تعاني العديد من الأسر في مجتمعنا اليمني، تعلقَ أطفالها بالهواتف الذكية، وتحولها لجزء أساسي من حياتهم اليومية، حيث يقضي الكثير من أفرادها أوقاتًا طويلة أمام شاشاتها والتعلق بخصائصها ومميزاتها، خاصة وقد أصبحت هذه الأجهزة متاحة وفي متناول الجميع، بل إن بعض الأهالي يسلمون الهاتف الذكي للأطفال لإشغالهم والهروب من إزعاجهم وفوضاهم اليومية، بينما يعتقد بعض الأهالي أن امتلاك الطفل لهاتف ذكي يعزز من ذكائه وسرعة تعلمه، متناسين الأضرار التي يمكن أن تحدث له.
في هذا الصدد، يقول الدكتور عادل عبدالرحمن الكريبي، دكتوراه جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري، لـ"خيوط"، إن الشخص الذي لديه شحنات يتأثر بضوء شاشة الهاتف، مؤكدًا أن هناك تأثيرات أخرى لإدمان المحمول والأجهزة الذكية بمختلف أشكالها؛ على رأسها تعلم العنف والشراسة، خاصة عند مشاهدة أفلام عنيفة وعدوانية، إضافة إلى ميل الأطفال المدمنين على الأجهزة الذكية إلى الانعزال والشرود الذهني والخوف أثناء النوم أو عند الخلوة، واستطرد الكريبي قائلًا: "هناك أضرار أخرى على النظر وعلى السمع، وهي جميعًا أضرار قد تحدث في المدى المتوسط أو القصير".
تغير في السلوك
تقول أم تامر لـ"خيوط"، إن الأطباء منعوا طفلها من استخدام الهاتف الذكي؛ لأنه يعمل على زيادة الشحنات الكهربائية لديه، وبالتالي فهي تحرص على إبعاده عنه حتى لا تسوء حالته.
من جانبه أكد الدكتور عبدالقادر يحيى المجاهد، دكتور أمراض وجراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري، لـ "خيوط"، أن المحمول قد يؤثر على الطفل من الناحية السلوكية، حيث إن سلوكه قد يتغير كليًّا من دون أن يدرك الآباء، فيتحول سلوك الطفل إلى عدواني مع مرور الوقت، مبديًا لامبالاة تجاه الأشياء، إضافة إلى المزاجية وشدة الانفعال، وهو ما قد يؤثر عليه فيجعله شديد التعب في الحصول على أي شيء يريده، ومصابًا بالكسل".
الإشعاعات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهاتف المحمول تعبث بالساعة البيولوجية، وتتسبب في كثير من الأحيان بصداع مزمن وألم في الرأس، سواء كان صداعًا نصفيًّا أم كاملًا، إضافةً إلى شد عضلي بالرقبة وتأثر الأذن الوسطى (القوقعة)، وهو ما يجعل الشخص يفقد القليل من الاتزان
الأشعة الزرقاء
من ناحية أخرى، يؤثر الضوء الأزرق المنبعث من الهاتف على الصغار والكبار، ويؤدي إلى اضطرابات في النوم، بحسب الدكتور المجاهد، منبهًا إلى أن الإشعاعات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهاتف المحمول تعبث بالساعة البيولوجية، وتتسبب، في كثير من الأحيان، بصداع مزمن وألم في الرأس، سواء كان صداعًا نصفيًّا أم كاملًا، إضافةً إلى شد عضلي بالرقبة وتأثر الأذن الوسطى (القوقعة)، وهو ما يجعل الشخص يفقد القليل من الاتزان، "وأكد أن 70% من اليمنيين ممن يستخدمون الهاتف المحمول يعانون من الشد العضلي وآلام الرقبة مصحوبة بألم نصفي في الرأس مع آلام في الظهر، وهي أعراض يسمونها "النفرة" أو "العصبة" مع ألم بالكتف واليد وتنميل بالأصابع. وبشأن الحيلولة دون حدوث هذه الأعراض، شدّد المجاهد على ضرورة مراقبة الوالدين للأطفال، وتقنين ساعات الاستخدام، وتحفيزهم على الاهتمام بهوايات وأنشطة مفيدة وذات جدوى.
عزلة اجتماعية
في سياق متصل، قال الدكتور أحمد صالح الجرادي، دكتوراه جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري، لـ "خيوط"، إنه وبسبب انتشار الهواتف الذكية وانشغال الأهالي عن متابعة الأطفال، صار الطفل بعمر أشهر قليلة يجلس أمام التلفاز أو الهاتف لفترات تصل لعدة ساعات يوميًّا، وقد تجدهم يتفاخرون بمدى قدرة أطفالهم على فهم واستعمال هذه الهواتف. منوّهًا إلى أن البدانة ناتجة عن قلة الحركة، وقلة النشاط البدني، كما أن مكوث الطفل لفترات طويلة أمام الهاتف يفقد الطفل الكثير من المهارات الاجتماعية، ويؤخر نطقه ونموه الذهني والحركي، إضافة إلى إصابته بالاكتئاب، والكثير من الاختلالات والمشاكل النفسية والسلوكية بسبب عدم تمييزه بين الواقع والخيال.
وأشار الجرادي إلى أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال توصي أنه لا ينبغي أن يعطى الأطفال دون سن الثانية أي وقت للشاشات على الإطلاق، وأن يعطي الأبوان أطفالهم فرصة للتفاعل مع محيطهم أو مع غيرهم من الأطفال، مما يساعدهم في اكتساب اللغة والمهارات الضرورية، بمثل هذا العمر بعد سن الثانية حتى عمر خمس سنوات.
وقال الجرادي، إنه يمكن السماح للطفل استخدام المحمول، ولكن لمدة لا تزيد عن ساعة واحدة يوميًّا مثلًا، مع ضرورة مراقبة ما يشاهده.
ويستطرد الجرادي: بالإمكان أن يستفيد الطفل من استخدام الهاتف المحمول لمدة ساعة يوميًا، وذلك من خلال توجيه اهتمامه نحو القصص الهادفة، وحثه على الاستماع إلى الموسيقى، وتعلم البرامج الخاصة بالأطفال، والعلوم، وتعلم السلوك الاجتماعي الإيجابي، ومشاهدة البرامج التفاعلية والاستكشافية، بشرط جلوس الأهل معه ليتمكنوا من مساعدة الطفل في فهم ما يراه، وعكس ما يراه وما يتعلمه في الحياة الواقعية من عمر ٥ إلى ٨ سنوات، ومع نمو الطفل فإنه يوجد نهج واحد يناسب الجميع، وسيصبح على الوالدين تحديد كمية ونوعية الوسائط المسموح للطفل استخدامها يوميًّا، حسب ما يرونه مناسبًا.