فرائسُ نصب إلكترونية

تزايد ضحايا شركات الاحتيال في اليمن
نادر الشرفي
May 31, 2024

فرائسُ نصب إلكترونية

تزايد ضحايا شركات الاحتيال في اليمن
نادر الشرفي
May 31, 2024
.

"حصلت على مئة، وخسرت ألفًا"؛ بهذه العبارة يلخص لنا "همام الهمداني" حقيقة الأمر، وهو ضحية لإحدى المنصات الإلكترونية الوهمية، التي ظهرت وانتشرت بشكل واسع في اليمن، ثم اختفت فجأة مع أموال عشرات الآلاف من اليمنيين.

في الآونة الأخيرة، ارتفعت وتيرة عمليات النصب والاحتيال الإلكتروني بشكل ملحوظ، من خلال منصات وشركات إلكترونية وهمية، تظهر فجأة وتنتشر عبر الدعاية والترويج، ودفع الأفراد إلى التسجيل والانضمام، ثم إغرائهم بإيداع مبلغ مالي للوصول إلى الربح السريع والوفير، وفي لحظة مفاجئة وغير متوقعة، تختفي مواقع هذه المنصات من على الإنترنت نهائيًّا وكأنّ شيئًا لم يكُن.

ورغم تعدّد آليات عمل هذه المنصات واختلاف أساليبها في الترويج والإغراء، فإنّ جميعها تلتقي عند هدف واحد، وهو الإيقاع بأكبر قدرٍ من الضحايا، ثم سرقة أموالهم والاختفاء.

مصائد المنصات الوهمية

وتعد منصة "BKB" آخر هذه المنصات التي انتشرت بين اليمنيين، كانتشار النار في الهشيم، وادّخرت مئات آلاف الدولارات من إيداعات المواطنين اليمنيين فقط، ثم اختفت فجأة في الخامس والعشرين من شهر أبريل، مخلِّفة وراءها عشرات آلاف الضحايا في اليمن.

عن تجربته مع المنصة، يقول الهمداني: "دخلت بمبلغ 200 دولار في منصة bkb، وتمكّنت بعدها بشهر واحدٍ من سحب مبلغ 300 دولار، وهو ما أغراني ودفعني لرفع سقف الإيداع والترويج للمنصة بين أقاربي وأصدقائي، فجمعت ما لديَّ من مبلغ واستدنت فوقه وأودعت للمنصة 1000 دولار، وما هي إلا أيام حتى اختفت المنصة بكل ما فيها."

تعتبر عملية ملاحقة شركات النصب والاحتيال الإلكتروني والكشف عمّن يقف وراءها والوصول إليهم، أمرًا بالغ التعقيد؛ وذلك لأن تتبع مواقع أغلب هذه الشركات والمنصات يقودنا إلى دول بعيدة، مثل كوريا الشمالية أو الصين وغيرها من الدول.

من جهته، يوضح "محمد خالد"، وهو أيضًا أحد ضحايا نفس المنصة التي وقع فيها "الهمداني"، لـ"خيوط"، أنّه لم يكن مقتنعًا بمشروع المنصة، ولا يفكر بالتسجيل فيها، لولا إلحاح أحد أصدقائه عليه، وإقناعه بأن المنصة مضمونة، مستعرضًا أمامه وثائق لشهادات المنصة وموثوقيتها في كثير من الدول حول العالم.

يضيف خالد أنّ صديقه هذا قد سحب دفعة أولية من أرباحه، وهو ما بثّ في داخله الطمأنينة وجعله يقتنع بالموضوع. فسجَّل خالد في المنصة وأودع مبلغ 200 دولار، وظل يعد الأيام بانتظار موعد السحب بعد شهر من الإيداع، وهو يرى أرباحه المسجلة في المنصة ترتفع بشكل مُغرٍ.

بعد مرور شهر، دخل خالد متلهفًا إلى موقع المنصة حتى يسحب الدفعة الأولى من أرباحه في المنصة، لكنه فوجئ بأن عمليات السحب قد توقفت؛ لينصدم بعدها بخبر توقف المنصة، واختفاء موقعها من على الإنترنت.

أسباب تنامي منصات الاحتيال

بحسب "مروان المُرير"، الباحث في الأمن الرقمي، الذي تحدث لـ"خيوط"، فإن هذه الشركات الوهمية تستهدف المجتمعات والدول النامية الفقيرة بشكل رئيسي. حيث يكون مواطنو هذه الدول هم الأكثر قابلية للوقوع في الفخ؛ وذلك من خلال إغرائهم بالربح السريع والوفير.

ويشير "المُرير" إلى أن سياسة هذه المنصات تعتمد على ما يسمى بالتسلسل الهرمي للأعضاء، حيث توهم المشترك بأنه كلما دعا أشخاصًا آخرين للانضمام والإيداع، ارتفعت نسبة أرباحه من المنصة.

وحول حقيقة حصول بعض المشتركين على أرباح من المنصات، يقول "المرير" إنّ هذا مجرد طعم صغير للوصول إلى فريسة أكبر. ويوضح أنّ المنصات في بدايات ظهورها وانتشارها تدفع بعض الأموال لأوائل المسجِّلين والمودِعين فيها، وهذه الأموال التي تدفعها، هي في الحقيقة جزءٌ من إيداعات المشتركين الجدد في المنصة.

من جانبه، يرى الناشط الحقوقي "أشرف الوصابي"، في حديثه لـ"خيوط"، أنّ الفقر المستشري في البلاد إزاء الأزمة الحالية وانقطاع المرتبات منذ سبعة أعوام، جعل من اليمنيين هدفًا لمنصات الاحتيال الرقمية، وذلك من خلال لعبها على وتر حاجة الشعب وفقره واستمالة عاطفته عبر إغرائه وإيهامه بإمكانية بالوصول السهل إلى المال وعيش حياة كريمة.

هل يمكن ملاحقتها قضائيًّا؟

تعتبر عملية ملاحقة شركات النصب والاحتيال الإلكتروني والكشف عمن يقف وراءها والوصول إليهم، أمرًا بالغ التعقيد؛ وذلك لأنّ تتبع مواقع أغلب هذه الشركات والمنصات، يقودنا إلى دول بعيدة مثل كوريا الشمالية أو الصين وغيرها من الدول، بحسب المحامي والمستشار القانوني "حسين العامري"، لـ"خيوط"، مضيفًا: "إذا أرادت حكومة دولةٍ ما الوصول إلى هذه المنصات، فإنها تحتاج إلى تواصل وتنسيق مع "الإنتربول الدولي" والكثير من الدول حول العالم، وهو ما يزيد من صعوبة الأمر.

إطلاق حملات توعية

للحدّ من تفشي ظاهرة الاحتيال الإلكتروني، يقترح الناشط "نزار محمد" إقامة فعاليات ودورات ميدانية وإطلاق حملات توعية واسعة لليمنيين في هذا المجال.

ويضيف لـ"خيوط"، أنّه من واجب الجهات المسؤولة في الدولة أن تتبنَّى وترعى هذه الحملات التوعوية، وأن تحذر المواطنين عبر وسائل الاتصال والإعلام في البلاد، من مغبة تصديق هذه المنصات والوقوع في شراكها، مؤكدًا أنّه لا يوجد حلٌّ نهائي يمكن أن تُعالَج به هذه المشكلة الخطيرة سوى توعية الشعب، والأخذ بيده إلى حيث يكون ملمًّا بجزء كبير من هذا العالم الرقمي، وقادرًا على التعامل مع المخاطر التي قد تواجهه.

•••
نادر الشرفي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English