موجة اعتقالات تعسفية تطال ناشطين وقيادات حزبية

قوات أمنية حوثية تستهدف مظاهر الاحتفال بثورة 26 سبتمبر 1962
علي ميّاس
September 21, 2024

موجة اعتقالات تعسفية تطال ناشطين وقيادات حزبية

قوات أمنية حوثية تستهدف مظاهر الاحتفال بثورة 26 سبتمبر 1962
علي ميّاس
September 21, 2024
reuters

قبل أيام قليلة من حلول ذكرى استيلاء جماعة الحوثي المسلحة "أنصار الله" على العاصمة اليمنية صنعاء بالقوة في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، تصاعدت حدة التوتر بشكل كبير في صنعاء وعدة محافظات يمنية. ففي حملة قمع واسعة النطاق، اعتقلت قوات جماعة الحوثي العديدَ من الشخصيات الاجتماعية والسياسية، وخاصة خلال الجزء الأخير من الأسبوع الماضي، وتحديدًا أيام الأربعاء والخميس والجمعة. واستهدفت هذه الموجة من الاعتقالات التعسفية، بشكل رئيسي، الناشطين الذين دعوا علنًا إلى المشاركة في الاحتفالات التكريمية لثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962، ويمثل هذا الحدث التاريخي البارز رمزيةً وطنية تُخلِّد ذكرى الإطاحة بنظام الإمامة البائد وإقامة النظام الجمهوري. وتعتبر هذه الثورة حاسمة في تحديد الهُوية الوطنية ونقطة بداية في التاريخ اليمني المعاصر.

لحظة محورية في تاريخ اليمنيين

ومن بين المعتقلين، قيادات بارزة من حزب المؤتمر الشعبي العام، بينهم: "أحمد العشاري" عضو البرلمان السابق، و"نايف النجار"، و"سعيد الغليسي"، إضافة إلى الشيخ علي ثابت حرمل، كما اختطفت إلى جانبه الشيخ أمين راجح وسائقه، والشيخ فهد بن أمين أبو راس. وجميعهم اعتُقِلوا بسبب الترويج للاحتفال بالذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر. وفي محافظة إب، وتحديدًا في مدينة إب، لقيَ الناشطان أمجد مرعي ويحيى الجعشني، مصيرًا مماثلًا لدعمهما للاحتفالات. بالإضافة إلى ذلك، حدثت اعتقالات جماعية في مديرية السدة، حيث تم اعتقال 23 شخصًا بتهمة التخطيط لتنفيذ فعاليات احتفالية، ومقاومة أنشطة الجماعة الطائفية.

في مساء الجمعة، 20 سبتمبر/ أيلول، داهمت قوات الأمن التابعة لجماعة الحوثي، منزلَ الصحفي محمد المياحي في صنعاء، واعتقلته بسبب منشور نشره على وسائل التواصل الاجتماعي. وتسلط هذه الحادثة الضوء على اتجاه مقلق من القمع، حيث يواجه الأفراد الاعتقالَ التعسفي لمجرد رغبتهم في إحياء ذكرى لحظة محورية في تاريخ اليمن.

إنّ مثل هذه الانتهاكات لا تنتهك الحقوق الفردية فحسب، بل تنتهك أيضًا ممارسة الحريات العامة، بما في ذلك الحق في التجمع السلمي، كما يضمنه القانون الوطني والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن.

وقد سعت جماعة الحوثي، التي تنشط بدعم خارجي من إيران، إلى تبرير قمعها الممنهج باتهام المحتفلين بثورة 26 سبتمبر، بالتواطؤ مع قوى أجنبية. وتهدف هذه الرواية إلى ترهيب المواطنين، وثنيهم عن تكريم الذكرى السنوية للثورة. وكما كان واضحًا في العام الماضي، فمن المرجح أن تنشر قوات الحوثي مجموعات مسلحة في الأماكن العامة لإحباط أيّ أنشطة احتفالية، وتلجأ إلى القوة والترهيب لقمع الاحتفالات الوطنية.

في العام الماضي، وعلى الرغم من الرد الوحشي من جانب الحوثيين، الذي شمل اعتقال عشرات، من بينهم أطفال، شارك الآلاف من اليمنيين في الاحتفالات في صنعاء. وقد أبرزت المشاركة النشطة للفتيات والشباب والأطفال حبَّ الوطن وصمود الروح الوطنية، حتى في ظل القمع. وحاول الحوثيون تفريق الحشود باستعمال الوسائل المادية العنيفة، مستخدمين أعقاب البنادق ضد المحتفلين، وإغلاق الطرق. وعلاوة على ذلك، اتهموا المشاركين بالانحلال الأخلاقي، والتحريض على الفوضى، وأنهم تلقّوا دعمًا خارجيًّا.

ليست مجرد عطلة رسمية مكرسة في التشريعات الوطنية، بل تحمل أيضًا رمزيةً سياسية كبيرة باعتبارها دعوة حاشدة ضد الظلم وتحقيق المساواة وسيادة القانون. وهي تجسد مقاومة الشعب اليمني المستمرة ضد الطائفية والتمييز العنصري، وخاصة في ضوء القمع المنهجي الذي ترتكبه جماعة الحوثي ضد أولئك الخاضعين لسيطرتها.

ليست مجرد عطلة في التشريعات

وفي المقابل، يستعد سكان محافظة تعز ومختلف المناطق في وسط وشمال اليمن، للاحتفالات الشعبية والرسمية بثورة 26 سبتمبر. وهناك شعور لا لبس فيه، بالفرحة والإرادة المجتمعية الموحدة لمقارعة الاضطهاد والفساد. إنّ هذه الثورة لا تستحضر روابط عاطفية عميقة لدى اليمنيين واليمنيات فحسب، بل تمثل أيضًا نضالًا جماعيًّا من أجل التحرر من الاستبداد والقمع السياسي.

إنّ ذكرى ثورة 26 سبتمبر ليست مجرد عطلة رسمية مكرسة في التشريعات الوطنية، بل تحمل أيضًا رمزيةً سياسية كبيرة باعتبارها دعوة حاشدة ضد الظلم وتحقيق المساواة وسيادة القانون. وهي تجسد مقاومة الشعب اليمني المستمرة ضد الطائفية والتمييز العنصري، وخاصة في ضوء القمع المنهجي الذي ترتكبه جماعة الحوثي ضد أولئك الخاضعين لسيطرتها.

وفي ضوء هذه التطورات المقلقة، فمن الأهمية بمكان أن تمارس منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية الضغط على جماعة الحوثي؛ للإفراج عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفيًّا بسبب آرائهم السياسية أو دعواتهم للاحتفال بثورة 26 سبتمبر. إنّ الإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء المحتجزين تعسفيًّا أمرٌ ضروريّ، ليس فقط لدعم حقوق الإنسان، ولكن أيضًا لاستعادة الشعور بالحرية المدنية.

إنّ النضال من أجل المساواة والعدالة يجب أن يكون مستمرًّا، ويجب ألا يتم إسكات أصوات من يدعون لذلك. إن قدرة اليمن على التعافي تكمن في قدرتها على إحياء مناسباتها التاريخية والاحتفال بها، على الرغم من التحديات التي تواجهها.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English