في الوقت الذي تستمر فيه حالات فيروس كورونا المستجد بالظهور في اليمن، ويصيب الشك كل حديث عن انحسارها في ظل إمكانيات منعدمة لدى القطاع الصحي للكشف المبكر، ازدادت مشكلات الوضع الوبائي تعقيداً في مدينة تعز، جنوب غربي اليمن، بعد إعلان لجنة الطوارئ في المدينة خروج الجهاز الخاص بفحصPCR) ) عن الخدمة.
يفرض فيروس كورونا نفسه كخطر محقق لم يتم السيطرة عليه حتى الآن في تعز ومدن يمنية أخرى، مع تسجيل السلطات الصحية في المحافظة، 258 حالة مثبتة، منها 63 حالة وفاة، بينما 140 حالة تماثلت للشفاء، حتى تاريخ 8 يوليو/ تموز 2020.
مدير المختبر المركزي والناطق باسم لجنة الطوارئ، أحمد منصور تحدث لـ”خيوط”، عن أن تعطُّل جهاز الفحص (PCR) مثّل مشكلة كبيرة واجهها القطاع الصحي في مدينة تعز، التي تشهد تسجيلاً يومياً لحالات الإصابة بفيروس كورونا، خاصة أن جهاز الفحص هذا، هو الوحيد في المدينة.
نحو 750 من تحاليل الفحص أجرتها السلطات الصحية في تعز، إضافة إلى 100 مسحة، غير أن هذا لا يعد كافياً حتى لنصف أسبوع بسبب الحالات المشتبهة الكثيرة التي تحتاج إلى الكشف السريع
وأضاف منصور، أن عطل الجهاز استمر لمدة ثلاثة أيام قبل أن يعاود العمل مجدداً، وأن الحالات المشتبهة تأثرت كثيراً بسبب عدم تمكن مراكز العزل الخاصة والعامة، التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، من استقبال أي حالة إلا بعد فحصها عبر جهاز PCR والذي خرج عن الخدمة حينها.
ضغوط صحية هائلة
أجرت السلطات الصحية في تعز، حسب مدير المختبر المركزي، نحو 750 من تحاليل الفحص، بالإضافة إلى 100 مسحة تلقتها المدينة مؤخراً، غير أن هذا لا يعد كافياً حتى لنصف أسبوع بسبب الحالات المشتبهة الكثيرة التي تحتاج إلى الكشف السريع.
الناطق باسم لجنة الطوارئ قال أيضاً في ذات السياق، إنه من الصعب تحديد مسار واتجاه الفيروس لأن ذلك يتطلب جهداً ودراسة ومسوحات يومية تعجز السلطات في تعز عن توفيرها.
وفرض انتشار فيروس كورونا ضغطًا هائلاً على القطاع الصحي في اليمن، وفق منظمة اليونسيف التي أكدت في تغريدة نشرتها المنظمة الأممية في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وصول طائرة طبية إلى مطار عدن الدولي على متنها 15.5 طناً من الإمدادات الصحية و8000 اختبار لفيروس كورونا في 8 يوليو/ تموز 2020.
ومع تزايد الحديث عن تراجع حدة تفشي الفيروس في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين) رغم عدم وجود أي تقارير صحية أو أرقام تؤكد ذلك، أعلنت اللجنة الوطنية العليا للطوارئ التابعة لوزارة الصحة في الحكومة المعترف بها دولياً، عبر صفحتها في “تويتر” أن عدد المصابين بفيروس كورونا في كل المحافظات الواقعة في نطاقها الجغرافي بلغ 1356 حالة إصابة مثبتة، منها 361 حالة وفاة، بينما كان عدد المتعافين 619 حالة، حتى 9 يوليو/ تموز 2020.
انتشار مخيف للحميات
في ظل وضع صحي متردٍّ وإمكانيات وتجهيزات طبية محدودة، ليس فقط في تعز بل في جميع المدن اليمنية، تتسلل الحمّيات المختلفة إلى أوساط السكان في المدينة وفي المناطق الريفية التابعة لها.
ويرجح أن يرفع دخول فصل الصيف وموسم هطول الأمطار شرارة الحميات الفيروسية بمختلف أنواعها، أبرزها حمى الضنك و”الشيكونغونيا” ما يُعرف شعبياً بـ”المكرفس”، إضافة إلى مضاعفة خطورة تفشي فيروس كورونا وتعقيد جهود احتوائه.
فهد محمود، مدير مستشفى المظفر العام بمدينة تعز قال لـ”خيوط”، إن المستشفى يشهد مؤخراً توافداً للمرضى بصورة غير مسبوقة. وأضاف: “تصلنا يومياً ما بين 500 إلى 600 حالة، جميعها تعاني من حميات، ناهيك عن من يقاومون هذه الأعراض بمفردهم في المنازل”.
ويتوقع محمود أن تكون هذه الحميات امتداداً متوقعاً لموجات فيروس كورونا، إذ أن تأثيرها في المصابين لا يقل خطراً، داعياً “الإعلام” إلى التركيز على تفشي الحمّيات.
وأطلع مدير مستشفى المظفر “خيوط” على آخر إحصائية للمصابين بالحميات الذين استقبلهم خلال شهر يونيو/ حزيران 2020، حيث بلغت 7096 حالة، كان نصيب الإناث البالغات هو الأعلى بـ 3284 حالة، بينما الذكور 2170 حالة، أما لدى الأطفال من الإناث والذكور، فقد بلغت الحالات 1636 حالة.
مكتب إعلام محافظة تعز، أعلن على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تدشين حملة تحصين ضد مرض “الدفتيريا”، قال إن مكتب الصحة نفذها في المدينة بحضور وكيل المحافظة الأول، في 6 يوليو/ تموز 2020.
وبحسب تيسير السامعي، نائب مدير الإعلام والتثقيف الصحي بمكتب الصحة في تعز، فإن الحملة ستستمر لمدة أسبوع كامل، مستهدفة أكثر من ستة آلاف طفل في 16 مديرية بمحافظة تعز.
وقال السامعي بشأن مواجهة بقية أمراض الحميات، إن مكتب الصحة نفّذ، بالشراكة مع الهلال الأحمر اليمني، “حملات رشّ ضبابية”، وأن القطاع الصحي في المدينة “يعمل وفق المتاح”.
وفي تعليق له عن احتمالية عودة الحياة بشكل رسمي في مدينة تعز، قال السامعي إن ذلك يعتمد على قرار السلطات المحلية بالمحافظة، وأنه من الصعب الحديث عن فتح الجامعات والمدارس حتى يتم التأكد من تلاشي الفيروس، وأن هذا التوقيت هو موعد إجازة صيفية.
أيمن الصراري، وهو ناشط مجتمعي في مبادرات التوعية الوقائية، يرى أن توسع مثل هذه الأمراض والحميات، ناتج عن عدم الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة الطبية أثناء العمل.
وقال الصراري لـ”خيوط” إن “المجتمع اليوم لم يعد يتقبل نصائح الوقاية من الأوبئة ضارباً بها عرض الحائط، وهو ما يتطلب إيجاد طريقة إقناع مناسبة”.
مؤشرات لتخفيف الاحترازات
لا يزال فيروس كورونا المستجد يواصل انتشاره في العالم بعد أكثر من نصف عام على ظهوره الأول، ورغم ذلك بدأت الكثير من الدول في تخفيف قيود الحظر الوقائية التي كانت فرضتها عند بداية انتشار الوباء.
ويبدو أن ذات الأمر تتجه إليه اليمن التي تخطى موعد ظهور الفيروس الأول فيها الثلاثة أشهر، سواء في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، أو المناطق التابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين). وكانت السلطات الصحية المعنية بمكافحة فيروس كورونا، في كلا الجانبين، أقرت حزمة إجراءات وقائية تمثلت في إغلاق المؤسسات الرسمية وبعض أماكن التجمعات، منذ مارس/ آذار 2020، حتى الآن.
وكانت جامعات خاصة في مدينة تعز، أعلنت لطلابها وأساتذتها، عن فتح أبوابها ابتداءً من يوليو/ تموز 2020، وهو ما أثار حفيظة الكثيرين منهم.
خلدون المقطري، أستاذ في جامعة خاصة، قال لـ”خيوط”، إن هذا الإعلان عن العودة إلى الدراسة من قبل الجامعات الأهلية، لا يمكن اعتباره استئنافاً، بل يأتي في إطار التهيئة النفسية للعودة، من خلال ورش عمل ودورات تبصيرية للطلبة، مع الأخذ بالإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
وأضاف أن هذه الخطوة جاءت على إثر اجتماع عقده نائب وزير التعليم العالي مع رؤساء الجامعات الأهلية في تعز، في 25 يونيو/ حزيران 2020. وهو ما يعد مخالفاً لقرار وزير التعليم العالي في الحكومة المعترف بها دوليًا، والذي يقضي باستمرار تعليق الدراسة للفصل الدراسي الثاني من العام 2019/2020، في كافة مؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية، ابتداءً من 30 مايو/ أيار، حتى 6 أغسطس/ آب 2020، على أن تبدأ الدراسة في 8 أغسطس/ اَب القادم.
وتناقل مجموعة من رواد مواقع التواصل الأسبوع الماضي، بياناً أفادوا بأنه يمثل طلاب الجامعات الخاصة في مدينة تعز، توجهوا به للجنة الطوارئ ورؤساء الجامعات الأهلية، من أجل التراجع عن هذه الخطوة والنظر في مسألة سداد الرسوم الجامعية.
صلاح الواسعي طالب صيدلة، وهو كاتب رسالة البيان عبّر في حديثه لـ”خيوط”، عن احتجاجه وأسفه، لأن الجامعات الأهلية “لم تمهل طلابها لترتيب أولوياتهم المادية والمعنوية بهذه الخطة، حيث أربكها فيروس كورونا في الأشهر التي مضت”، داعياً السلطات المحلية وممثلي الجامعات إلى مراجعة هذه النقطة تحديداً.