يعتبر الدكتور محمد حاتم محمد عثمان المخلافي (1959)، من أهم الكوادر التعليمية في اليمن، والعقول التي ساهمت في تأسيس ووضع أركان ولَبِنات التعليم في بلاد كانت وما زالت بأمس الحاجة له للخلاص من مأساتها التي تسببت بها أطراف الحرب والصراع الدائر منذ العام 2015.
للدكتور المخلافي مسيرة زاخرة في مجالات تخصصه، أهمّها تبنيه وإشرافه على مشروع القرارة المبكرة لطلاب المرحلة الابتدائية في اليمن. إضافة إلى سجله الأكاديمي والتعليمي الزاخر، فقد شارك في عدد من مؤتمرات الاتحاد العالمي للقراءة، ومؤتمرات اتحاد التربويين العرب، ومؤتمرات الجمعية المصرية للمناهج وطرائق التدريس، وغيرها من المؤتمرات التربوية، كما شارك في عدد من الأعمال التطوعية والخيرية بصورة فردية، وفي إطار عدد من الجمعيات الخيرية.
سيرة ذاتية في بناء التعليم
وُلد محمد حاتم المخلافي، بحسب ما هو متوفر من معلومات حول سيرته الذاتية، في قرية (الشجرة) في بلاد (المخلاف)، في محافظة تعز، وفيها درس المرحلة الابتدائية.
ثم انتقل إلى مدينة تعز، فدرس فيها المرحلتين: الإعدادية، والثانوية، ومنها انتقل إلى مدينة صنعاء، فالتحق فيها بقسم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة صنعاء، وحصل على شهادة البكالوريوس، ثم ابتُعِث إلى أمريكا، فحصل على درجتي الماجستير والدكتوراة في تعليم اللغات من جامعة "إنديانا".
تعين عام 1989، رئيسًا لوحدة الحاسوب الآلي، ثم رئيسًا لقسم اللغة الإنجليزية في كلية التربية بجامعة صنعاء، عام 1991، ثم وكيلًا لنفس الكلية عام 1992.
يصفه رفاقُ درب، وكلُّ من عرفه، بأنه صاحب خُلق وعلم من أعلام اليمن، وكل من عرفه على مدار أربعة عقود من الزمن، يثني عليه؛ شخصية أكاديمية مرموقة، وتخرج على يده عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات، ولن تجد أحدًا منهم يذكره بسوء.
كما تم تعيينه عميدًا لكلية التربية في مديرية (النادرة) بمحافظة إبّ عام 1993، ثم عميدًا لكلية التربية في مدينة حجة عام 1996، ثم مستشارًا للمعونة الفنية لمشروع التعليم الأساسي عام 1997، ثم عميدًا لكلية التربية في منطقة خولان، بمحافظة صنعاء عام 2000.
قامة سامقة في مواجهة الظلم
الدكتور محمد حاتم المخلافي، ومنذ شهر أكتوبر 2023 ميلادية، وحتى هذه اللحظة قرابة سنة كاملة في سجن سلطة الحوثيين بصنعاء، حتى صعوده إلى منصة الاعتراف القسري، أنه يعمل مع المخابرات المركزية الأمريكية في تدمير التعليم في اليمن.
يقول زملاء ورفاقُ دربٍ للدكتور المخلافي: "قدّر لنا الدفاع عن مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي منذ أكتوبر 2015، التي تواجه حملة شرسة منذ بداية السيطرة على صنعاء بقوة السلاح، وإلغاء قرارات إنشاء جامعات وكليات وبرامج تعليمية، وذلك ابتداءً بإصدار 31 قرارًا، شمل إلغاء 12 جامعة، و6 كليات، و32 برنامجًا تعليميًّا (ماجستير، ودكتوراة، وبرامج الطب والأسنان والصيدلة، والبرامج الطبية والهندسية الأخرى). لجأنا حينها للمحاكم والنيابات، وتم مواجهة الحملة الشرسة ضد التعليم العالي وحملات الأمن قانونًا".
اليوم نحتاج إلى مواجهة أكبر للحملة الشرسة ضد علماء اليمن من الأكاديميين والنخب التي رفضت كل الإغراءات، ورفضت الهجرة خارج الوطن، واعتمدت البقاء في تقديم واجبها الوطني والإنساني.
من يقع بين يدي السجان
في هذا السياق، توثق "خيوط"، بعض الشهادات التي تعرف بالدكتور المخلافي من زملاء ورفاق درب له، منهم عبدالله سلطان شداد الذي يقول: "منذ أن عرفته عن قرب في العام 2015، وجدته صاحب خلق وعلم من أعلام اليمن، وكل من عرفه على مدار أربعة عقود من الزمن، يثني عليه؛ شخصية أكاديمية مرموقة، وتخرج على يده عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات، ولن تجد أحدًا منهم يذكره بسوء".
يعرفه عشرات الآلاف من أبناء مخلاف وعشرات الآلاف من محافظات أخرى، وكل من سمع قنوات سلطة الحوثيين وهي تستعرض مزعوم اعترافاته، أدركوا حقيقة مستقبل كل من درس وتعلم وافنى حياته من أجل الوطن، لا أظن أن هناك حكمة من اختيار شخصيات معروفة في وسط المجتمع بأخلاقها وتعاملها ومهنيتها، واستهدافها بهذا الشكل المحزن والمؤسف. حزين من حزن أسرته، ذكورًا وإناثًا، وحزين من حزن طلابه وطالباته وكل من عرفه وسمع باستهدافه والنيل منه بهذه الدرجة وبهذا الشكل الأليم.
بخصوص ما يتم نشره من قبل سلطة "الحوثيين" الأمنية حوله، يقول شداد: "لن تحصد هذه التسجيلات والنشر سوى مزيدٍ من الفُرقة والشتات في وسط المجتمع اليمني، وأجزم أنّ الآلاف، إن لم يكن عشرات الآلاف، تغيرت مواقفهم تجاه من نشر هذا التسجيل؛ لأنهم يعرفون الرجل، ويعرفونه حق المعرفة، وبعكس ما تم بثه تمامًا. من يقع بين يدي السجّان يتحدث بما يرغب السجان، وبما يريده ويشتهيه، ويزيده من عنده فوق الصاع صاعين حتى يفلت من الواقع الذي يعيشه قرابة عامٍ لا يعرف شيئًا عن أهله ولا يعرفون شيئًا عنه".