حذرت منظمات دولية من ارتفاع مستوى المخاطر في اليمن على كافة الأصعدة مدفوعة في الغالب بتعاظم النزاع وتزايد مكامن الهشاشة المؤسسية وتراجع الحماية، إذ يتفاقم الوضع بتفاقم المخاطر الاقتصادية، وأخطار المناخ، ومخاطر الموارد الطبيعية، والمخاطر الاجتماعية.
وتحذر "الإسكوا" من تفاقم العوامل التي تدفع إلى العنف بفعل الصدمات المناخية، مثل الجفاف، حيث يتسبب الجفاف بفقدان سبل العيش، وانكماش الاقتصاد الكلي، ووقوع موجات الهجرة، والتنافس على الموارد، وانعدام الأمن الغذائي. كما أن المجتمعات التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الزراعة أكثر عرضة لخطر العنف.
كما تشمل المناطقَ المعرضة للجفاف في اليمن، وغيره من أوجه الهشاشة إزاء الظروف المناخية، بما يزيد من خطر وقوع العنف؛ صعدة وحجة وعمران والمحويت وصنعاء ومأرب وذمار والبيضاء وإب والضالع ولحج والحديدة وأبين.
عوامل الهشاشة وتغيرات المناخ
إلى جانب تبعات النزاع والأزمات الاقتصادية والنزوح، تحدد منظمة "الإسكوا" في التقرير التقييمي للمخاطر المتعددة في اليمن أهم محفزات المخاطر المناخية في البلاد والمتمثلة بالإجهاد المائي، حيث يفتقر 18 مليونًا من سكان البلد، البالغ عددهم 30 مليون نسمة، إلى مصادر للمياه النظيفة، في حين تزايد النزوح من جراء المناخ بتواتر الظواهر الجوية القصوى، والتي غالبًا ما كانت الأعاصيرَ السنوية وما تسببه من فيضانات مدمرة.
تشمل عوامل الهشاشة في اليمن، ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي والفساد، في حين تواجه البلاد مجموعة من التحديات التي تحول دون بناء الحماية والمنعة، والتي تتضمن محدودية الحماية الاجتماعية وقلة كفاءة الحوكمة.
ولا يزال انعدام الأمن الغذائي والاعتماد المتزايد على الواردات الغذائية مصدرًا كبيرًا للمخاطر في مسار التنمية. والعاملان المحركان الرئيسيان لمخاطر التنمية في اليمن هما التدهور الاقتصادي، وتزايد خطر عدم المساواة في الدخل.
وتساهم مخاطر الصراع والتحديات المؤسسية كثيرًا في مدى تعرض اليمن للمخاطر، بينما ساهمت عوامل أخرى رئيسية في ارتفاع مستوى الهشاشة في البلاد، خصوصًا في العام 2021، أهمها انعدام الأمن الغذائي وندرة المياه والفساد.
وتتضمن العوامل الرئيسية التي أدّت إلى انخفاض مستوى الحماية؛ محدودية الحماية الاجتماعية، وتدني الكفاءة الحكومية، وعدم كفاية التمويل والتغيرات المناخية.
تم تصنيف أخطار المناخ في اليمن، على أنها ملحوظة، بينما تزداد كلٌّ من تواتر الظواهر الجوية القصوى وشدتها، فتؤثر هذه الظواهر على أعداد متزايدة من السكان، الذين يعانون من تداعيات النزاع والصراع الجائر منذ العام 2015.
كما تعاني البلاد من آثار بالغة للفيضانات، والتي طالت تبعاتها في العام 2022، ما يقرب من 219,000 شخص، وتسبّبت في نزوح 223,000 شخص في عام 2020. فيما اضطر أكثر من 82,000 شخص إلى النزوح بسبب العواصف.
وخلال السنوات الأخيرة، تزايدت الصدمات الجوية التي يتعرض لها اليمن، كالفيضانات "الوميضية" والأعاصير، ما أضرّ بشدة بالمحاصيل الزراعية.
أزمات متداخلة ومعقدة
يعتبر اليمن من أقل البلدان نموًّا في العالم مع تعرض البلاد لعديد من الأزمات المتداخلة والمعقدة، فبعد عقد من الاضطرابات، بما في ذلك الحرب وتداعياتها، اشتدت وطأة التحديات التي طالما أثقلت البلد، كما برزت تحديات جديدة تفوق قدرات البلاد في الظروف الراهنة على مجابهتها.
ويقدم التقرير التقييمي للمخاطر المتعددة في اليمن استنادًا إلى المرصد العربي للمخاطر في الإسكوا، تحليلًا شاملًا يقيس فيه الهشاشة والمنعة إزاء الصدمات في المنطقة العربية، ويستكشف القضايا التي تشكل مكامن خطر لوقوع النزاع والأزمات وعدم الاستقرار.
ويبيّن التحليل في هذا التقرير، أنّ اليمن في دوامة عدم استقرار، وضعف المؤسسات واستمرار الاضطرابات. وعلى مدى العقد الماضي، تفاقمت، بالمجمل، المخاطر التي يعاني منها البلد، وذلك، بالدرجة الأولى، نتيجة للتداعيات المدمرة للنزاع.
تشمل عوامل الهشاشة في اليمن، ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي والفساد، في حين تواجه البلاد مجموعة من التحديات التي تحول دون بناء الحماية والمنعة، والتي تتضمن محدودية الحماية الاجتماعية وقلة كفاءة الحوكمة.
وشهد اليمن أيضًا تدهورًا ملحوظًا في مجال أخطار المناخ، التي تعادل تأثيراته عشرة أضعاف تأثير الكوارث الاقتصادية على البشر، في الوقت الذي يعمل فيه البلد ببطءٍ على بناء المنعة إزاء أخطار المناخ، وأحد أهم أسباب ذلك هو تزايد التدفقات المالية للتكيف من آثار تغير المناخ.
ويرصد تقييم المخاطر هذه الاتجاهات الهيكلية، ويفسرها، ليطرح إرشادات لصانعي السياسات والجهات الفاعلة في العمل الإنساني من أجل تلمّس الوجهة عبر ديناميات معقدة، ودمج تحليل المخاطر في صنع السياسات والتخطيط، أملًا في الدفع قدمًا بتنفيذ الأهداف المستدامة.