دشنت وزارة الصحة العامة والسكان في عدن التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا بالتعاون مع اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية السبت 23 سبتمبر/ أيلول، حملة التطعيم المتكاملة ضد الحصبة والحصبة الألمانية، وفيتامين (أ)، وفيروس كورونا. وتهدف هذه الجهود المشتركة لمكافحة التفشي المتكرر للحصبة والحصبة الألمانية وانتشارهما في اليمن.
وفي حين تواصل صنعاء تحفظها على حملات التطعيم واللقاحات وانخفاضها في مناطق سيطرة أنصار الله (الحوثيين)- تستهدف حملة التطعيم الحالية المتكاملة المتركزة في 13 محافظة معظمها تابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا والتي ستستمر لمدة ستة أيام وفق بيانات صادرة عن منظمة اليونيسف حصلت عليها "خيوط"، نحو مليون و267 ألف طفل، تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا، في 121 مديرية في 13 محافظة.
مصادر صحية مطلعة أفادت "خيوط"، أنّ الحملة سيتخللها تزويد لقاحات فيروس كورونا للفئات ذات الأولوية العالية في المواقع الثابتة والمؤقتة. وسيشارك في الحملة 3,025 فريقًا طبيًّا يتألف من 847 فريقًا ثابتًا و2,178 فريقًا متنقلًا ولمدة لا تقل عن ستة أيام.
الأرقام المسجلة عن الأمراض السارية مرعبة، كما توضح تقارير منظمة الصحة العالمية، فقد سجل اليمن أكثر من 22,000 حالة إصابة بالحصبة في عام 2022، بما فيها 161 حالة وفاة. ومنذ عام 2023 حتى الآن، ارتفعت الحالات إلى 9,418 حالة، بما في ذلك وفاة 77 طفلًا.
أدّى تقييد حملات التطعيم إلى إطار المرافق الصحية الثابتة فقط، إلى جانب إيقاف خدمات التوعية المجتمعية المتكاملة في جميع المحافظات الشمالية، إلى استمرار تفشي شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وتحديدًا الحصبة والدفتيريا، في حين يؤثر تفشي الحصبة الحالي، المستمر منذ عام 2019، بشكل غير متناسب على الأطفال في هذه المناطق.
كما أن حالات الخناق والسعال الديكي مستمرة في الارتفاع، وكذلك الوفيَات الناجمة عن كل مرض، وسط تدهور متواصل للخدمات الطبية والقطاع الصحي بفعل الصراع الدائر في البلاد، مع تقييد سلطة صنعاء لحملات التطعيم، وخطورة ذلك على توسع انتشار مثل هذه الأمراض التي تهدد الأطفال، ومنها كذلك إلى جانب الحصبة فيروس شلل الأطفال.
منذ عام 2021 أصيب 228 طفلًا بالشلل في اليمن بسبب تفشي شلل الأطفال، ومن المتوقع أن يرتفع عدد حالات الإصابة بفيروس شلل الأطفال في اليمن، الذي تم القضاء عليه في جميع أنحاء العالم تقريبًا وأصبح القضاء عليه عالميًّا في متناول اليد.
خطورة الوضع الصحي
ليس شلل الأطفال المشكلة الوحيدة، فعلى خلفية الصراع المستمر وانتشار سوء التغذية على نطاق واسع ونقص الغذاء والدواء، يعد تفشي هذا المرض -الذي هو ضمن الأمراض المتعددة التي يمكن الوقاية منها باللقاحات- من أبرز المشاكل في اليمن والتي يمكن حلها بسهولة.
وكثفت منظمات أممية تحذيراتها خلال الفترة الماضية من خطورة الوضع الصحي في اليمن مع تدهور الخدمات والمرافق الصحية، وحاجة البلاد إلى دعم كبير ومستمر من المانحين الدوليين لتقديم الحد الأدنى من الخدمات الصحية، ومنع الانهيار المحتمل للنظام الصحي، الذي لن يتمكن بدون الدعم من الوصول إلى حوالي 39.5% من السكان، مع منح الأولوية لوصول الفئات السكانية الضعيفة إلى خدمات الرعاية الصحية الأولية، لا سيما في المناطق النائية والمتأثرة بالنزاع في اليمن، حيث تشتد الحاجة إلى هذه الخدمات.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية على ضرورة الحفاظ على الحد الأدنى من التحصين ضد الأمراض السارية المتكررة والسريعة الانتشار، ومنها كوفيد-19 والحصبة والدفتيريا وفيروس شلل الأطفال من النمط الثاني المشتق من اللقاحات؛ واستدامة وتعزيز القدرات المحلية على اكتشاف وتقييم واحتواء الأمراض التي تنقلها ناقلات الأمراض والأمراض المنقولة بالمياه، ومنها الملاريا وحمى الضنك والكوليرا.
إضافة إلى ضمان الترصُّد الكافي للتغذية واستمرار الرعاية الطبية والتغذوية المنقذة لحياة الرضع والأطفال اليمنيين، وخاصة أولئك الذين يعانون من سوء التغذية الحاد المصاحب لمضاعفات طبية أخرى؛ ومواصلة توصيل الوقود الأساسي والأكسجين والأدوية، وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية من أجل الوقاية من العدوى ومكافحتها في المرافق الصحية العاملة والمستهدفة في جميع أنحاء اليمن.
مرض قاتل
وفي حين تم تنفيذ حملات متعددة للتطعيم ضد الحصبة وشلل الأطفال في المحافظات الجنوبية من اليمن على مدى العامين الماضيين، فإن الجمود المستمر في المحافظات الشمالية بشأن أنشطة التحصين التكميلي يعرض الأطفال هناك للخطر بشكل خاص. وقد أدّى تقييد حملات التطعيم، إلى إطار المرافق الصحية الثابتة فقط، إلى جانب إيقاف خدمات التوعية المجتمعية المتكاملة في جميع المحافظات الشمالية، إلى استمرار تفشي شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وتحديدًا الحصبة والدفتيريا، في حين يؤثر تفشي الحصبة الحالي، المستمر منذ عام 2019، بشكل غير متناسب على الأطفال في هذه المناطق.
وتشدد منظمات أممية على أهمية حملة التحصين الحالية، إذ أكد أرتورو بيسيغان ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، وبيتر هوكينز ممثل اليونيسف، عن التزامهما بهذه الجهود المشتركة.
وقال بيسيغان: "إن التزامنا تجاه أطفال اليمن ثابت لا يتزعزع، ونحن نقف متحدين مع الحكومة لتعزيز برنامج التحصين باعتباره حجر الزاوية في خدمات الرعاية الصحية الأولية في طريقنا لتحقيق التغطية الصحية الشاملة".
كما حذر بيتر هوكينز ممثل اليونيسف في اليمن، من أن "الحصبة قد تكون قاتلة، ولكن تطعيم الأطفال ضدها كفيل بإنقاذ حياتهم. فاللقاح آمن وفعّال". ويجدد هوكينز دعوته للجميع "للمشاركة والتأكد من تطعيم كل طفل يتراوح عمره بين 6 أشهر و5 سنوات".
وتسعى المنظمتان الأمميتان، من خلال توحيد جهودهما ومواردهما، إلى زيادة التغطية باللقاحات، وحماية المجتمعات الضعيفة، ومنع تفشي الأمراض المعدية في المستقبل.