الذكاء الاصطناعي وتوظيفاته

جدلٌ قديم جديد يتزامن مع كل طفرة تقنية
نجوى حسن
December 14, 2023

الذكاء الاصطناعي وتوظيفاته

جدلٌ قديم جديد يتزامن مع كل طفرة تقنية
نجوى حسن
December 14, 2023
.

الذكاء الاصطناعي هو مجال علوم الكمبيوتر المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادةً بالذكاء البشري، مثل التعلم والإبداع والتعرف على الصور، حيث تجمع المؤسسات الحديثة كمياتٍ كبيرةً من البيانات من مصادر متنوعة، مثل أجهزة الاستشعار الذكية والمحتوى الذي يُنشِئُه الإنسان وأدوات المراقبة وسجلات النظام وإعادة تحليلها لإنتاج تصورات متعددة لحل مشكلة ما. لهذا يعتبر الذكاء الاصطناعي ثورة العصر الحديث، حيث يستخدمه الكثير من الناس في مجالات متعددة علمية وعملية، وتثير استخدامه موجة من الرعب لدى العاملين في مجالات عدة، تحسبًا من أن يحل محل الإنسان. 

 إذ يمتلك الذكاء الاصطناعي برنامجًا ذكيًّا له القدرة على محاكاة الذكاء البشري في اتخاذ القرارات، والقيام بالمهام، والإجابة عن الأسئلة والاستفسارات، حتى المعقد منها.

تأسس هذا المجال على افتراض أن مَلَكة الذكاء يمكن وصفها بدقة، بدرجة تمكّن الآلة من محاكاتها، وهذا يثير جدلًا فلسفيًّا حول طبيعة العقل البشري وحدود المناهج العلمية، وعن ماهية الذكاء الإنساني وكيفية محاكاته تكنولوجيًّا.

استخدامات متعددة

في السياق، يتجه بعض الطلاب والطالبات في الجامعات والمدارس لاستخدام الذكاء الاصطناعي في بيئاتهم التعليمية، بينهم الطالب زاهر الكردي، طالب هندسة بجامعة تعز، الذي تحدث لـ"خيوط" عن أسباب لجوئه للذكاء الاصطناعي، حيث قال: "أحصل على معلومات بدائية وبسيطة في مقررات البرمجة، وأغلب البرامج التي أعتمد عليها هي pop Chat gpt" (شات جي بي تي)، program". 

من جهته، يقول الطالب حسام سعيد، من جامعة تعز لـ"خيوط": "أستخدم الذكاء الاصطناعي في مجال الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، ولا أعتمد عليه في المسائل المتعلقة بتخصص هندسة الميكاترونيات والروبوتات".

ويستخدم بعض الطلاب والطالبات في الجامعات والمدارس الذكاءَ الاصطناعي عبر بوت الواتساب، للاطلاع على المعلومات وطرح الأسئلة والاستفسارات. 

في سياق متصل، يقول محمد الدخيني، طالب في نظم المعلومات بجامعة تعز، في حديث لـ"خيوط": "أستخدم الذكاء الاصطناعي عبر الواتساب، للحصول على المعلومات في جوانب مختلفة، مثل الفيزياء الذرية ونشأة الكون فقط، أما فيما يتعلق ببقية المعلومات، فأنا لا أعتمد عليه؛ لأنه غير دقيق في المعلومات".

حلول غير دقيقة

غالبية المعلومات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي ليست دقيقة، خاصة في المسائل المعقدة، أو أحداث التاريخ التي تحتاج إلى التحقق من صحتها.

وهو ما يؤكده الكردي قائلًا: "لا أعتمد بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي؛ لأن غالبية المعلومات التي يقدمها غير صحيحة، خاصة في المسائل المحاسبية المعقدة التي تعتمد على جداول ومعطيات دقيقة، وبالتالي فإن الحلول التي يقدمها ليست دقيقة، فهو يحاول فهم القليل من البيانات المتاحة ثم يقدم حلًّا بِناءً عليها فقط".

الجدير بالذكر أن بعض الطلبة حاولوا الحصول على معلومات عبر الذكاء الاصطناعي في مقرراتهم الدراسية، إلا أنهم كثيرًا ما اصطدموا بمعلومات غير صحيحة.

● من الممكن الاستفادة من معلومات الذكاء الاصطناعي، لكن يجب الحذر وعدم أخذ هذه المعلومات كحقائق مطلقة، تجنبًا للوقوع في فخ التضليل أو الخطأ، فهذه التطبيقات التي تأتي عبرها المعلومات ما تزال في طور التطوير، ولا يمكنه تقديم معلومات دقيقة في جميع الحالات.

فخ التضليل

"من الممكن الاستفادة من معلومات الذكاء الاصطناعي، لكن يجب الحذر وعدم أخذ هذه المعلومات كحقائق مطلقة، تجنبًا للوقوع في فخ التضليل أو الخطأ، فهذه التطبيقات الواردة ما تزال في طور التطوير، ولا يمكنه تقديم معلومات دقيقة في جميع الحالات"؛ يتحدث سعيد. 

من جهته، حذّر الخبير في الذكاء الاصطناعي، صلاح الدين المحمدي، في حديث لـ"خيوط"، من استخدام الذكاء الاصطناعي في المقررات الدراسية دون التحقق من صحة المعلومات التي يقدّمها، منوهًا إلى أنّ المعلومات المقدمة قد تكون غير دقيقة أو غير موثوقة، وقد يعطي الذكاء الاصطناعي مصادر وهمية في بعض هذه المعلومات، وهذا يتطلب اشتغالًا كبيرًا من كلّ الذين يستعينون بالذكاء الاصطناعي، للبحث والتقصي عن مدى صحة هذه المعلومات من عدمها، إلى جانب ضرورة تعلم كيفية التعامل معه بشكل احترافي، إذ إنّ عدم الاحترافية في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، قد لا يؤدي إلى النتيجة المبتغاة.

ويُبدي كثيرٌ من المعلمين معارضةً إزاء استخدام الطلاب الذكاء الاصطناعي في التعليم، تذكر أميرة مصطفى، معلمة لغة إنجليزي بمدرسة نعمة رسام بتعز، بعض هذه الأسباب، قائلة: "أعارض استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ لأنه يعوّد الطلاب والمعلمين على حدٍّ سواء على الإهمال والكسل في العملية التعليمية، وبالتالي تتحول العملية التعليمية إلى فخ كبير تأتي فيه المعلومات من مصادر غير موثوقة، علاوة على الضرر الذي قد تُحدثه على البيئات المحافظة، خاصة في ظل عدم اضطلاع الجهات المعنية بدورها، إلى جانب تلك المخاوف المتعلقة بإحلال التكنولوجيا محل الإنسان".

يؤيدها عبدالله سعيد، معلم بمدرسة الشهيد عبده محمد راجح، الذي تحدث لـ"خيوط"، عن أفضلية المناهج التقليدية في الحصول على المعلومات وتنمية المعارف، قائلًا: "إن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، قد يحول الطلاب إلى مجرد متلقين للمعلومات، ممّا لا ينمي مهاراتهم وقدراتهم الذهنية والمعرفية، على عكس المناهج الدراسية التي تركز على بناء المعرفة والمهارات الأساسية للطالب، وتطور مهارة البحث والقياس والملاحظة".

ويعتقد الدكتور يحيى العتواني، أستاذ الإعلام الاجتماعي، أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم أمر جيد، شريطة ألّا يتم الاعتماد عليه بشكل كامل، حيث إنه قد يسبب خطرًا على الطلاب من حيث التضليل وعدم دقة المعلومات التي يقدمها، خاصة في ظل محدودية وعي الطلاب، مشدّدًا في حديث لـ"خيوط"، على استثمار مميزات ما تقدمه التكنولوجيا استثمارًا أمثل لصالح البناء المعرفي الذي يشمل مصادر متعددة للمعلومات.  

يتفق معه الدكتور مجيب الحميدي، أستاذ الإعلام الاجتماعي، بكلية آداب جامعة تعز، حيث تحدث لـ"خيوط"، قائلًا: "للكتب والمراجع الورقية قيمتها، ولكن لا ينبغي أن نشعر بالخوف من الكتب والمراجع الرقمية، طالما خضعت للشروط العملية التي لا بد من استيعابها والتركيز عليها عند استخدام الذكاء الاصطناعي كمصدر للمعلومات".

ويشدّد الحميدي على ضرورة أن تقوم المؤسسات التعليمية العليا بتدريب الطلاب على قراءة الكتب الرقمية، وطرق البحث في العالم الرقمي، وكيفية تقييم مصادر المعلومات، وتنمية قدرات الوصول إلى معرفة مفيدة وتحليلها وتقييمها.

إذ من الطبيعي أن تكون الأجيال الجديدة أكثر قبولًا للكتب والمراجع الرقمية؛ كونها تعيش في بيئة إعلامية رقمية فرضت نفسها على كافة مناحي الحياة.

•••
نجوى حسن

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English