ما الأثر الذي قد يتركه كتاب الصحافية نادرة عبدالقدوس (ماهية نجيب؛ الريادة)؟! أهو الشعور بالغنى المعرفي للأحداث التاريخية التي مرت بها مدينة عريقة كمدينة عدن في مرحلة مهمة من تطورها أم هو الانطباع المليء بالدهشة والإعجاب والانبهار بموضوع الكتاب الذي يتجلى بسيرة الحياة العملية والاجتماعية للسيدة ماهية نجيب باعتبارها رائدة العمل الصحفي في اليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية في الستينيات من القرن الماضي؟
هناك احتمال كبير بأن يترك هذا الكتاب عند قراءته الكثير من الانطباعات الفكرية بأشكالها المختلفة التي قد تغزو ذهن القارئ المتميز بمستوى جيد من الثقافة العامة.
ولكن فيمَ تكمن أهمية هذا الكتاب حقيقةً؟
من المؤكّد أنّ التباين في الآراء سوف يكون حاضرًا، وهذا شيء طبيعي في عالم البشر المتعدد الاختلافات؛ لكن أهمية الكتاب كقيمة أدبية ومنتج معرفي وفكري، حاضرة أيضًا في الكثير من الجوانب الذي يتصدى لها، والتي تتجلى بسطوع قوي في الدفاع عن حقوق المرأة اليمنية، كيانًا إنسانيًّا، اجتماعيًّا مستقلًّا يمتلك الحق في أن يكون له دورٌ فاعلٌ ومؤثرٌ في المجتمع ويمتلك الحق أيضًا في أن يؤرخ له هذا الدور كجزء فاعل في تاريخ الوطن.
كتاب يهدف للتعريف بشخصية نسائية ذات مزايا ليست بالعادية، وتسليط كل الأضواء الممكنة للكشف عن دورها الفاعل والمتميز في مرحلة مصيرية مرت بها مدينة عدن. فهي أول امرأة تمتلك مجلة شهرية (فتاة شمسان) تعنى بشؤون المرأة والأسرة، كما ترأست تحريرها؛ ولذا فهي أول امرأة تقتحم مجال العمل الصحفي في عدن وجنوب شبه الجزيرة العربية. كما يهدف الكتاب أيضًا لتوثيق تجربتها الرائدة والبحث في تاريخها المتميز والمرتبط بتاريخ مدينة عدن.
ولكن ما الدافع لدى الكاتبة نادرة عبدالقدوس لأن تتجشم كل هذا العناء في البحث والتقصي عن كل ما يتعلق بهذه السيدة، وتقاسي مشقة نشر هذا الكتاب، وقد عدّته أهم مشروع قامت به ككاتبة صحفية؟! ولنا أن نتخيل مدى الصعوبة التي واجهت الكاتبة في الحصول على مصادر للمعلومات المتعلقة بموضوع الكتاب، في ظل التعتيم الصاخب على هذه الشخصية وعلى كل ما قامت به في مجال العمل الصحفي والتنويري المتعلق بقضايا المرأة والأسرة، حيث لم تجد الكاتبة شيئًا يذكر من مجلة (فتاة شمسان) في المكتبة الوطنية في مدينة عدن رغم جولاتها وصولاتها في أرفف الصحف والمجلات اليمنية القديمة. حتى إن الدراسات والأبحاث المختلفة في تاريخ الصحافة اليمنية، لم تُشِر إلى وجود مجلة (فتاة شمسان) أو صاحبتها.
كم هذا غريب ومخزٍ؛ ألّا تجد ما يشير إلى وجود هذه الإنسانة المتميزة في حقل العمل الصحفي! وبرأيي كقارئة لهذا الكتاب أرى أنّ هذا الإهمال المتعمد كان إجراءً قاسيًا مارسته بعنف أدواتُ السلطة السياسية التي استلمت مقاليد الحكم بعد خروج الاستعمار البريطاني من عدن وجنوب اليمن. كما كان مماحكة سياسية وانتقامًا أهوج من الفصائل الوطنية الأخرى التي وُجدت في تلك المرحلة.
أستطيع القول إن مسؤولية الضمير المهني والإنساني لدى الكاتبة أمام عملية التغييب والإقصاء المعرفي لهذه القامة الصحفية النسائية الرائعة وأمام الإهمال الشديد والمتعمد لمرحلة تاريخية مهمة مرت بها مدينة عدن وسكانها الرواد في عملية التنوير والتحرير أثناء النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني شكّلا دافعًا قويًّا لكل هذا الجهد القيم الذي بُذل في تأليف هذا الكتاب، ليس هذا وحسب بل إنّ الضمير المهني للكاتبة قد أبى عليها أن تتنكر هي أيضًا لوجود هذه الشخصية الصحفية النسائية، فكان هذا الكتاب المهم، الذي جسّد جهدًا حقيقيًّا وصورة خلاقة لقوة الإرادة والتصميم وجزالة العطاء المبذول من الوقت والجهد النفسي والبدني الذي صاحب تنفيذ هذا المشروع المعطاء والذي بدوره قد أعاد الاعتبار التاريخي الوطني والإنساني للسيدة ماهية محمد عمر الشيبة (جرجرة) أو ماهية نجيب كما كانت تعرف. لقد أعاد هذا الكتاب الوجود الحقيقي لهذه الشخصية الوطنية وبه ما عاد بالإمكان تغييب تاريخها الحافل بحب الوطن أو التغاضي عن ارتباط أحداث حياتها بأحداث المدينة والبلاد.
الكتاب يمثل إبحارًا وغوصًا في أعماق بحر الحياة التي قُدِّرَ للسيدة ماهية نجيب (موضوع الكتاب) أن تعيشها. تلك الحياة الزاخرة بأفراحها وأتراحها، بكل الأبعاد والأحداث التي عاصرتها، كإنسانة يحتل الوطن في قلبها مكانةً رفيعة وكزوجة وأم وامرأة من ناحية، وما حدث في آنٍ واحد في مدينة عدن من حراك نضالي وطني وتفاعل اجتماعي تزامن مع هذا الحراك من ناحية أخرى، فشكّل هذا التفاعل نصبًا تاريخيًّا (المرأة/ المدينة) بارزًا وزاخرًا بمعاني الحب، النضال، الصمود، الإصرار والإيمان بقضايا الإنسان والوطن.
تعد قراءة هذا الكتاب، وهو نص أدبي جميل، يتسم ببساطة اللغة وبُعدها عن التكلف والغرابة، رحلةً ممتعة في سماء المعرفة، ليس للشخصية الرئيسة فقط، بل للمرحلة التاريخية التي مرت بها مدينة عريقة كمدينة عدن بشكل خاص، واليمن بشماله وجنوبه بشكل عام، هذه المرحلة التي واكبت الكثير من الأحداث العربية والعالمية، كنشوء حركات التحرر العربية وظهور المدّ القومي والاشتراكي على الساحة العربية والعالمية. هذه المرحلة التاريخية بكل إرهاصاتها المؤثرة في الحياة الاجتماعية والسياسية لمدينة عدن قد شكّلت عاملًا قويًّا في بلورة الأبعاد الشخصية والنفسية والأدبية للسيدة ماهية نجيب. حينها ندرك أننا أمام شخصية نسائية ذات مزايا خلاقة تتجاوز واقع النساء المتردي إنسانيًّا واجتماعيًّا في ذلك الزمن، كما ندرك أيضًا مدى أهمية وجود كتاب كهذا في فضاء المعرفة ومجالات الكتابة التوثيقية التاريخية المهمة والضرورية لعمليات توثيق وتدوين المراحل التاريخية لشعب ما.
ملخص للكتاب:
يحتوي الكتاب على حوالي مئة وثمانين صفحة، تستهل فيه الكاتبة صفحاته الأولى بكلمات الإهداء والشكر، تهديها لروح والدها المتوفَّى ولعائلتها الصغيرة، وعلى رأسهم زوجها وشريك حياتها، كما تهديه لوالدتها، ولكل من ساندها في طباعة النسخة الثانية منه.
للكتاب مقدمتان بقلم الكاتبة؛ المقدمة الأولى خاصة بالطبعة الثانية تبدي فيها الكاتبة أسباب عزمها على طباعة الكتاب للمرة الثانية والظروف المساعدة لذلك. أما المقدمة الثانية وهي مقدمة الطبعة الأولى للكتاب، فتشرح فيها الكاتبة عوامل نشأة فكرة الكتابة عن شخصية السيدة ماهية نجيب، وأهمية الكتابة عنها باعتبارها رائدة العمل الصحفي النسائي، ليس في اليمن فقط، وإنما في جنوب شبه الجزيرة العربية بكاملها. وفي هذه المقدمة يتبين عزم الكاتبة الشديد في عام 1992م، على الشروع في تنفيذ فكرة الكتاب، فكان أن اتجهت إلى الأستاذ الأديب الشاعر والصحفي الكبير القرشي عبدالرحيم سلام -رحمه الله- الذي اعتبرته الكاتبة المسؤولَ الأول عن هذه الدراسة كما اعتبرت نفسها تلميذته، حيث كان افتخارها بمساندته ومؤازرته لها كبيرًا. ولقد كان من المفترض أن يقدم الأستاذ القرشي عبدالرحيم سلام للكتاب إلا أنّ المنية وافته عام 1998م. وفي هذه المقدمة يتضح أيضًا حجم الجهد الهائل التي بذلته الكاتبة في رحلة البحث والتقصي عن المعلومات المتعلقة بشخصية الكتاب وحصولها على بعض النسخ من أعداد مجلة (فتاة شمسان)، فبالرغم من دخول البلاد في نفق مظلم جراء حرب الإخوة عام 1994م كما تصفها الكاتبة، وترسخ حالة الحزن والقهر في النفوس، استطاعت إلى حدٍّ ما استعادة التوازن والاستقرار النفسي لمواصلة استكمال مشروع الكتاب في السنوات اللاحقة.
لقد تخللت سطور مقدمة الطبعة الثانية مشاعر الفرح والسرور لإعادة طباعة هذا الكتاب بنسخته الثانية والتي لم تكن لترى النور دون دعم الأستاذ المهندس حيدر أبوبكر العطاس، كما جاء في كلمة الشكر الموجهة إليه في الصفحة الأولى من الكتاب. لكن الحزن والأسى يتجلى أيضًا في بعض السطور الأخرى حيث نعلم أن (الطبعة الأولى) من الكتاب قد تمت بدعم من اتّحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين في صنعاء وبمجهود كبير من الدكتور عبدالرحمن عبدالخالق، رئيس فرع الاتّحاد في عدن سابقًا. لكن هذه الطبعة وللأسف الشديد بقيت سجينة مخازن الاتّحاد في صنعاء، ولم يتم عرضها في المكتبات أو في سلسلة معارض الكتاب المحلية والخارجية التي يشارك فيها الاتّحاد. وهكذا لم يتم تداول الكتاب في طبعته الأولى بين القرّاء والمهتمين.
و"رُبّ ضارة نافعة"؛ فرغم تراكم عشر سنوات من مخزون مشاعر الحزن واليأس والإحباط لدى الكاتبة نادرة عبدالقدوس التي قامت بسدّ كل منافذ الاستسلام، فقد استفادت من إعادة طباعة الكتاب، بإغنائه بعدد كبير من الصور الفوتوغرافية الخاصة بشخصية الكتاب التي التُقطت لها في مراحل مختلفة من حياتها العملية والاجتماعية، وأدرجت فيه أيضًا مراسلاتها مع صديقتها العزيزة الصحفية المصرية السيدة نفيسة الصريطي. كما تمت الاستعانة بعدد من أفراد عائلة السيدة ماهية نجيب في مّد الكاتبة ببعض المعلومات التي لم تتوفر أثناء الطباعة الأولى للكتاب. ومما زاد هذه الطبعة من الكتاب (الطبعة الثانية) ألقًا جميلًا إضافة إلى ما تقدم، ما جاء فيه من كلمات التقدير والإعجاب والتكريم المعنونة لشخصية الكتاب، هذه الكلمات التي اعتبرتها الكاتبة تقديمًا أدبيًّا رفيعًا ومهمًّا أضفى على الكتاب لمحة الوثيقة التاريخية البارزة والخالدة في المجال الصحفي والفكري والأدبي من شخصيات لها بصمات واضحة على الساحة الوطنية والفكرية والأدبية والصحفية في تأريخ مدينة عدن، ومنهم، على سبيل المثال لا الحصر: الدكتورة أسمهان العلس، والأساتذة الكرام: عبده حسين أحمد، وعلي عبدالله أمان، ونجيب محمد يابلي.
وهكذا فقد تضمنت مقدمتا الكتاب شرحًا ووصفًا لأبعاد مشروع الكتاب ومدى الجهد الذي بذل في استكماله وطباعته، كما أنهما تبيّنان مدى ارتباط الكاتبة العملي والنفسي بشخصية الكتاب ومدى إيمانها العميق ككاتبة وصحفية بأهمية هذا المشروع الفكري.
فصول الكتاب:
تكوّن الكتاب من ثمانية فصول، تناول الفصل الأول: تطور الوعي السياسي في عدن، وفيه ألقت الكاتبة الضوء على صفحات من تاريخ مدينة عدن وعوامل تطور الوعي السياسي فيها، وكُرّس الفصل الثاني لدراسة: الحركة النسائية في عدن/ بدايات التعليم وريادة السيدة نور حيدر في تعليم الفتيات، وفيه استعراض لبدايات النشاط النسوي الاجتماعي في مدينة عدن. وجاءت الفصول الستة اللاحقة مخصصة للسيدة ماهية نجيب، فالفصل الثالث يحمل عنوان: ماهية نجيب رائدة الصحفيات اليمنيات، وفيه عرض لسيرة حياة السيدة ماهية نجيب وارتباطها الوطني بالعمل الصحفي، والفصل الرابع: الميلاد والتحدي، وتضمّن دراسة لميلاد مجلة (فتاة شمسان) والتحديات التي واجهتها السيدة ماهية نجيب في إصدارها. أما الفصل الخامس: حقوق المرأة في (فتاة شمسان)، ففيه بيان ما تضمنته المجلة من مطالبات بحقوق المرأة في مجال التعليم والعمل والمساواة، ودورها في النهوض بالمستوى الثقافي والأدبي للمرأة.
ويكشف الفصل السادس: ماهية نجيب السفيرة، الدور الذي اضطلعت به ماهية نجيب على الصعيد الخارجي من خلال تمثيل المرأة اليمنية في المؤتمرات النسائية العربية والأجنبية، ويعبر الفصل السابع: التطورات اللاحقة في فتاة شمسان، عن الانتقالة في مجلة (فتاة شمسان) من المطالبة بالحقوق المدنية في التعليم والعمل والمساواة إلى المطالبة بالحقوق السياسية للمرأة العدنية. ويشكّل الفصل الثامن: شهادات، وهي شهادات حيّة لنساء عاصرن السيدة ماهية نجيب خاتمة لهذا الكتاب، ويعكس مدى اعتزاز النسوة اللاتي عاصرنها بجهودها.
كما يتضمن الكتاب كلمات تحت عنوان (قالوا عنها)، كتبتها شخصيات بارزة في ساحة الأدب والفكر والصحافة، تشيد بما قدّمته رائدة الصحافة السيدة ماهية نجيب من جهود في عديد من القضايا الاجتماعية والوطنية التي تخص المرأة العدنية ومدينة عدن.
أهمية الكتاب تكمن في محتواه ومضمونه وفي رصد وتدوين سيرة السيدة ماهية نجيب باعتبارها رائدة العمل الصحفي النسائي في عدن وجنوب الجزيرة العربية، وفي توثيق دورها النضالي المتميز في قضايا الوطن وحقوق المرأة العدنية، إذ تعدّ رمزًا شامخًا للضمير الإنساني والوطني، ومثالًا جميلًا للتفاني والإصرار في العمل، وأنموذجًا يحتذى به في الكفاح والنجاح.
أسلوب الكتاب:
يعتمد الكتاب طريقة السرد المتزامن للأحداث التاريخية التي مرت بها مدينة عدن والتي واكبت مسيرة حياة شخصية، وموضوع الكتاب السيدة ماهية نجيب كرائدة للعمل الصحفي في جنوب الجزيرة العربية. والكتاب في نصه من وجهة نظري سردٌ بليغ في بساطته وشفافية معانيه، سرد يتناغم بين التوثيق التاريخي والتقرير الصحفي الممتع، والتبليغ بما كان مخفيًّا من جهة، وتلاحم التدوين الروائي المترابط بين شخصية الكتاب وكاتبته من جهة أخرى. فلا عجب إن اعتبرت الكاتبة والصحفية اللامعة نادرة عبدالقدوس، هذا العمل أهم مشروع قامت به حتى الآن على امتداد مسيرتها المهنية الغنية بالخبرة العميقة في مجال الكتابة الصحفية.
مراجع الكتاب:
لقد استعانت الكاتبة في تسجيل وقائع الحياة الشخصية والعملية لموضوع الكتاب المكرس للسيدة ماهية نجيب بالمعلومات التي استطاعت الحصول عليها عن طريق المقابلات التي أجرتها مع المقربين لهذه الشخصية من أبناء وبنات وأقارب وصديقات، كما استفادت الكاتبة من أعداد مجلة (فتاة شمسان) في معرفة ودراسة أبعاد هذه الشخصية الفذة. تلك الأعداد من المجلة كان -لحسن الحظ- قد احتفظ بها أحدُ أبناء السيدة ماهية نجيب.
وفي قائمة المراجع في آخر الكتاب، يتضح جليًّا الجهد الهائل التي بذلته العزيزة نادرة عبدالقدوس في الحصول على المعلومات المهمة لتسجيل وقائع الحياة الشخصية والعملية لموضوع الكتاب (السيدة ماهية نجيب). وكم كان التواضع ساطعًا حين قالت الكاتبة إن مستوى هذا العمل بسيط ولا يرقى إلى المستوى الرفيع التي تتميز به شخصية الكتاب وما قدمته من دور عظيم في غمار النضال التحرري ضد الظلم والجهل منادية بحرية المرأة وحقها في التعليم والعمل.
خاتمة القراءة:
من كل ما تقدم، للكتاب أهميةٌ قصوى تكمن في محتواه ومضمونه وفي رصد وتدوين سيرة السيدة ماهية نجيب باعتبارها رائدة العمل الصحفي النسائي في عدن وجنوب الجزيرة العربية وفي توثيق دورها النضالي المتميز في قضايا الوطن وحقوق المرأة العدنية، إذ تعدّ السيدة ماهية نجيب رمزًا شامخًا للضمير الإنساني والوطني، ومثالًا جميلًا للتفاني والإصرار في العمل، وأنموذجًا يحتذى به في الكفاح والنجاح. وقد خلق قلم الكاتبة نادرة عبدالقدوس وجودًا جديدًا بارزًا وشامخًا لشخصية الرائدة ماهية نجيب، وكان صوتها المشحون بعزيمة الدفاع عن حقوق المرأة اليمنية. ومما يحزّ في النفس ويؤلم القلب خذلان وظلم ثورة الرابع عشر من أكتوبر للسيدة ماهية نجيب، ولكثير من رواد النضال الوطني التنويري والتحرري في مدينة عدن.
ويعدّ الكتاب في نظري من ضمن الكتب المهمة التي عملت على توثيق تاريخ النضال الوطني التحرري في عدن وجنوب اليمن أثناء الاستعمار البريطاني، ليس ذلك فحسب بل إن للكاتبة الصحفية نادرة عبدالقدوس ميزة السبق والريادة في رصد وتوثيق تاريخ الحركة الصحفية النسائية في عدن وجنوب الجزيرة العربية، وحُقّ لهذا الكتاب أن يُغني المكتبة الوطنية في اليمن وأن يرصد كمرجع مهم في الدراسات الإعلامية والصحفية. وهنا يحق للمرأة اليمنية أن تشيد وتفخر بالكاتبة نادرة عبدالقدوس على هذا الجهد الأدبي التوثيقي الرائع الذي يستحق الشكر والتقدير.
وختامًا، نأمل أن ينال هذا الكتاب الاهتمام الواسع الذي يستحقه من جميع شرائح المجتمع، فهو حقًّا جدير بالقراءة.