عاشت محافظة الحديدة ومختلف مناطق سهول تهامة، ليلةً عاصفة بعد ساعات من الأمطار الرعدية الغزيرة المتواصلة، نتج عنها سيولًا جارفة وفيضانات مدمرة.
يأتي ذلك وسط أنباء وتأكيدات مصادر محلية عن غرق بعض المناطق، وحدوث أضرار واسعة في الممتلكات، وتدمير كثير من المنازل، وجرف مزارع، إضافة إلى الغرق وأضرار كارثية تعرضت لها الشوارع والأحياء السكنية؛ لارتفاع مياه الأمطار ودخولها للمنازل.
وفي الوقت الذي لم تتضح فيه الصورة حتى الآن، مع استمرار الأمطار وجريان السيول إلى صباح الأربعاء 7 أغسطس/ آب، إلا أنّ الوضعَ مأساويّ؛ بحسب تأكيدات سكان محليّين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم تداول مقاطع فيديو للأمطار وتدفق السيول والفيضانات التي تمتد من مدينة الحديدة إلى الزيدية والقناوص، وكذا إلى الحسينية وجبل رأس والمنصورية وبيت الفقيه، وصولًا إلى المناطق التهامية في محافظة حجة.
تحذيرات من الأمطار الرعدية
وأطلق عددٌ من سكان محافظة الحديدة، ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، مناشدات لإنقاذ مناطق الحديدة المنكوبة، حيث تحاصر مياه الأمطار والسيول الجميع في هذه المناطق، وسط انهيارات للمنازل على رؤوس ساكنيها.
وكان المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر قد رصد عصر يوم أمس 6 أغسطس/ آب، انتشار العواصف الرعدية مع أمطار متوسطة إلى غزيرة على محافظات: حجة، عمران، تعز، الضالع، شمال المحويت، شمال لحج، جنوب إب، جنوب الحديدة، وجنوب غرب حضرموت، وعلى أجزاء من: صعدة، البيضاء، شبوة، أبين، ذمار، صنعاء، مأرب، وسط حضرموت، غرب الجوف.
الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها، سيكون لها أضرارٌ وتأثيرات سلبية على المجتمعات الحضرية والزراعية، حيث من المتوقع أن تتسبب في إتلاف المحاصيل وانجراف التربة، وتعطيل سبل العيش الزراعية في المناطق المنخفضة على طول ساحل البحر الأحمر.
في حين رصد خبراء وناشطون في الطقس والمناخ، منهم تركي المحيا، الناشط على موقع التواصل الاجتماعي (إكس)، أكثر من 9,000 ضربة برق وصاعقة في هذه الأثناء، من سحب استوائية ضخمة على محافظات حجة والحديدة وجيزان.
إضافة إلى ما يزيد على 2,300 ضربة برق وصاعقة من سحب ركامية رعدية ممطرة، كانت نشِطة خلال ساعات مساء أمس، خصوصًا مع غروب الشمس، تمتد من حضرموت حتى مناطق غربي اليمن، أقواها السحب التي تشكّلت في محافظة حجة ثم عمران.
سبق ذلك إنذارٌ أطلقه المركز الوطني للأرصاد، حذّر فيه المواطنين في المناطق المتوقع هطول الأمطار فيها، من الوجود في بطون الأودية وممرات السيول، ومن العواصف الرعدية وتساقط حبات البَرَد، والانهيارات الصخرية والانزلاقات الطينية، لا سيما في الطرقات والمنحدرات الجبلية، والمنازل الطينية التقليدية.
مناخ متطرف بطول ساحل البحر الأحمر
في السياق، شهد اليمن مناخًا عاصفًا خلال الفترة الماضية، مع بروز التغيرات المناخية في طليعة التحديات التي تواجهها البلاد.
وأكّدت منظمات أممية أنّ اليمن تشهد خلال الأيام القليلة القادمة، هطولَ أمطار غزيرة تراكمية، تصل إلى (300 ملم) في المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية، مع توقع أعلى كثافة لهطول أمطار يومية (أكثر من 120 ملم) يوم الأربعاء 7 أغسطس/ آب.
وتوقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، أن تكون الأمطار هذا العام أشدّ غزارة، مما قد يؤدّي إلى أضرارٍ واسعة النطاق، وخاصة في المناطق الزراعية المنخفضة، محذرةً من أنّ استمرار هطول الأمطار الغزيرة خلال الأسابيع المقبلة، سيزيد من احتمالية حدوث الفيضانات والانهيارات الأرضية بشكل كبير، إذ أشارت المنظمة الأممية إلى المناطق المعرضة لخطر الفيضانات، التي أهمّها: أودية تُبن ورسلان وزبيد ورماح وسهام، على طول السواحل الجنوبية والغربية والأجزاء الغربية من وادي الجوف، كما أنّ مناطق أخرى، مثل: وادي بنا، ووادي مور، ووادي سردد، تحت حالة التأهب.
إضافة إلى أنّ الأمطار الغزيرة المرجح هطولها حتى العاشر من الشهر الجاري، قد تشمل حتى المحافظات الأكثر جفافًا، مثل غرب حضرموت، التي من المتوقع أن تتلقّى ما يصل إلى (60 ملم) من الأمطار.
وأوضحت منظمة الأغذية والزراعة الأممية أنّ الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها، سيكون لها أضرار وتأثيرات سلبية على المجتمعات الحضرية والزراعية، حيث من المتوقع أن تتسبّب في إتلاف المحاصيل وانجراف التربة، وتعطيل سبل العيش الزراعية في المناطق المنخفضة على طول ساحل البحر الأحمر.
بدورها، تؤكد منظمة "الإسكوا" أنّ أهم محفزات المخاطر المناخية في اليمن، تتمثل في الإجهاد المائي، حيث يفتقر 18 مليونًا من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، إلى مصادر المياه، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تزايد النزوح من جراء المناخ، بتواتر الظواهر الجوية القصوى.
ويتطلب الأمر -بحسب الوكالات والمنظمات الأممية- ضرورة اتخاذ التدابير الاحترازية للتخفيف من حدة الآثار السلبية لهذه الأحداث الجوية المتطرفة داخل المجتمعات الزراعية، مرجحةً أن تمثّل الأسابيع القادمة فترةً حرِجة بالنسبة لليمن، حيث تواجه تحديات هطول الأمطار الغزيرة والمخاطر المرتبطة بها، ومن الضروري الاستعداد واعتماد الاستراتيجيات المناسبة، والقدرة على الصمود المجتمعية لتجاوز هذه الفترة الصعبة، والحد من هذه المخاطر.