مدينة "قَعْطَبَة" لم تكن منعزلة عن مسار الفكر والعلم، بل إنها كانت وثيقة الصلة بالشمال والجنوب قبل قيام الوحدة اليمنية في 1990، وكانت أيضًا بذرة المتعلمين ومنبتهم؛ فهناك عددٌ من الأكاديميين والأطبّاء الاختصاصيين والمهندسين والقضاة من أبناء تلك المديرية التابعة لمحافظة الضالع (جنوب اليمن)، لكن هذه النخبة هاجرت صوب صنعاء وعدن.
وحدها المرأة "القعطبية" تُركت بين جدران عاداتٍ بالية؛ لأنّ جماعات الدين السياسي المتحكمة فرضت عليها أنساقًا تشدُّدية خارجة عن الشرع والقوانين والعادات اليمنية الحقيقية التي تكرم وتقدّر المرأة، وأعادت تكريس ثقافة تجاوزها الجميع جيلًا بعد جيل؛ فصار لا يُسمح لها بأن ترتاد السوق لتشتري احتياجاتها، حتى لو لم يكن هناك ذكور في عائلتها يقومون بهذه المهمة.
تقول لينا محمد، من سكان قعطبة، لـ"خيوط": "لا نستطيع الذهاب إلى السوق إلا مع أحد أفراد الأسرة الذكور، ويجب أن نرتدي البالطو (العباية) والخمار والبرقع، حتى لو كنت في سن صغيرة، ورغم ذلك تحدق الأنظار نحونا وكأننا نكرات".
من جانبها، تشير أمّ أحمد، لـ"خيوط"، إلى أنّ المرأة سابقًا كانت تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب، تقول: "كانوا يذهبون معًا إلى الحقول ليقطفوا المحصول من الذرة والشام وغيره، ويجتمع الرجال والنساء بكل براءة وتعاون، وينجزون حتى منتصف الليل، ولم يكن هناك أيّ نشر للرذيلة ولا للتحريض، كان الكل إخوة وهم من قرى مختلفة، كما كانت النساء يأتين من عزل قعطبة إلى المدينة، لكي يبعنَ الماشية بالسوق، ويشترينَ ما يحتجن وكان الأمر طبيعيًّا جدًّا، لكن ما أصبحنا نراه من قيود مفروضة على حياتنا، أمرٌ محير وصادم ولا وصف له".
في قعطبة، من مريس شمالًا وحتى سهدة جنوبًا، لن ترى مطعمًا يخصص أجنحة خاصة لارتياد العوائل، وإن كنت مسافرًا مع عائلتك فأنت أمام خيارين؛ أن تصبر المرأة على جوعها، أو تأكل داخل سيارة محكمة الإغلاق، وكأنها داخل نافورة فوهاتها تأتي من الجحيم. الأغرب في هذا الحصار؛ أنّك لا تستطيع سواء كنت قريبًا أو عائلًا أو فردًا من الأسرة، أن ترسل حوالة مالية باسم امرأة في "قعطبة"؛ لأنّ العيب يحضر هنا في ذهابها لمحال الصرافة.
قيادية في المجتمع المدني، تقول لـ"خيوط": "إنّ الخطاب الديني المتشدّد وسيطرة جماعة الدين السياسي على المديرية، خاصة في العقد الأول من الألفية الثالثة، يعتبر سببًا أساسيًّا لتفشي ظاهرة العيب والحرام ضدّ المرأة، حيث جعلوا منها تابعًا لهم، واجبها السمع والطاعة، إذ غرسوا هذه العقدة في نفوس الفتيات بوقت مبكر".
حنان الحبيل، طالبة بمعهد العلوم والتكنولوجيا، في مدينة قعطبة، تتحدث لـ"خيوط"، بالقول: "نحن الشابات غير راضيات عن هذا الواقع، ونحاول جاهدات صناعة التغيير في مجتمعنا، حيث يجب أن يكون الإعلام سندًا لنا حتى نحصل على كافة حقوقنا وألّا نظلّ حبيسات الجدران"، في حين تقول أروى حسن: "نحن الذين خضعنا لهذه العادات، ولم نسعَ يومًا للتغيير، لم نطالب الرجال يومًا بالأكل من المطعم عند مرضنا والظروف الطارئة".
ترك خطباء المنابر القضايا الأساسية في المجتمع، وكرسوا جهودهم في النيل من المرأة وتعليمها، وخروجها، ولبسها وشكلها، في حين كان لقعطبة النصيب الأكبر من الفكر "السلفي" والإخواني" والخلاف بينهما؛ أيّهما يُحزر تقدمًا أكثر في سجن المرأة والتضييق عليها، بينما تجاوز "الحوثيين" في مناطق نفوذهم كل ذلك، وأصبح القمع المتدثر بالدين وسيلةً لإخضاع المجتمعات وتقييدها.
من ناحيتها، تلفت أمل ناجي، في حديثها لـ"خيوط"، إلى أنّ والدها وافق على أن تسعى لتحقيق أمنيتها في أن تكون محامية، لكن بقية أفراد الأسرة، من أمها وإخوانها الكبار والأعمام والأخوال وقفوا جميعًا ضد حلمها، مؤكدين أنه ليس هناك للمرأة سوى أن تكون معلمة، مضيفة: "دفنت حلمي بداخلي، واتجهت للدراسة في كلية التربية ملتحقة بقسم العلوم الإسلامية لأحصل على شهادة وألتحق بمهنة التدريس براتب 30 ألف ريال شهريًّا، لا يكفي لشراء أبسط الاحتياجات حتى علبة حليب لطفلي".
الباحث الاقتصادي حسام السعيدي، يتحدث لـ"خيوط"، عن أن عدم خروج المرأة للعمل في السوق، وعدم التحاقها بالتخصصات العلمية، يحرمها من جني المال لقاء جهودها في عملية الإنتاج، ومن ثم حرمانها من إمكانية تحسين مستواها المعيشي، كما يتم حرمانها من فرص التعليم والتدريب المختلفة التي يتطلبها سوق العمل.
تكريس العادات
تفرض العادات والتقاليد المتشدّدة نفسها حتى على الأفراح والأعراس، التي تعتبر المتنفس الوحيد للمرأة للخروج من عباءة الكبت والحصار، إذ تشير أمّ يقين، من سكان قعطبة لـ"خيوط"، إلى أنّ مدة الفرح أو الأعراس بشكل عام، تصل إلى 20 يومًا في مدينة قعطبة، يتم خلالها استقبال الجميع من نساء وأطفال، وتوزيع المشروبات والكيك وغيرها، في ثلاث فترات من اليوم (الصباح، وبعد الظهيرة، والمساء)، أما الولادة فتستمر 40 يومًا للولادة القيصرية، و30 يومًا للولادة الطبيعية.
وذلك يكلف الأسرة المجبرة على مسايرة التقاليد أعباءً جسيمة، في حين لا وصف لمعاناة المرأة التي لا رأي لها ولا تستطيع التعبير عن الضغوط النفسية والاجتماعية التي تتعرض لها، والتي فرضها المجتمع عليها استنادًا لهذه التقاليد والعادات البالية المكرسة بأفكار دينية متشدّدة، كما يلاحظ ذلك من نمط حياة المجتمع في مختلف مناطق "قعطبة".
لا توجد في قعطبة حديقة ولا متنزّه ولا قسم عوائل في المطاعم، ولا يسمح للمرأة بالخروج إلى الوديان الواقعة في المديرية وهي كثيرة؛ لذلك في الأعياد وأيام العطل والمناسبات الوطنية والدينية، الرجال يخرجون إلى الوديان ومجالس القات، ويصعدون الجبال، أو ينظّمون رحلات جماعية شبابية إلى المحافظات، وغيرها من الأماكن. أما المرأة فقد حُكِم عليها بالسجن بين أربعة جدران أو الخروج فقط لبيت عمها أو خالها، وهي هنا ما زالت حبيسة المدينة، وفق حديث الناشط الاجتماعي أحمد الفتاحي لـ"خيوط"، مضيفًا أنّه مِن وراء هذا الكبت النفسي الكبير عند المرأة، ترى أنّ مناسبة الأعراس والولاد هي المتنفس الوحيد لإخراج الطاقة السلبية التي تغلغلت داخلها.
الطبيبة بريئة الباشا، اختصاصية نساء وولادة، تشرح في هذا الصدد لـ"خيوط"، أنّ المرأة تحتاج بعد الولادة لراحة نفسية وجسدية ومكان هادئ، بعيدًا عن الضجيج والضغوط النفسية؛ وفي حال كانت الزيارات بشكل يوميّ ومتكرر، يؤثر هذا على صحتها جسديًّا ونفسيًّا، فضلًا عن ضغط الطلبات والخوف من التقصير، وهذا قد يُدخلها في حالة اكتئاب شديدة.
يختلف الأمر، بالمقابل، عن الوضع الذي كان سائدًا قديمًا في مديرية قعطبة، التي تقدر مساحتها بنحو 2,500 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 150 ألف نسمة، حيث كانت الحقول النضِرة والسهل الرملي المشبع بالرطوبة، وعذوبة الهواء منظرًا ساحرًا فتانًا. وادي شداد، وبلاد اليوبي، وحمرات، والمدينة القديمة، أمكنةٌ مشاعة للحكايات والقصص التي كانت ترويها المرأة القعطبية مع أخيها الرجل، تكون هناك دون قيدٍ أو شرط؛ تارة للعمل في الحقول، وتارة للتأمل والتسلية والترفيه والألعاب الشعبية.
وتناولَت العديدُ من الأبحاث تأثيرَ المساحات الطبيعية والتغيير على كافة نواحي حياتنا، وكيف أن هذا ليس ممتعًا فحسب، بل هو ضروري من أجل صحتنا الجسدية والنفسية والعقلية، ولإعادة التوازن إلى حياتنا المزدحمة والمشتتة، ولا تزال الأبحاث مستمرة.
أغلب من عايش الفترات الماضية ويقارنها الحاضر، يؤكّد أنّ كلَّ من كان يبحث عن الراحة والهدوء والتأمل أو التسلية يجد متعته في هذه المدينة التي كانت الملاذ الآمن للقادمين شمالًا أو جنوبًا. يهرع إليها اليافعون ليجدوا فيها وسائل اللعب والتسلية، ويرتادها الكبار طلبًا للراحة والهواء الطلق، ويلجأ لها السياسيون خوفًا من بطش الحكام.
يقول أحمد طاهر، من سكان قعطبة، لـ"خيوط": "كانت المرأة في كلّ عُزلها وقُراها تخرج للعمل مع أخيها الرجل في الحقل، ثم تحمل معه المحصول للسوق وتبيع وتشتري، كانت تحضر المناسبات في أيّ مكان، وكانت تعيش بطبيعتها دون أي قيود".
في السياق، هناك من شَوَّهَ موقف الإسلام من المرأة، حتى صار الدِّين في هذا الخصوص محل جدل عند الكثيرين، فقد ترك خطباء المنابر القضايا الأساسية في المجتمع، وكرّسوا جهودهم في النيل من المرأة وتعليمها، وخروجها، ولبسها وشكلها، في حين كان لقعطبة النصيب الأكبر من الفكر "السلفي" والإخواني" والخلاف بينهما؛ أيّهما يُحزر تقدُّمًا أكثر في سجن المرأة والتضييق عليها، بينما تجاوز "الحوثيون" في مناطق نفوذهم كلَّ ذلك وأصبح القمع المتدثر بالدِّين وسيلةً لإخضاع المجتمعات وتقييدها.
يقول الكاتب الصحفي محمد الشعيبي لـ"خيوط": "إنّ ما تعيشه مديرية قعطبة بمدينتها وريفها، له أسباب اجتماعية بدرجة رئيسية، تكونت بفعل تراكمات لإرثٍ من العادات والتقاليد التي وُجِدَت في المنطقة، مصدرها تعليمات دينية يرى الكثير من المشايخ المقيمين عليها أنّ خروج المرأة للأسواق مخالف لتعاليم الدين، كونه بابًا من أبواب إفساد المرأة، إذ إنّ هذه التعبئة رسخت في قناعة الكثير من الرجال، سواء كانوا أرباب أُسَر أو أزواجًا".
كثير من النساء في قعطبة، يرفضن رفضًا قاطعًا هذه الممارسات والقيود التي يفرضها المجتمع على المرأة، والخطاب المتشنج ضدّها، وجعلها شيئًا يجب أن يستتر، وكأن أولئك الرجال التي ستمر من طريقهم نزلوا من كوكب آخر، لا أنهم أب وأخ وزوج وولد لتلك المرأة.
بدوره يرى الباحث الاجتماعي، الدكتور محمد حسن، في حديثه لـ"خيوط"، أنّ أكبر سببٍ لبقاء هذه الفجوة وترسيخها، يعود إلى العقليات المريضة التي ما زالت جاثمة داخل هذه المدينة، بأفكارها التي تأبى التغيير، إضافة إلى أنّ الفقر والبطالة وعدم الوعي عند الأُسَر والحرمان من التعليم، أوصل الناس إلى التفرقة وسلب حقوق المرأة وتعنيفها.
آثار نفسية
بعض العادات والتقاليد تمثّل إرهابًا للمرأة، رغم كونها مواطنًا كاملًا، ولا تعاني من قصور عقليّ حتى يحدّد المجتمع إقامتها أو كبت حريتها، في مقابل السماح للرجل بكل الحقوق؛ لذا فإنّ للكبت والقيود آثار نفسية سلبية، تصنّفها الاختصاصية النفسية إيمان لطف، لـ"خيوط"، بقولها: "إنّ فرض القيود على المرأة يمكن أن يؤدّي إلى آثار نفسية سلبية عديدة، منها: انخفاض الثقة بالنفس، والشعور بعدم الحرية والاستقلال، وتقليل قدرتها على التعبير عن ذاتها".
وتشير إلى أنّ هناك من يشعرن بالإحباط والضياع نتيجة عدم القدرة على تحقيق طموحاتهن وتطلعاتهن، وأنّ القيود المجتمعية التي تكبل المرأة، تؤثر نفسيًّا عليها بشكل بالغ. فضلًا عن أنّ تقييد الحرية الشخصية في اتخاذ القرارات والتصرفات الخاصة بها، يمكن أن يؤدّي إلى شعورها بالعزلة، والانعزال.
خيارات صعبة
لعبت المرأة دورًا محوريًّا في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة، وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات، فحضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة، وإصرارها على إثبات وجودها وأنّها نصف المجتمع ومربية النصف الآخر، يجعلها عنصرًا أساسيًّا، لا تقبل بالدونية والسجن المنزلي تحت مسمياتٍ ما أنزل الله بها من سلطان.
تؤكّد الناشطة الحقوقية إسراء النجار، لـ"خيوط"، أنّ التغيير الإيجابي الذي تسعى له المجتمعات، مرهونٌ بشكل كبير بواقع المرأة، ومدى تمكُّنها من القيام بأدوارها في المجتمع.
كثيرٌ من النساء في قعطبة، يرفضن رفضًا قاطعًا هذه الممارسات والقيود التي يفرضها المجتمع على المرأة، والخطاب المتشنج ضدّها، وجعلها شيئًا يجب أن يستتر، وكأن أولئك الرجال التي ستمر من طريقهم نزلوا من كوكب آخر، لا أنهم أب وأخ وزوج وولد لتلك المرأة؛ لكن الصعوبات والتحديات التي تواجهها تفوق قدراتها على تحملها؛ لأنه كلما حاولت التمرّد على الظلم يصب الجميع سخطهم عليها.
تضيف النجار أنّ هناك عددًا كبيرًا من النساء، خاصة المعلمات منهن، متأثرات بجزء من هذا الفكر؛ بسبب المؤسسات التعليمية التي درسن فيها سابقًا؛ كنَّ مساهمات بشكلٍ فعّال في تكريس هذه العادات داخل الأُسَر، مرجعات هذا للجانب الديني، حيث هناك من يستشهد بالكلام المأثور: "المرأة عورة"، و"لعن الله امرأة تخرج الأسواق"، و"الاختلاط بالرجال جريمة".
تتغير المفاهيم والعادات والتقاليد في المكونات والتجمعات البشرية، تبعًا للحالة الأمنية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية منها، وتتأرجح القيم والمفاهيم الإنسانية صعودًا وهبوطًا بحسب الأنظمة السياسية والاقتصادية القائمة.
وفق مختلف المرجعيات القانونية فإنّ الضرورة تقتضي فرض المرأة شريكًا اجتماعيًّا في كل الوظائف والتخصصات، وأن يكون لها رأيٌ تستطيع من خلاله استرجاع حقوقها المسلوبة.
المحامية رانيا جمال تقول لـ"خيوط": "لا بدّ من نضال شبابي واقعي وملموس في المديرية، لإحداث تغيير جذري للمفاهيم الغريبة والعادات البالية، وتطبيق المادة ٤١ من الدستور اليمني التي تنص على: "المواطنـون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبـات العامـة"، في حين تنص المادة ٤٢ على أنّ "لكل مواطن حقّ الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حـدود القانـون".
في حين ترى نصرة صالح، أنّ التغيير يحتاج لتكتل نسوي ومساندة المثقفين من أبناء المجتمع، وهذا للأسف غير موجود في مدينة قعطبة، و"اليد الواحدة لا تصفق"، فأي صوت فرديّ يعتبر نشازًا، ويخمد في بدايته.
ارتدادات 1979
وضع المرأة اليمنية ومكانتها وحقوقها، شهدت ردّة كبيرة خلال العقود الأخيرة، ليس فقط في "قعطبة"، بل في كل مناطق اليمن، الحضرية والريفية، وعلى المستوى الإقليمي، وتحديدًا منذ عام 1979.
يشير أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، عادل الشرجبي، في تصريح لـ"خيوط"، إلى أنّ السبب في ذلك ليس ثقافيًّا كما يروج معظم الباحثين المتخصصين في الدراسات النسوية ودراسات النوع الاجتماعي، بل هو سياسي في المقام الأول، فعندما وصلت قوى اليسار المؤمنة بحقوق المرأة وحرياتها إلى السلطة في عدن، تمتعت النساء بحرياتهن التي تكفلها الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وكانت النساء في المدن اليمنية الشمالية، وخاصة: صنعاء، وتعز، والحديدة، يتُقنَ للحصول على الحقوق والحريات التي حصلت عليها النساء في الجنوب.
ويستدرك بالقول: "لكن منذ عام 1979، في ردّ فعل لمواجهة الثورة الإيرانية، تبنّت المملكة السعودية ما سُمّي بـ"الصحوة الإسلامية"، التي لم تكن في الحقيقة صحوة إسلامية، بقدر ما كانت ردة جاهلية في مجال حقوق النساء وحرياتهن، وعملَ النظامُ السعودي على تصدير هذه التوجهات إلى الدول العربية الأخرى، وخاصة اليمن، وعززت هذه الردّة هيمنتها على كل مناطق اليمن بعد توحيد شطري اليمن".
مع كل ذلك، فإنّ المدن الواقعة على الطرق بين المحافظات، ومنها مدينة قعطبة، بحسب الشرجبي، نالت حظًّا وافرًا من التشدّد تجاه حقوق وحريات المرأة المتعلقة بممارسة أنشطة خارج المنزل، بما فيها أنشطة التسوق والترفيه، بسبب كثرة الغرباء (المسافرين)، الذين يتخذون منها محطات للراحة وتناول وجبات الطعام وشراء "القات".