تنامت خلال الفترة الماضية، الهجرة من مناطق في محافظة لحج، نحو المدن؛ جراء أزمة الجفاف التي ضربت العديد من قرى مناطق شمال المحافظة الواقعة جنوب اليمن.
ويرجع ذلك، بحسب ما تم رصده، إلى شحة مياه الأمطار، وغياب السدود المائية التي تساعد على تجميعها وتخزينها، إذ يؤكّد الناشط الاجتماعي عادل طارش لـ"خيوط"، أنّ هناك مطالبات واسعة للسكان في تلك المناطق بضرورة تدخل الجهات الحكومية المعنية في إنشاء السدود ومساعدتهم في مجابهة الجفاف الذي ضرب كثيرًا من مناطق لحج، بسبب شح مياه الأمطار الموسمية.
وشهدت مناطق عديدة في لحج مثل "الرويس" في أقصى شمال المحافظة، موجة نزوح كبيرة خلال الخمس السنوات الماضية، عقب نضوب جميع الآبار في المنطقة، وغياب المشاريع الإسعافية، وارتفاع كلفة شراء المياه من خارج المنطقة.
سكان المناطق التي يمر عبر أوديتها سيل (حرحر)، ويقدر عددهم بحوالي 100 ألف نسمة، بحاجة ماسة لسد أو حاجز مائي لتجميع وخزن وحفظ المياه الغزيرة التي يتم إهدارها سنويًّا، والتي لا يسلم السكان من آثارها المدمرة على الأراضي الزراعية؛ بسبب غزارة السيول التي تصل من مناطق عديدة في تعز.
في مناطق لحج، تسيل العديد من الوديان المائية، حيث لا يتم خزن سوى القليل من مياه الأمطار، مثل: (عبل)، و(الشط)، و(حرحر) الذي يعد من أشهر الوديان المائية في المحافظة، حيث تتدفق السيول من محافظة تعز (جنوب غربي اليمن) مرورًا بمناطق في محافظة لحج لتصل إلى البحر العربي، في حين لا يزال مشروع تنفيذ حاجز (حرحر) المائي قيد الانتظار، رغم وجود دراسة وتصور مسبق تم إعداده من قبل أحد المهندسين.
يشير طارش إلى أنّ هناك آلاف الأفدنة التي تستفيد من هذا الوادي على طول وادي (حرحر)، لكن الاستفادة منه محدودة للغاية، حيث سرعان ما تصاب المَزارع بالجفاف نتيجة غياب الحواجز التي تحافظ على المخزون المائي من الهدر.
تصحر وجفاف وغياب الحواجز
يتحمل سكان لحج أعباءً واسعة بسبب عدم وجود سدود وحواجز مائية، في ظل تفاقم مشكلة الجفاف وشحة المياه، وتسبب ذلك في هجرة الأسَر من المناطق الريفية نحو المدن مع عدم قدرة المواطنين على تحمل الكلفة المالية الكبيرة لتوفير وشراء المياه.
يؤكّد عبدالملك ناجي، مدير مكتب الزراعة والري بمحافظة لحج، لـ"خيوط"، أنّ المكتب والجهات التابعة له، يعاني من شحة الموارد وانعدام التمويل، لافتًا إلى عدد من المشاريع والحواجز المائية التي نفّذها الصندوق الاجتماعي للتنمية في بعض المناطق، مثل المقاطر ويافع والقبيطة، فضلًا عن مشاريع أخرى نفذها المكتب هدفت للحفاظ على الأراضي الزراعية من الانجراف.
في السياق، يقول أحمد هداس، باحث زراعي، لـ"خيوط"، إنّ العديد من المناطق في لحج، لا سيما باتجاه الجدين تشهد توسعًا خطيرًا في التصحر؛ بسبب الجفاف وقلع الأشجار والاحتطاب، الأمر الذي أدّى إلى زيادة مطّردة في مساحة التصحر، حيث يتم اقتلاع الأشجار دون رؤية ووعي من قبل السكان.
إضافة إلى افتقار مناطق أخرى تقع بين عدن ولحج، لمياه الشرب بسبب الجفاف ونضوب الآبار، وهو ما يتطلب -بحسب هداس- تدخلًا من قبل السلطة المحلية والمنظمات الدولية للعمل على دعم أهالي هذه المناطق بمشاريع مياه لتخفيف وطأة الحياة التي يقاسيها السكان في هذه المناطق بسبب الجفاف.
آثار مدمرة
تعاني اليمن من شحة المصادر المائية، فهي تتلقى كمية محدودة من مياه الأمطار، تتراوح ما بين 19 و600 ملم في السنة، في حين تحتل المرتبة السابعة عالميًّا من حيث ندرة المياه الجوفية في الأحواض والتي تتراوح بين 3 و8 أمتار سنويًّا.
الباحث الزراعي بكيل السرم، يقول لـ"خيوط"، إنّ سكان المناطق التي يمر عبر أوديتها سيل (حرحر)، ويقدر عددهم بحوالي 100 ألف نسمة، بحاجة ماسة لسد أو حاجز مائي لتجميع وخزن وحفظ المياه الغزيرة التي يتم إهدارها سنويًّا، والتي لا يسلم السكان من آثارها المدمرة على الأراضي الزراعية؛ بسبب غزارة السيول التي تصل من مناطق عديدة في تعز ولا يتم الاستفادة منها وتذهب للبحر.
ويوضح أنّ معاناة السكان والمزارعين وصلت إلى ذروتها بسبب شحة الأمطار أو تساقطها في غير مواسمها وما ينتج عنها من سيول مدمرة، مشدّدًا على ضرورة تنفيذ سد (حرحر) لتنظيم المخزون المائي وتوزيعه على المئات من الأراضي الزراعية والحفاظ على البيئة من الجفاف والتصحر.
ويحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، من استمرار سحب المياه بنفس المعدلات الحالية في اليمن بالنظر إلى تسببه بجفاف المياه الجوفية، حيث توصف وضعية خمسة أحواض مائية بالحرجة، من إجمالي 14 حوضًا مائيًّا.