الخَرَف ليس موتاً في الحياة

بل قد يُمثِّل لدى البعض بدايةً جديدةً
October 2, 2024

الخَرَف ليس موتاً في الحياة

بل قد يُمثِّل لدى البعض بدايةً جديدةً
October 2, 2024
Two women painting together at a table. The one in the foreground is older, wears glasses and is focused on her brushstroke. Dementia is not a death. For some, it marks a new beginning Gayle Robertson Love (right) with her daughter and caregiver Tiffanie Rivers in their home in Hyattsville, Maryland, 2021. Photo by the Washington Post/Getty

إيزابيل سوتون

ترجمة: ربيع ردمان

في عام 1999، حين صار جيمس ماكيلوب Jame McKillop بعمر الـ59 عامًا، تم تشخيص إصابته بالخَرَف. قال الأطباء إنه سيكون محظوظًا لو امتدَّ به العُمرُ ست سنواتٍ أخرى. وطلبوا منه قائلين: "عُد إلى منزلك، وقم بترتيب شؤون حياتك للتواؤم مع هذا الوضع". لكن شؤونه لم تستحل إلا إلى مزيدٍ من الاضطراب. كانتْ علاقاتُه تتداعى بسبب تغيُّر سلوكه، وعندما بدأ يجد صعوبةً في أداء مهامٍ بسيطة في العمل، فَقَدَ وظيفته في إدارة فريقٍ صغير من الموظفين الإداريين. ومثل كثيرين غيره من الذين تم تشخيص إصابتهم بالخَرَف، لم يتلقَّ ماكيلوب الكثير من الدعم بعد التشخيص سوى وَصْفةٍ طبية لمضادات الاكتئاب. لقد أصبح المستقبل ميئُوسًا منه. كلُّ ما بَنَاه أَخَذَ يتَدَاعَى ويتفلّت منه. في ذلك العام، بدا له تشخيص الإصابة بالخَرَف كما لو كان "حُكْمًا بالموت البطيء". وهذه وجهة نظر لا يزال أغلب الناس يؤمنون بها. 

في عام 2024، نشرتْ جمعية ألزهايمر، إحدى الجمعيات الخيرية الرئيسية لأبحاث مرضى الخَرَف ورعايتهم في المملكة المتحدة، مقطع فيديو لجمع التبرعات يُظهر جنازةَ امرأةٍ ماتت بالخَرَف. وفي المقطع يتحدّث ابنها، وهو يغالب دموعه، إلى الحاضرين في العزاء عن الطرق العديدة التي "ماتت" بها والدته قبل وفاتها، قائلًا: «تُوفيتْ أمي لأول مرة في 12 مايو 2019، حين صار لم يعد بإمكانها معرفة طريقة إعداد طبختها المشهورة للحم المشوي... تُوفيتْ مرةً أخرى عندما سألتني، ابنها، عن اسمي». 

إنّ الألم الناجم عن النسيان يُحدث صدمةً هائلةً، ولكن كما فَهِمَ ماكيلوب وكثيرون غيره، يجب ألّا يكون الخَرَف مساويًا للموت، سواء بالنسبة لأحبَّاء المريض أو لأولئك المصابين بهذا المرض. لا يجب أن يُنظر إلى الخَرَف على أنه النهاية. اليوم، مع زيادة حالات التشخيص بالمرض حول العالم، يعمل جَمْعٌ من الأشخاص المصابين بالمتلازمة –مثل ماكيلوب، الذي ساعد في تأسيس مجموعة عمل مَعْنِيَّة بالخَرَف في اسكتلندا عام 2002، وهي واحدة من أولى مجموعات الدعم من نوعها– على إحداث تحولٍ كبير في كيفية نظر الناس إلى هذه المتلازمة. يرى هؤلاء أن الخَرَف ليس بلاءً ميئوسًا منه، وأن الدعم بعد التشخيص يجب أن يغدو أكثر إنسانيةً وعلميةً. وبعضهم يطالب حتى بإعادة تصور المرض بشكلٍ كامل. يذهب أحد هؤلاء المرضى، نقلًا عن الخبير في مجال الخَرَف جون زايسل John Zeisel في كتابه "ما زلتُ موجودًا: فلسفة جديدة لرعاية مرض ألزهايمر" (2009)، إلى حد وصف المرض أنه «مرحلة جديدة في حياة رائعة، ليست أقل تحديًا أو إثارةً للاهتمام من مراحل العُمر السابقة جميعها». هل هؤلاء الناشطون على حقٍّ في إقناعنا بأن الخَرَف ليس سوى مرحلةٍ جديدة في الحياة، وليس "موتًا بطيئًا"؟ هل نحن بحاجة فعلًا إلى طريقة جديدة لفهم هذه المتلازمة؟

حتى سبعينيات القرن العشرين، كان يُعتقد أن التدهور الإدراكي لدى كبار السِّن ناتجٌ عن تصلُّب الأوعية الدموية وليس عن تغييرات في الدماغ. خلال هذه الفترة، لم يكن يَدُر بخلد الأطباء أنه بالإمكان فعل الكثير للحَدّ من هذا التدهور.

اكتشاف المرض والعوامل المُسبِّبة

الخَرَف هو الاسم الذي يُطلق على مجموعةٍ من الأمراض التي تصيب الدماغ، ومن هذه الأمراض ألزهايمر وهنتنغتون وباركنسون، بالإضافة إلى اضطرابات محددة تَحْدُث في الدماغ مثل الخَرَف الوعائي* والخَرَف الجبهي الصدغي**. تم تحديد هذا النوع من التدهور الإدراكي لأول مرة من قِبَل عَالِم الأمراض العصبية الألماني ألويس أَلْزْهَايْمَر Alois Alzheimer في عام 1906 عندما اكتشف، بحسب وصفه، «مرضًا غير عادي في القشرة الدماغية" من دماغ امرأة متوفاة تبلغ من العمر 55 عامًا». وقد كان لغرابة المتلازمة دورٌ في أنّها ستبقى غير مفهومة بالقدر الكافي ويتم تجاهلها إلى حدٍّ كبير معظم عقود القرن العشرين. حقيقة الأمر أنه، حتى سبعينيات القرن العشرين، كان يُعتقد أن التدهور الإدراكي لدى كبار السِّن ناتجٌ عن تصلُّب الأوعية الدموية وليس عن تغييرات في الدماغ. خلال هذه الفترة، لم يكن يَدُر بخلد الأطباء أنه بالإمكان فعل الكثير للحَدّ من هذا التدهور، وكان يُنظر إلى الخَرَف على نطاق واسع، أنه جزءٌ لا مفر منه وطبيعي من الشيخوخة؛ ومع ذلك، فالأمر ليس كذلك. صحيح أنه بعد سِنّ الـ65 يزداد اتساع هذا التدهور بمعدلٍ يتضاعف كلَّ خمس سنوات من زيادة العمر، ولكن يبدو أن هناك جُمْلة عوامل غير ذلك تؤثر في حدوثه ولا تقتصر على الدماغ فحسب. تشير لجنة لانسيت للوقاية من الخَرَف، أن هناك (12) عاملًا يُشكّلون حوالي 40% من الحالات، ومن هذه العوامل فقدان السمع، والإصابة الدماغية الناجمة عن الضرب أو الاصطدام، وتدني المستوى التعليمي في الحياة المبكرة، والتلوث الجوي، والتدخين، وشرب الكحول، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وعدم ممارسة النشاط البدني والسمنة، والاكتئاب، والأهم من ذلك، العزلة الاجتماعية. تظهر الأدلة من الدراسات الطويلة الأمد باستمرار أن الحصول على مزيد من المشاركة الاجتماعية في المراحل المتوسطة والمتأخرة من عمر الشخص، عامل مؤثر في انخفاض خطر الإصابة بالخَرَف بنسبة 30% إلى 50%. وهذا يمثّل واحدة من أهم التحولات في فهم مرض الخَرَف. 

إنَّ فكرة أن الخَرَف قد يتأثر بعوامل خارج بيولوجيا الدماغ، بدأت تراود الباحثين لأول مرة في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته انطلاقًا من فهم "بيولوجي ونفسي واجتماعي" جديد للمتلازمة. بدأت المعالجة في التركيز على الأعراض النفسية الناشئة عن تجربة الشخص في التعايش مع الخَرَف وتحديات التعامل مع تلك الأعراض. عَالِم النفس الاجتماعي توماس كِيْتْوُود Thoma Kitwood، الأستاذ بجامعة برادفورد في إنجلترا خلال الثمانينيات والتسعينيات، هو واحد من أولئك الذين روّجوا لهذا النوع من المقاربة. كان يعتقد أنه يتعيّن علينا أن نعالج الشخص بدلًا من معالجة حالته، وأن تجارب الأشخاص المصابين بالخَرَف –بما في ذلك العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على حياتهم– لا تقِلُّ أهميةً عن عَطَب الجهاز العصبي داخل الدماغ. لقد كان لأفكار كيتوود تأثيرٌ واسع على الأطباء والنشطاء في جميع أنحاء العالم، ومن بين هؤلاء ماكيلوب. 

فاعلية المشاركة الاجتماعية

هذه المقاربات المتمحورة حول الشخص في تركيزها على العوامل الاجتماعية لم تصبح أكثر رسوخًا إلا مع نهاية القرن العشرين. روز ماري دروّيس Rose-Marie Dröes، أستاذة الرعاية النفسية في مجال الخَرَف، كانت طالبة دكتوراة في هولندا عندما بدأت مشروعًا بحثيًّا في عام 1991، أدّى إلى التركيز الدائم على الأبعاد الاجتماعية للخَرَف. تضمَّنتْ دراستُها جلسات علاج الحركة مع نزلاء دار لرعاية المسنين. وقد اندهش العاملون في الدار عندما وجدوا أن أولئك الذين غالبًا ما يقضون أيامهم بلا حَراك وسلبية قد تحوَّلوا –بعد المشاركة في الجلسات– إلى أشخاصٍ «يتبادلون النظرات فيما بينهم، ويتحدثون ويساعدون بعضهم البعض»، وفق وصف دروّيس. مما قادها إلى اكتشاف أن السلوك المرتبط بالخَرَف لم يكن ناتجًا بالكامل عن الدماغ. «اعتقدتُ أنه لا بدّ أن تكون البيئة مسؤولةً عن جانب من ذلك، أو لأننا لا نقوم بتحفيز الأشخاص أو لا نستمع إليهم أو نتحدث معهم بالقدر الكافي».

وقد نتج عن عملها مفهوم أطلق عليه "مركز الاجتماع"، وأصبح اليوم منتشرًا في كل مكان في هولندا، ويُحتذى في جميع أنحاء العالم. مراكز الاجتماع هي أماكن يمكن للأشخاص المصابين بالخَرَف ومقدمي الرعاية الخاصة بهم أن يأتوا إليها للحصول على الدعم والمشورة وقضاء الوقت المفيد والمحفِّز بصحبة الآخرين. ويتم فيها تقديم المساعدة لهم للتكيف مع حياتهم الجديدة. في بعض المراكز، يمكن للأشخاص البقاء طوال اليوم يتحدثون ويلعبون ألعابًا ويقومون بحَلّ الألغاز وممارسة التمارين العقلية والطهي، وأحيانًا يقومون بذلك مع أشخاص من المجتمع المحلي الذين لا يعانون من الخَرَف. هذا هو عكس النموذج المؤسسي الذي يتم فيه التخلي عن الأشخاص أو تجاهلهم أو وضعهم تحت تأثير مضادات الاكتئاب. تَضْمَن مراكزُ الاجتماع أن يبقى الأشخاص المصابون بالخَرَف مندمجين في مجتمعهم وألا يفقدوا الروابط الاجتماعية التي لها دور في الحفاظ على نشاط الدماغ وبناء ما يسميه العلماء "الاحتياطي المعرفي"، وهو شكل من أشكال القدرة على الصمود في مواجهة الضرر الناجم عن المرض.

بحسب الدراسات التي أجرتها دروّيس وزملاؤها، فإن الأشخاص الذين يحضرون مراكز الاجتماع يعيشون بشكلٍ مستقل فترةً أطول. بعد حضور الاجتماع مدة سبعة أشهر، تم قبول 4% من الأشخاص في المكوث الدائم في دار رعاية المسنين، مقارنةً بـ30% في مرافق الرعاية النهارية المعتادة. 

في العقود الأخيرة، أسهم باحثون وكُتَّابٌ في تعزيز هذه الرؤية المتغيرة للخَرَف حين راحوا يؤكدون وجود طريقة أكثر اجتماعية، وتبعث على الأمل في التعامل مع التدهور الإدراكي. يُشدِّد زايسل على العديد من جوانب القوة والقدرة لدى الأشخاص المصابين بالخَرَف في كتابه "ما زلتُ موجودًا"، كما يُلفت انتباهنا إلى أن الدماغ بعد الإصابة يظل محتفظًا بكمية كبيرة من الخلايا، تبلغ 70 إلى 90 مليار خلية دماغية نشطة «تحتفظ بالذكريات، والقدرة على التعلم، والقدرة على الإبداع، والاستمتاع بالحياة». الكاتبة البريطانية ويندي ميتشل Wendy Mitchell، التي تُوفيتْ في وقتٍ سابق من هذا العام بسبب الخَرَف، قامت بتأليف كتابين؛ الأول بعنوان "شخص ما كنتُ أعرفه سابقًا" (2018)، والثاني بعنوان "ما أريد من الناس أن يعرفوه عن الخَرَف" (2022). مما يُظهر أنه من الممكن التواصل من خلال الكتابة حتى وإن أصبح الكلام أصعب. وقد أوضحَت الأمر بالقول: «إن التلكؤ في الكلام قد يشعرني بالإحباط، لكني أشعر مع الكتابة، بالهدوء والطَّلاقة والاقتراب من أفكاري ومشاعري». في اليابان يهدف "الكتاب الإرشادي" الأكثر مبيعًا للمؤلف يوسوكي كاكي Yusuk Kakei، "دليل السَّير في عَالَم الخَرَف" (2021)، إلى تصحيح التحيزات في كيفية تفكير الناس في هذا المرض***. ويتيح كاكي للقراء التعرف إلى الخَرَف كعالَمٍ مختلف بعادات مميزة وغريبة في بعض الأحيان.

الخوف الأساسي هو أن يتم نسيانك من شخصٍ تُحبّه. ليس بوسع أحدٍ أن يُنْكِر الألم الناجم عن هذه التجربة. ومع ذلك، فقد يدفعنا انشغالنا بالحقائق –المعلومات التي تربطنا ببعضنا البعض– إلى تجاهل المزيد من الخيارات لفهم المعنى في علاقاتنا، مثل اللمس والحدس وتعبيرات الوجه.

استيعاب المجتمع للخَرَف خطوة في الحل

من خلال أعمال هؤلاء وغيرهم من الكُتَّاب، فإن "الحل" لمشكلة الخَرَف يسير في طريق التغيير. إنه ليس مجرد مساعدة المصابين بالمرض للوصول إلى توافقٍ أفضل مع العالَم، بل يتعلق الأمر بتغيير عالمنا لكي يستوعب الخَرَف. هذه الفكرة، كما تشرح مارغريت بروينز Margreet Bruens الخبيرة في مجال الخَرَف، طوَّرها كيتوود خلال التسعينيات عندما ذهب إلى أن مشكلة الخَرَف ذات ارتباط شديد بمخاوف أولئك غير المصابين بالمتلازمة. الخوف الأساسي هو أن يتم نسيانك من شخصٍ تُحبّه. ليس بوسع أحدٍ أن يُنْكِر الألم الناجم عن هذه التجربة. ومع ذلك، فقد يدفعنا انشغالنا بالحقائق –المعلومات التي تربطنا ببعضنا البعض– إلى تجاهل المزيد من الخيارات لفهم المعنى في علاقاتنا، مثل اللمس والحدس وتعبيرات الوجه. ويُذَكِّرنا زايسل بأن الذاكرة الدلالية [ذاكرة المعارف والمعلومات] هي جزء صغير فقط من ذكرياتنا. الأشخاص الذين يعانون من الخَرَف قد يواجهون صعوبة في «تذكر اسم أو سؤال طرح مؤخرًا»، ولكنهم لا يزالون يتمتعون بالقدرة على الوصول إلى ذكريات لها معنى عاطفي، مثل التجارب الجماعية والمقطوعات الموسيقية والأحداث الحياتية المهمة. ما يفتقده الدماغ في كثير من الأحيان، خاصة بالنسبة لكبار السن، هو التحفيز المطلوب للوصول إلى هذه الذكريات. 

منذ حوالي أربع أو خمس سنوات، لاحظ الصحفي الإذاعي المتقاعد في المملكة المتحدة، ويلي جيلدر Willy Gilder، أن هواية الرسم التي مارسها طيلة حياته أصبحت أكثر صعوبة. عندما جلس ليرسم، واجه صعوبة في التقاط ما يراه حوله. وبعد أن تم تشخيص إصابته بمرض ألزهايمر، قرر جيلدر اختبار النظرية القائلة بأن الموسيقى تحفز الدماغ. ومن ثم قام مدة أسبوعين بعزف أغاني البيتلز والرولينج ستونز بصوتٍ عالٍ، وهذه هي الموسيقى التي أحبها في مرحلة المراهقة. وبشكلٍ معجز، وجد نفسه قادرًا على الرسم من جديد. 

هناك عدة تفسيرات لهذه القصة. وبحسب الطبيب النفسي يوتو ساتاكي Yuto Satake، قد تعمل الموسيقى على تحسين الرفاهية النفسية والتحفيز، ممّا يفسر تجدُّد رغبة جيلدر بالرسم. ويقترح مينغ هونغ هسو Ming Hung Hsu، الخبير في العلاج بالموسيقى، أن الموسيقى قد تزيد من النشاط عبر الدماغ، وتعمل على ربط مناطق الدماغ المختلفة. وفي حالة جيلدر، ربما ساعدته الأغاني التي قام بعزفها على إعادة إتقان مهمة الرسم المعقدة. ولعل أبحاث المستقبل في الموسيقى والدماغ، قد تساعدنا يومًا ما في فهم تجربته بشكلٍ أفضل. ومع ذلك، فما يبدو واضحًا هو أن قدرتنا على النمو والإبداع لا تضيع مع تشخيص إصابتنا بالخَرَف. 

نحن، في الوقت الراهن، لا نملك علاجًا لأسباب تدهور الأعصاب المُسبِّبة للخَرَف، مما يجعل استكشاف الجوانب الاجتماعية والبيئية للمتلازمة أكثر أهمية وإلحاحًا. وفي عصرٍ يشهد ارتفاعًا سريعًا في نسبة المسنين بين السكان، حيث يواجه المزيد من الأشخاص أكثر من أي وقت مضى احتمالية تدهور قدراتهم الإدراكية، فإننا نحتاج إلى طرقٍ أفضل لفهم عالم الخَرَف. ولنتأمل هنا حالة جيمس ماكيلوب. إِنَّه الآن في الـ80 من عمره، تَعَايش مع الخَرَف لأكثر من 20 عامًا، وكان في طليعة حركة المدافعة عن أولئك الذين يعانون من هذه المتلازمة. ولا يزال يعمل ويعيش ويتذكر ولكن بطريقةٍ مختلفة. 

كلا، إنّ الخَرَف ليس موتًا بطيئًا. وبالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يتقبل المحيط تغير سلوكهم ويمنحهم الدعم والتحفيز، فإنه قد يُمثّل لهم بدايةً جديدةً بشكلٍ أساسي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نشر المقال الأصلي في مجلة Psyche، في 23 يوليو 2024. الهوامش من وضع المترجم. 

* ينجم "الخَرَف الوعائي" عن سلسلة من السكتات الدماغية الصغيرة التي تصيب عدة مناطق في الدماغ، ويمكن الوقاية منه جزئيًّا على الأقل إذا ما تم اكتشافه مبكرًا وفق تشخيص دقيق. وأعراضه إدراكية وسلوكية وحركية كالشلل النصفي وبطء الحركة والترنح. 

** "الخَرَف الجبهي الصدغي" هو تدهور تدريجي في الفص الجبهي والصدغي من الدماغ، ويظهر بدايةً في اضطراب سلوكي أو لغوي يصاب به الرجال والنساء على السواء، وتبدأ أعراضه في الظهور ما بين سن 45 و65 عامًا، ويمكن أن يصاب به الأشخاص الأصغر والأكبر من ذلك.

*** لليابانيين دور مميز في معالجة الجوانب الاجتماعية والنفسية للمصابين بالإعاقة والأمراض العقلية والتدهور الإدراكي من خلال نهج ثوري تحول إلى مقاربة معترف بها باسم "توجيشا-كِيْنْكِيو" (علم الذات)، هي أقرب إلى فكرة "مركز الاجتماع" عند دروّيس، وفضلًا عن الدعم الذي توفره "التوجيشا" للمصابين فإنه يتم تشجيعهم على "دراسة" مشاكلهم الخاصة والبحث في الأنماط والحلول التي توفرها الكتابات والشهادات التي سجَّلها زملاؤهم. وتسعى "توجيشا-كِيْنْكِيو" إلى تحقيق هدفين اثنين. أولًا، تطوير معرفة الشخص بذاته وتبادلها مع الآخرين؛ وثانيًا، الدفاع عن المكانة داخل المجتمع. للمزيد يمكن مراجعة مقالة "توجيشا-كِيْنْكِيو" لساتسوكي أَيَيْيَا وجونكو كيتاناكا، ترجمة: ربيع ردمان، مجلة الثقافة العالمية، الكويت، العدد 119، فبراير 2024، ص 46–56.

رابط المقال الأصلي: https://psyche.co/ideas/dementia-is-not-a-death-for-some-it-marks-a-new-beginning

•••

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English