بذور المعرفة تنمو بنمو الإنسان منذ الصغر وتكبر مع تراكم التجارب والخبرات عبر مختلف المراحل العمرية، في حين لا يأتي الطموح وتحقيق الأهداف عبر عبارات التمنّي بدون القيام بأيّ محاولات
بل هو حصيلة جهد مبذول وصقل المهارات، إضافة إلى استخدام مختلف أساليب ووسائل التحفيز منذ سنّ مبكرة تبدأ بالارتباط الفعلي بالتعلم والكتب والقراءة، لعكسه إلى واقع معاش.
في هذا السياق، تشهد مكتبة مسواط للأطفال المتخصصة بالقراءات متعددة المحاور ومختلفة الأفكار خلال الفترة الماضية، نشاطًا وحركة مزدهرة ولافتة والذي تعبر عنه مديرة المكتبة وفاء غالب، في حديثها لـ"خيوط"، بالإشارة إلى ما تمثّله هذه اللحظة في حصاد ثمار القراءة التي أينعت في عقول وقلوب الأطفال.
هناك أهمية قصوى لتطوير أساليب التواصل مع الأطفال، التي يجب ألّا تكون عبر دائرة الأوامر، بل تقتضي الضرورة الحديثة أن يكون التواصل بشكل "أفقي" لبناء ثقة الطفل بنفسه، ولخلق شعور لديه، أنه من الضروري أن يكون فاعلًا، حتى في دائرته الصغرى (الأسرة).
تضيف غالب، أنّ العدد الإجمالي للأطفال الذين زاروا مكتبة مسواط العام الماضي يتجاوز ستة آلاف طفل وطفلة، في حين تبقى المحصلة الأهم والتي تُستثمر في الأطفال، هي حبّهم للقراءة، واختياراتهم التي ترتفع مع قدومهم باستمرار إلى المكتبة التي عملت على خلق جوّ تفاعليّ لجذب وترغيب الأطفال بالكتب، عن طريق بعض النشاطات والألعاب الفكرية الدورية والتي تقوم بها في المكتبة.
تطوير أساليب التواصل
أنشِئت مكتبة مسواط في عام 1919، من قبل سلطات الاستعمار البريطاني لتثقيف جنودهم، حيث أطلقوا عليها اسم lake library)) أو مكتبة البحيرة، بينما تحوّلت في العام 2001 إلى مكتبة للأطفال، قبل أن تتحول بعدها بأربع سنوات، إلى تسميتها بمكتبة (مسواط)، تقديرًا للتربوي الشهير والصحفي محمد سعيد مسواط.
يحكي لـ"خيوط"، الإخصائي الاجتماعي، محمد سنان، عن أهمية طرق ترغيب الأطفال بالقراءات المختلفة، عبر خلق جو ملائم ومناسب، والحثّ المستمر على ماهية طرح السؤال من قِبل الأطفال، وطريقة طرح السؤال أيضًا، قائلًا: "من المهم جدًّا مواكبة العالم عبر طرق التربية الحديثة، والتي تجعل من الفكرة أساسًا ومنهجًا".
بالمقابل، هناك أهمية قصوى لتطوير أساليب التواصل مع الأطفال، التي يجب ألّا تكون عبر دائرة الأوامر، بل تقتضي الضرورة الحديثة أن يكون التواصل بشكل "أفقي" لبناء ثقة الطفل بنفسه، ولخلق شعور لديه، أنه من الضروري أن يكون فاعلًا، حتى في دائرته الصغرى (الأسرة).
ساهمت التكنولوجيا وثورة التقنيات الحديثة، في خلق جدار بين الرغبة الثقافية، وبين سهولة الوصول للمعلومة، حتى مع سهولة الوصول للمعلومة في ظلّ التطورات الحديثة، إلّا أنّها علّمت الكثير -بحسب سنان- الكسل في البحث؛ الأمر الذي ينعكس على الأداء الوظيفي لعمل الدماغ، في التذكر والبحث.
الخيال وحكايات الجدات
يشرح الناشط الاجتماعي محمد الديني، مسألة نفور الأطفال من القراءة، بسبب العادات المحيطة بهم قائلًا: "إنّ الطفل في بداية عمره يبدأ بالتقليد، بالذات يقلد إخوته الكبار أو أمه وأبيه".
ومع غياب الكتاب في المنازل، يتعود الطفل على الابتعاد عن الكتب، حتى إن لم ينَم إلّا على حكايات الجدات، فحكايات الجدات ربما تكون الرابط الوحيد بين الطفل وبين الخيال، لكن عندما يكبر قليلًا -وفق حديث الديني لـ"خيوط"- ينقطع الخيال لديه، فيتحول إلى فرد هامشي، لا يفكر ولا يُحلّل.
ويرى هذا الناشط الاجتماعي أنّ المقصود بالخيال، هو الخيال الإيجابي، والذي تُستثمر فيه العقول، فالقراءة هي مصنع فكري، يتجلى فيه الخيال الإيجابي في أبهى صورة.
يؤكّد في ختام حديثه، أنّ الضرورة التي يتطلبها الواقع الجديد تقتضي تشجيع الأطفال على القراءة بطرق مختلفة، مثل هذا المشروع المهم المتمثل بمكتبة مسواط، والدور الفاعل والمتنامي مؤخرًا الذي تقوم به في ترغيب الأطفال بالقراءة؛ الأمر الذي يمنح الجميع بصيص نور في جيل المستقبل.