدد حياتهم، مثل: الكوليرا، والدفتيريا، وسوء التغذية.
في اليمن، الذي ظلّ خاليًا من شلل الأطفال حتى عام 2020، انخفضت معدلات التحصين الوطنية ضد شلل الأطفال من 58 في المئة في عام 2022 إلى 46 في المئة في عام 2023؛ بسبب هشاشة النظام الصحي والأزمة الاجتماعية والسياسية والأمنية.
آليات الاستجابة للفاشية
تؤكّد بعثة منظمة الصحة العالمية في اليمن، أن فاشية فيروس شلل الأطفال المتحور من النمط الثاني في اليمن، لا تزال مستمرة وسط تزايد حالات الطوارئ الصحية الأخرى، ممّا يزيد من إجهاد النظام الصحي المنهَك أساسًا. لكن من خلال العمل التشاركي والاستراتيجيات المخصصة التي تدمج الخدمات الصحية الأساسية مع خدمات التحصين ضد شلل الأطفال، بالإمكان العمل على تعزيز آليات الاستجابة للفاشية والترصد، وإحراز تقدم كبير نحو القضاء على انتشار فيروس شلل الأطفال المتحور في اليمن.
تقول منظمة اليونيسف في اليمن: "إن المعركة ضد شلل الأطفال صعبة، في سياق هش ومتأثر بالنزاع، مثل اليمن. لكن القضاء على تفشي شلل الأطفال أصبح في متناول اليد، وبحاجة إلى توحيد الجهود مع السلطات المحلية والعاملين الصحيين وقادة المجتمعات المحلية والشركاء الآخرين لضمان تطعيم كل طفل من الأمراض التي يمكن الوقاية منها".
ولسدّ فجوة التحصين ومكافحة الزيادة في حالات شلل الأطفال، توضح المنظمتان -منظمة الصحة العالمية واليونيسف- تعاونهما مع وزارة الصحة والشركاء الآخرين للوصول إلى الأطفال والمجتمعات المحرومة.
منذ عام 2023، تم إجراء سلسلة من حملات التحصين ضد شلل الأطفال. وصلت الحملتان اللتان أجريتا في عام 2024 إلى (1.2) مليون طفل في الجولة الأولى في شهر فبراير/ شباط، وأكثر من (1.3) مليون طفل في الجولة الثانية في شهر يوليو/ تموز، وهو ما يمثل تغطية بنسبة 100%، و102%، على التوالي.
بالإضافة إلى ذلك، توحد وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف والتحالف العالمي للقاحات والتحصين وشركاء آخرون، الجهود لتنفيذ "مبادرة الاستدراك الواسعة" التي تهدف إلى إعادة تفعيل وتسريع خدمات التحصين الروتينية للأطفال الذين فاتتهم اللقاحات الحيوية.
على الرغم من التحديات المستمرة، أطلقت السلطات والشركاء الصحيون المبادرةَ المشتركة للتوسع في الاستجابة للطوارئ الصحية. تهدف هذه المبادرة إلى توسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية الأولية المتكاملة، بما في ذلك التطعيم. وينصبّ التركيز على الوصول إلى المناطق التي لا تصلها الخدمات، وتعزيز العدالة الصحية، والتصدي للتفشي المستمر لشلل الأطفال والحصبة.
إنقاذ حياة الأطفال
تقول منظمة اليونيسف: "إن المعركة ضد شلل الأطفال صعبة، في سياق هش ومتأثر بالنزاع مثل اليمن، لكن القضاء على تفشي شلل الأطفال أصبح في متناول اليد".
تضيف: "نحن بحاجة إلى توحيد الجهود مع السلطات المحلية والعاملين الصحيين وقادة المجتمعات المحلية والشركاء الآخرين؛ لضمان تطعيم كل طفل ضد شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي يمكن الوقاية منها".
وبينما تُبذَل الجهود، هناك حاجة إلى دعم مستمر وموارد إضافية لتكثيف المبادرات الهادفة للقضاء على شلل الأطفال وإنقاذ حياة الأطفال من هذا المرض الموهِن. تدعو منظمة الصحة العالمية واليونيسف الحكومات والشركاء والجهات المانحة إلى إعطاء الأولوية لتطعيم جميع الأطفال ضد شلل الأطفال، من خلال حملات التطعيم الوطنية.
إضافة إلى تعزيز أنظمة التحصين، لضمان حصول جميع الأطفال على اللقاحات الأساسية المنقذة للحياة، وتقديم حزمة متكاملة من الخدمات الصحية، بما في ذلك لقاح شلل الأطفال، وكذا حماية العاملين في المجال الإنساني والعاملين في مجال الرعاية الصحية.
حماية الأطفال بالتطعيم
في 25 فبراير/ شباط 2024، أطلقت اليونيسف حملة تطعيم توقعت أن يتم من خلالها حماية حوالي (1.3) مليون طفل دون الخامسة من شلل الأطفال في 12 محافظة يمنية، ضمن المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف.
أتت حملة التطعيم هذه استجابةً لتفشي فيروس شلل الأطفال من النوع الثاني، الذي أدّى حتى الآن إلى إصابة 237 طفلًا بالشلل في عموم مناطق اليمن. يمكن أن تؤدّي الإصابة بشلل الأطفال، الذي ليس له علاج حتى الآن، إلى شلل دائم ومنهك، غير أنه من الممكن الوقاية منه بسهولة عن طريق التطعيم.
بالنسبة لأطفال اليمن، فإنّ هذا اللقاح -بحسب اليونيسف- يزوّدهم بالحماية التي هم في أمس الحاجة إليها، ولا سيّما أننا نتحدث عن واحدة من أكثر البيئات صعوبةً في العالم.
في حين قالت منظمة الصحة العالمية: جميعنا نعلم أنّ الأمر لا يقتصر فقط على تنبيه الآباء والأمهات لمسألة أهمية تطعيم أطفالهم؛ ففي اليمن، يكابد الآباء آثار النزاع والأزمة الاقتصادية والبنية التحتية والخدمات الصحية العامة المحدودة للغاية.