بحثًا عن أشجار السّدر المزهرة يتنقّل محمّد باجسير (32 عامًا)، بأكثر من (1,100) خليّة نحلٍ على مدار العام بين مديريّة دوعن (غرب محافظة حضرموت، وتبعد عن مدينة المكلا عاصمة المحافظة، حوالي 190 كيلو مترًا)، ومديريات أخرى مجاورة لها. وباجسير واحد من آلاف النّحالين في حضرموت ساحلًا وواديًا، الذين ورثوا هذه المهنة عن آبائهم، وأجدادهم من قبلهم. وأصبح هذا العمل يشكّل مصدر رزقٍ لهم، لذا تجدهم دائمي البحث عن ظروفٍ جويّةٍ مُثلى تسمحُ لنحلهم بإنتاج كميّات معقولة وجيّدة من العسل، وسط شكوى تردد صداها مؤخرًا من تقلبات وتغيرات مناخية غير مسبوقة، أدّت إلى تقلّص المراعي المتوفرة، وقللت من قدرة مربي النحل على التّنقل. هذه التّغيرات المناخيّة أصبحت تُشكِّلُ وضعًا حَرِجًا لمنتج العسل في اليمن بشكلٍ عامٍ، ولا يمكن مواجهتها إلّا باستراتيجيّاتٍ وحلولٍ نوعيّةٍ وجادَّة تُسهِمُ في وضعها وتنفيذها بشكلٍ كبيرٍ أجهزة الدّولة، على اختلافها.
وفي هذا الصّدد، يتحدّث المهندس/ خالد التّميميّ، الاستشاري والباحث في النّحل والعسل، ورئيس جمعيّة النحالين بوادي حضرموت لــ"خيُوط"، قائِلًا: "إنّ أبرز التّأثيرات المناخيّة التي تعرّضت لها مناحل العسل في وادي حضرموت هذا العام، هو عدم هطول الأمطار في فصل الرّبيع تحديدًا، وهو ما أدّى إلى دخول فصل الصّيف في ظلِّ حرارة شديدة جدًّا، ساهمت بشكلٍ رئيس في تدهور آلاف من طوائف ومستعمرات النّحل".
ونوّه التّميمي إلى أنّ أكثر من 50%، من طوائف النّحل قد نفقت وماتت لذات السّبب، وهو ما انعكسَ سلبًا على عمليّة تجييش النّحل (تقوية خلاياه)، والإنتاج بشكلٍ عامٍ، بل وعلى الاستعداد لموسم إنتاج العسل الجديد الذي يبدأ عادةً عندما يكون الجو ربيعيًّا ومعتدلًا، حيثُ يتيح لأسراب النحل التنقل بين الأزهار من أجل تلقيحها والحصول على رحيقها، وذلك في الأوّل من شهر أكتوبر/ تشرين الأوّل حتّى نهاية نوفمبر/ تشرين الثّاني من كلِّ عام.
إنتاج العسل
يعُدّ إنتاج العسل قطاعًا متجذرًا بعمقٍ في الثّقافة اليمنيَّة منذُ آلاف السِّنين، وفي الوقت عينه عملًا وتجارةً مربحةً بل ومصدرًا لدخلِ اليمنيين. حيثُ أكّدَ تقرير للأمم المتحدة صادر في العام 2020، أنَّ حوالي مئة ألف أُسرةٍ يمنيّةٍ تعملُ في تربية النّحل، وتعتمِدُ عليهِ بوصفِهِ مصدرًا وحيدًا لدخلِهم. ويُشيرُ تقريرٌ آخر صادرٌ في العام 2023، عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (وهو مركز أبحاث مستقل، غير حكومي)، إلى أنّ مهنة تربية النحل تنتشر في معظم المحافظات اليمنية، وتحتل محافظة حضرموت المرتبة الأولى، تليها شبوة، وأبين، والحديدة.
ولهذا فإِنَّ كثيرًا من النّحالين في وادي حضرموت، يعرفون وبدقة متناهيةٍ مواعيد تزهير المراعي في مختلف المناطق، والبيئات، فتجدهم ينقلون طوائف النحل من منطقة إلى أخرى، ومن وادٍ إلى ثانٍ؛ سعيًا خلف مصدر الغذاء؛ ولعلّ هذا هو السبب الذي جعلَ العسل اليمني يتفرّد بقيمةٍ رفيعةٍ عالميًّا، ويعدُّ أجود أنواعه هو (عسل السِّدر)، الذي يشتهرُ بإنتاجه (وادي دوعن).
هذه الجودة والقيمة العاليتين جعلت من منتج العسل أحد المقوّمات الاقتصادية للبلاد، بل إنّه صُنِّفَ بقرارٍ من مجلس الوزراء اليمني رقم (77) لسنة 2003، باعتباره واحدًا من خمسة محاصيل نقديّة استراتيجيّة للجمهوريّة اليمنيّة، وهو ما جعلَ اليمني دائم السّعي لتنميته، وتطوير إنتاجه باستمرارٍ. ومع كل هذا فقد نشرت وزارة الزِّراعة والرّي اليمنيّة بياناتٍ في العام 2019، أكّدت فيها صراحةً تراجع إنتاجيّة البلاد بنحو (2,400 طن) من العسل مقارنةً بفترة ما قبل الحرب، أي إلى ما قبل العام 2015.
قال علي بازهير (37 عامًا)، لــ"خيُوط"، وهو مُربي عسل من مديرية وادي العين (وسط محافظة حضرموت)، المتاخمة لدوعن، وتعدّ وادي العين هي الأخرى من المديريات التي تضررت بشدّة من تغيرات المناخ في هذا القطاع خلال الفترة الأخيرة: "إنّ التّنوع الذي تشاهده، وجودة الغطاء النباتي الذي تراه، وتضاريس سلسلة الجبال هذه التي تحيط بنا في وادي العين، شكلت فيما مضى رافدًا ومركزًا مهمًّا لمراعي النّحل وإنتاج العسل، لكنها اليوم للأسف لم تعد كذلك، فقد قلّ إنتاج هذه المديريّة من العسل بشكل ملحوظ جدًّا". وأضاف بازهير: "ما زلت أتذكر ذلك اليوم من شهر أكتوبر من العام 2022، بحزنٍ شديدٍ يوم فقدت حوالي 670 خليّة نحل من أصل 1,350 في يومٍ واحد، ومن يومها ساء الوضع عندي كثيرًا، ولم يعد هذا المجال مربحًا كما كان بالنسبةِ لي، بل وأدركتُ تمامًا أنّ عليّ البحث -بشكلٍ جديٍّ- عن مهنةٍ أُخرى أعيشُ منها أنا وأسرتي".
بدأت التغيرات المناخية في التأثير على قطاع تربية نحل العسل في وادي حضرموت منذ أكثر من أربعة أعوام بسبب الارتفاع الشَّديد في درجات الحرارة، خصوصًا في الصّيف، إذ يؤثر على نشاط النحل، ما يؤدي إلى قلة الإنتاج، وزيادة الأمراض والآفات بين النّحل، وبالتّالي موتها.
أسباب مناخيّة
بدأت التغيرات المناخية في التأثير على قطاع تربية نحل العسل في وادي حضرموت، منذ أكثر من أربعة أعوام، وفق ما قاله لــ"خيُوط" الدكتور/ نوفل بايعقوب، الباحث والأكاديمي المتخصص في علم النحل ومنتجاته في محطة الأبحاث الزراعية التّابعة للهيئة العامّة للبحوث الزراعية والإرشاد الزراعي بوادي حضرموت: "إنّ الارتفاع الشَّديد في درجات الحرارة، خصوصًا في الصّيف، إذ يؤثر على نشاط النحل، ما يؤدي إلى قلة الإنتاج، وزيادة الأمراض والآفات بين النّحل، وبالتّالي موتها المحتّم". وفيما يتعلق بحجم التأثير، قال بايعقوب إن إنتاج العسل في الوادي قد انخفض بما نسبته 30-40% عما كان عليه في السّابق.
ويواصل باجسير حديثه بأسى، لــ"خيُوط": "نحنُ نتنقّل بين مختلف المناطق والأودية بحثًا عن المراعي المناسبة للنّحل، وهو ما يساعدنا في زيادة الإنتاج من العسل، لكن هذا العمل مؤخرًا أصبح شاقًّا ومرهقًا، ومُكلفًا للغاية". وما زالت ذاكرته تحتفظ بأسماء أشخاص ممن يعرفهم فقدوا ونفقت عليهم أعدادٌ كبيرةٌ من خلايا النّحل، قد تزيد عند بعضهم على 600 خليّة لأسبابٍ متعلقة بالمناخ، منها: شدّة الرياح، درجة الحرارة المرتفعة، احتباس الأمطار، والتّحطيب الجائر في ظل ارتفاع أسعار الوقود وغيرها.
وفي مديريّة كدوعن، المعروفة أصلًا بالتّطرف المناخي (الارتفاع الشّديد في درجة الحرارة)، فإن انخفاض معدّل سقوط الأمطار أثّر بشكلٍ مباشرٍ على الغطاء النّباتي، ومن ثَمّ على تغذية النّحل، واضطراب النظام الإيكولوجي له، ما أسهم بتغييرات في عملية التلقيح، فانعكس كل ذلك على الإنتاج. ومن أجل هذا قال باجسير: "إن استمرَّ الحال على هذا الوضع، وعلى ما هو عليه، فاعتقد بل أجزم بأننا أصبحنا نعملُ في مهنةٍ ستُصبِحُ من الماضي في القريب العاجل، ولا أُخفيك أشعرُ بأننا بدأنا نخسرُ أعدادًا كبيرةً وهائلةً من النّحل بشكلٍ تدريجيّ".
ولعلَّ ما قاله باجسير يتوافق ويتطابق بشكلٍ كبيرٍ مع تحذيرات كانت قد أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة FAO في العام 2019، من تراجع نشاط التلقيح في أنحاء عدّة من العالم، بسبب التحديات التي يواجهها النّحل. وفي اليوم العالمي للنّحل الذي صادف 20 مايو من العام نفسه 2019، أكّدَ المدير العام للمنظمة شو دوينو Qu Dongyu أنّ أعداد النحل والملقحات والكثير من الحشرات الأخرى باتَ يتراجع بصورةٍ كبيرةٍ جرّاء الممارسات الزراعيّة غير المستدامة، ومبيدات الآفات، وتدمير الموائل، وأزمة المناخ.
واليوم، وفي العالم أجمع، برزت الكثير من الأصوات التّي تُنادِي بضرورة الحِفاظ على النّحل لذات السّبب. بل إنَّ هُناكَ مقولةً لطالما نُسِبت لألبرت إينشتاين Albert Einstein تنص على أنَّ "البشريّة ستعيشُ فقط أربع سنواتٍ بعد اختفاء النّحل من على سطح كوكب الأرض". وأَيًّا يكُن قائِل هذه العِبارة فإِنّ الدّور الذَّي يقومُ بِهِ النّحل في حفاظه على التّوازن البيئي يجعلُ هذه العبارة منطقيّةً من النّاحيّة النّظريّة على الأقل، إذ إنه لا يمكننا زراعة غالبية المحاصيل التي نعتمد عليها اليوم بدون نحل العسل وغيره من الملقحات الأخرى.
وبحسب المهندس/ التّميمي، فإنه خلال العامين الماضيين على وجه الخصوص، قد انخفض معدّل سقوط الأمطار في وادي حضرموت، ومنها دوعن، عن المعتاد بشكلٍ ملحوظٍ، وبالتّالي فإنّه: "لم تعد المناطق التي كانت بيئة للأنشطة الزراعية وتربية النحل في السابق، تحافظ على سبل عيش الكثير من النّحالين"، على حد قوله.
وأبرزَ محمّد باصليلة (42 عامًا)، وهو مربي نحل في وادي دوعن، يعملُ في هذا المجال منذ أكثر من 17 عامًا، أنّ انخفاض منتوج العسل الدوعني لهذا الموسم -على وجه الخصوص- راجع إلى احتباس الأمطار، والارتفاع الشّديد في درجات الحرارة في فصل الربيع، ما أدّى بالنحل إلى استهلاك كل المخزون الموجود بخلاياه، إضافةً إلى انتشار بعض الأمراض الفطرية في الأشجار، وهو ما أدّى إلى اختفاء الأزهار التي يعتمد عليها النحل في جمع الرحيق.
ما عمّقَ المشكلة أكبر هو انخفاض الطلب على العسل، في ظل ارتفاع تكاليف إنتاجه، ما أدى إلى زيادة الضّغط على هذه الصّناعة، بل وزاد الأمرَ تعقيدًا، وصعَّبَ المهمة أكثر على النّحالين في كيفية إيجاد السّعر الذي باتَ يُعادِل تكاليف الإنتاج المرتفعة أصلًا.
نفقات باهظة
يعزي الكثير من النّحالين قلة منتوج العسل أيضًا إلى ارتفاع تكاليف نفقات العمل نفسها، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار الذي تشهده البلاد، بسبب الحرب. حتّى إن حسين سالم (51 عامًا)، وهو نحّال من دوعن أيضًا، قال لــ"خيُوط": "إن ما يقرب من 60% من إيراداته المتحصلة التي يكسبها من بيع العسل يُعيد استثمارها في عملهِ مرةً أخرى؛ حتّى يستمر".
ويضربُ حسين مثالًا واحد، يوضّح من خلاله الفارق الشّاسع فعلًا في نفقات عمله في هذا القطاع، حيث يقول: "إنّ خلايا النّحل المصنوعة من الخشب، أَصبحت تُباع اليوم بأكثر من (16,000 ريال يمني؛ ما يُعادل 11 دولارًا أمريكيًّا) للخليّة الواحدة، بعد أن كانت تُباع فيما سبق بحوالي (6,000 ريال يمني، ما يُعادل 4 دولارات أمريكية)، فتخيّل أنك تحتاج 100 أو 200 خليّة منها؛ كم ستحتاج من المال لتأمينها وشرائها؟!".
وتشمل نفقات العمل أيضًا، تكاليف نقل خلايا وطوائف النّحل بين الوديان والمناطق المختلفة؛ بحثًا عن المرعى الخصب، وذلك توازيًا مع ارتفاع أسعار البنزين. وهُنا يُضيف حسين سالم الذي ورث هذه المهنة عن والده: "للأسف، نحن نتحمّل نفقات عملٍ باهظةٍ تُثقِل كواهِلنا، وتُكبِّدنا خسائر ماليّة مرتفعة في كلّ عام؛ بسبب تراجع إنتاج العسل". ويختم حسين -وهو أب لخمسة أبناء- حديثه: "بالرّغم من هذه الخسائر الكبيرة التّي نتحمّلها، فإنَّ اهتمامنا بالنّحل لا يزالُ كبيرًا، لكن ما يُضعف من هممنا هو أننا أصبحنا وبشكلٍ يوميٍّ نجد المئات من نحلنا قد نفقت تمامًا وماتت، إما بسبب التّغيرات المناخية أو لأسبابٍ كثيرةٍ أُخرى".
وما زَادَ الطِّين بِلَّةً، وعمّقَ هذه المشكلة بشكل أكبر، هو انخفاض الطلب على العسل، في ظل ارتفاع تكاليف إنتاجه، ما أدى إلى زيادة الضّغط على هذه الصّناعة، بل وزاد الأمرَ تعقيدًا، وصعَّبَ المهمة أكثر على النّحالين في كيفية إيجاد السّعر الذي باتَ يُعادِل تكاليف الإنتاج المرتفعة أصلًا.
ضعف القدرة الشرائية
في الوقت الحالي، لم يعد العسل جزءًا من مائدة اليمنيين، كما كانت عادتهم في السّابق؛ لا غنى لهم عنه، وذلك بسبب انعكاسات الحرب على المستوى المعيشي لليمنيين. أضِف إِلى ذلِكَ قلّة الإنتاج من العسل نفسه الذي أسهمَ في ارتفاع أسعاره بشكلٍ جنونيٍّ، حتّى إن كثيرًا من اليمنيين بات لا يستطيع شراءَه، إذ بلغ سعر الكيلو من عسل السّدر حوالي (100,000 ريال يمني؛ ما يعادل 67 دولارًا أمريكيًّا).
علي باجندوح (32 عامًا)، صاحب محل متخصص في بيع العسل بمدينة المكلا (عاصمة محافظة حضرموت)، قال لــ"خيُوط": "لم تعد النّاس قادرةً على شراء العسل؛ لأنّ مستوى الدّخل تراجع بنسبةٍ كبيرةٍ عما كان عليه في السّابق. بالكاد نبيعُ العسلَ بشكلٍ يوميٍّ"، ولفت علي الانتباه إلى أن العسل الكشميري (الذي سعره في متناول الجميع) قد غزَا السُّوق بشكلٍ مخيف، بل وأصبحَ هو البديل فعلًا للمنتج المحلي ذي الفوائد الغذائيّة الجمّة.
هناكَ تراجعٌ كبير في تصدير العسل اليمني إلى الخارج في الفترة الأخيرة، لأسبابٍ كثيرةٍ يتربعُ على رأسها عرقلة عمليّة التصدير، التي فرضتها بداهةً الحرب.
ماذا عن التّصدير؟
قلّت وربما توقفت بشكلٍ ملحوظٍ، كميّات العسل اليمني بأنواعه المختلفة الشّهيرة التّي كانت تُصدَّر وتصل بكلّ فخرٍ واعتزازٍ أصقاعًا مختلفة وكثيرة من الأرض، بسبب عوامل عديدة تسببت بها الحرب. حيث هبطت الصادرات في هذا القطاع الحَيوي إلى ما دون 50% خلال فترة الحرب في البلاد، التي أكملت عامها الثامن. وهو ما أكّدهُ تقرير صادر في العام 2022 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، أوضحَ بأن اليمن تنتج نحو (1,500 طنّ) من العسل بشكلٍ سنويٍّ، يُصدَّر منها فقط (800 طنّ) للخارج!
والمعروف أَنَّ أغلب كميات عسل السدر الحضرمي تصدّر إلى عدد من الدول، منها: دول الخليج العربي، وإندونيسيا. ويصل سعر عسل السِّدر ذي الجودة العالية فيها إلى أكثر من 400 دولارٍ أمريكيٍّ للكيلو الجرام الواحد، بحسب علي باجندوح، الذي يرى بأنَّ هناكَ تراجعًا كبيرًا في تصدير العسل اليمني إلى الخارج في الفترة الأخيرة، لأسبابٍ كثيرةٍ من وجهة نظره، يتربعُ على رأسها عرقلة عمليّة التصدير، التي فرضتها بداهةً الحرب، كما يقول.
تدابير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه!
من أجل إيجاد حلول لكلّ التّحديات السابقة التي يواجهها قطاع العسل في اليمن، يتحدّث المختصون عن ضرورة تبنّي استراتيجيات طويلة المدى، يقعُ تنفيذها على عاتق الدولة، ولا بد أن تشتمل على عددٍ من التّدابير النّوعية، منها: تنفيذ خطّة تشجير واضحة، خصوصًا للأشجار التي يتغذَّى عليها النَّحل، والتّوسع في زراعة النباتات الرحيقيّة كأشجار السِّدر؛ بهدف استعادة المراعي التي دُمِّرت خلال السنوات الماضيّة، وإجراء أبحاث ودراسات التّحسين الوراثي لنحل العسل؛ للحصول على سلالات قادرة على المقاومة، وتدريب وتأهيل الكوادِر من النّحالين على ممارسات تربية النّحل الجيّدة والحديثة، مع ضرورة التوعية بأهميّة زيادة التّنوّع الحيوي للنباتات في الموسم الواحد... وغيرها من التَّدابير الأُخرى.
وفي هذا الصّدد، يُشير ماهر خان، مُشرِف مشاريع بوكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر SMEPS فرع حضرموت، أنّه لا بد من تسخير جزء من التّمويلات والمِنح في المشاريع التي تُنفّذ في البِلاد من قِبل المنظمات الدوليّة والمحليّة لصالح هذا القطاع الحيوي والهامّ في اليمن، وخصوصًا تأهيل النحالين ورفع قدراتهم، مواكبةً للتطورات المتسارِعة في هذا المجال. ويُواصِل حديثه: "سعت الوكالة منذ تأسيسها إلى تشجيع الإنتاج المحلّي، والعمل مع أصحابه وِفقًا لمعايير الجودة عبر عدد من المشاريع النّوعية التي نفذتها الوكالة في هذا المجال". وكشفَ خان عن توجه حالي للوكالة في أحد مشاريعها في حضرموت للمساهمة في فتح أسواق جديدة لتسويق وتصدير العسل، وفق شهادات ومعايير واشتراطات دولية ستُسهِم بأن يعود هذا الذهب السَّائِل إلى سابِق عهده.